علي محمود خاجه

«دفعوا للداو عيل»

القطاع النفطي هو العصب الأساسي للدولة، فبدون نفط سنكون بدون دولة لأننا فقدنا كل مقوماتها لولا الأموال المتدفقة من بيع البترول التي تجعل الكويت قائمة ككيان اليوم، وإن نضب النفط غداً فستتوقف محطات الكهرباء والماء وتنهار الأسواق وستلغى الرواتب، وبالتالي تغلق الوزارات والمؤسسات ولن يتبقى لنا سوى مصنع الخبز والبسكويت، تلك حقيقة يجب استيعابها جيداً. طيب، هل نتحكم نحن في سعر بيع النفط أو كميات الإنتاج؟ الإجابة لا طبعاً فالمسألة مرتبطة باحتياجات السوق العالمي ولسنا من يقرر ذلك. إذن ما الذي يتحكم فيه الكويتيون في مسألة النفط؟ تقوم الدولة كل الدولة بإنتاج النفط وليس العاملين بالقطاع النفطي فقط، فموظفو وزارة الأشغال مثلاً يقومون بإنشاء الطرق كي يتمكن موظفو النفط من الذهاب إلى مراكز أعمالهم، و"الصحة" تسعى إلى توفير الرعاية الصحية لهم، و"التربية" تسعى إلى توفير التعليم لهم، وبالطبع ليس لهم وحدهم بل لبقية سكان الكويت أيضاً لكن لهدف واحد، وهو الاستمرار في إنتاج النفط والحصول على الأموال لسد الاحتياجات اليومية من ماء وكهرباء ورواتب وغذاء. بمعنى أننا في الكويت كل الكويت نعمل من أجل استمرار إنتاج النفط والحصول على الأموال لاستهلاكها في الحياة اليومية، وليس لبناء فعلي لدولة قوية متينة قادرة على تنويع مصادرها تحسباً لأي طارئ لا دخل لنا به. اليوم نتابع النقابات النفطية تهدد بالإضراب الكلي التام في حال تم العبث بما يسمى بمكافأة النجاح التي تمنح لموظفي القطاع النفطي نظير أرباح النفط التي كما أشرنا سابقاً ألا علاقة للكويت كدولة بها، بل هي مرتبطة بالسوق العالمي الذي يحدد أسعار البترول وكميات الإنتاج، وستخضع الحكومة كعادتها لهذا التهديد. طبعاً، إن مكافأة النجاح تلك ليست سوى أمر ابتدعه أحد وزراء النفط السابقين، وأعتقد أنه أحمد فهد الأحمد الصباح، وباتت تلك المكافأة كحق مكتسب لن يرضى العاملون بالقطاع النفطي التفريط به، وهي مكافأة لا أجدها منطقية أبداً لأنها كما ذكرنا آنفا غير مرتبطة بالعاملين بالقطاع النفطي في الكويت ولا بالكويت أصلاً، فإن كان نفطنا يباع اليوم بأسعار عالية فإن الفضل يعود إلى السوق العالمي وليس إلى الكويت هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن كان ولا بد من صرف هذه المكافأة، فيتوجب صرفها لكل الكويتيين، وتحديداً العاملين في وزارات الدولة ومؤسساتها لأنهم كلهم يساهمون في إنتاج هذا النفط. وإن سلمنا بأن مكافأة النجاح هي حق مكتسب للعاملين بالقطاع النفطي، وهو جزء من التقدير المادي لعطائهم وعملهم في حال الربح، فإن المنطق يقول إنه يجب أيضاً أن يدفع العاملون في القطاع النفطي من رواتبهم في حال الفشل، وهو ما يعني أن عليهم دفع غرامة "الداو" من رواتبهم مثلاً أو في حال حدوث عطل في أحد المصافي أو حتى تخفيض رواتبهم في حال انخفاض سعر النفط، ولا أعتقد أن هذا الأمر المنطقي سيرضي أحداً في القطاع النفطي. أقدّر جداً ما يقوم به القطاع النفطي من عمل شاق ولكن هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال قبولي بأساليب تعاطيهم مع مشاكلهم وفرض الرأي بالتهديد بالإضراب الكلي، ولكن مع الأسف فإن الحكومة سترضخ للتهديد كالعادة وهو ما يعني استمرار هذا الأسلوب دائماً. خارج نطاق التغطية: حصل المنتخب العراقي للشباب على كأس آسيا قبل أيام قليلة رغم الظروف الصعبة وشح الأموال وعدم الاستقرار الذي يعانيه العراق منذ سنوات، وما زال طلال فهد الأحمد يتذرع بشح الأموال لتبرير فشل منتخباتنا، وها هو العراق يثبت أن الإدارة لا تعني الأموال فحسب، بل هي تخطيط ورؤية يفتقدها طلال فهد ومن معه بكل تأكيد.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *