محمد الوشيحي

حشد… التي في خاطري

بسرعة صعدوا درجات السلم إلى الطابق العلوي، حيث تنام السلطة. طرقوا على بابها طرق الخائف المرتبك، ففتحت بابها بهلع: “خير إن شاء الله؟”، قالوا: “ومن أين يأتي الخير، عدونا الحقيقي قام بترتيب صفوفه، ووحّد لون قميصه”.
أسقط في يد السلطة، ونزلت مهرولة على السلم، تقطع ثلاث درجات بخطوة واحدة، ومن دون أن تغسل وجهها بالماء، وقبل أن تبل ريقها بقهوة أو غيرها، فتحت التلفزيون، ممنية نفسها أن يكون هذا الخبر مقلباً ثقيلاً، لكنها شاهدت الكارثة بنفسها: “الحركة الشعبية الدستورية (حشد) تعلن نفسها تياراً سياسياً”.
السلطة تعرف قبل غيرها تاريخ مؤسسي حشد، تعرف صفاتهم، ومهاراتهم، وقدراتهم، وتجمع المعلومات عن تفاصيلهم كلها، لباسهم، ووجباتهم المفضلة، وتسريحات شعورهم… السلطة تعلم أن حشد ليست هي رأس الحربة في المعارضة، بل هي المدفعية والمدرعات وجسم الجيش الرئيسي للمعارضة السياسية.
وهذا ما دفع السلطة إلى تكرار محاولاتها اختراق المعارضة، وضرب رموزها من الداخل، والتركيز على حشد (التكتل الشعبي آنذاك). لذا ألبست بعض أتباعها قميص المعارضة، وأمرتهم بتنفيذ مهمة واضحة ومحددة “التشكيك في رموز حشد وأهدافها”، وتعهدت لهؤلاء بتأمين الدعم الإعلامي، وتأمين ظهورهم بكل ما يلزم. وبالفعل استطاع هؤلاء، في بداية الأمر، زعزعة المعارضة الحقيقية، عندما غدرت بها، لكن المعارضة سرعان ما تنبهت للأمر، فأعادت ترتيب صفوفها، وعزلت هذه الفئة، وأبقتها بعيدة، على أن تلتفت إليها قريباً وتجتثها بعد أن “صلّعت”، وبان رأسها، أو قميصها الحقيقي.
عند حشد، لا محسوبية ولا منسوبية، على رأي العلامة علي الوردي. فقد رفعت حشد بيرقها البرتقالي، على قاعدة ثابتة: “لا طائفة هنا ولا إثنية، ولا حسب هنا ولا نسب، الشرط العنصري الوحيد (إن جاز القول إنه عنصري) هو أن يكون الحشدي كويتياً، أما الطائفة كما يراها الحشديون فهي الثبات على الموقف، والإثنية هي الصبر على الافتراءات والتلفيق، والحسب، في مقاييس حشد، هو الحفاظ على المال العام ومصالح المواطنين، والنسب هو تعزيز المكتسبات الدستورية وتطويرها إلى الأفضل”.
على أن السبب الرئيسي لتأخر إعلان حشد، طوال السنوات الماضية، بحسب رأيي، هو تطبيق المثل المعروف: “لا تقس عمق النهر بكلتا رجليك”. وقد أكون مخطئاً.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *