احمد الصراف

حوار الطرشان

عندما كنت أعيش في بريطانيا في منتصف الثمانينات، أعلمني صديق بأن والده، المحسن المعروف، شارك مجموعة من رجال الأعمال، وحكومات عربية، بالاستجابة لمبادرة الأمير شارلز، لتأسيس «مركز الدراسات الإسلامية في جامعة اكسفورد»، لزيادة تقارب الثقافتين الغربية، البريطانية، والإسلامية! وأنه أصبح عضوا فيه ممثلا لوالده. كان ذلك قبل ثلاثة عقود تقريبا، ولا أعتقد أن المركز، بالرغم من جهوده الكبيرة في ميادين النشر والمحاضرات والمنح الدراسية واللقاءات، وبشخصيات أمانته العامة المرموقة، قد نجح في ردم الهوة الشاسعة بين العالمين، والدليل زيادة حدّة التطرف واتساع الهوة بين المسلمين، وفي بريطانيا بالذات، والغرب عموما، بعد أن اصبح المسلمون، بشكل عام أكثر عدائية للغرب ولكل ما يمثله، ربما كان سبب فشل المركز وضعه الأقرب «للارستقراطية»، واختياره مخاطبة النخبة، وبعده عن مركز أو بؤر الصراع! وقد استغل البعض هذا وأسسوا ما يماثله بغية تحقيق الشهرة والمال من تبرعات الحكومات والشركات.
وفي السياق نفسه، عقد في اسبانيا قبل 3 سنوات مؤتمر، وصف بـ«التاريخي»، هدف الى فتح صفحة جديدة بين المسلمين وأتباع الديانات الأخرى، من خلال حوار حضاري شارك فيه بوذيون وهندوس ويهود ومسيحيون، وكان لسان حال الجهة المنظمة أنه لا ينبغي للأديان، التي اريد لها جلب السعادة للإنسانية، ان تكون اداة لصناعة البؤس، وأن كل افراد البشرية خلقوا على قدم المساواة، وهم شركاء على هذا الكوكب، فهم إما ان يعيشوا بسلام ووئام، او سيكونون لا محالة هالكين بنيران الحقد وسوء الفهم والكراهية!
وطبعا مرّ هذا الكلام الإنشائي دون اكتراث، بالرغم من جماله، فبعد أكثر من ألف يوم من ذلك المؤتمر، الذي ربما كان برعاية سعودية، لم يتغير شيء في الدول العربية الإسلامية في ما يتعلق بالتعامل مع اصحاب الديانات الأخرى، وربما كان العكس أقرب للصحة، خاصة بعد نتائج الربيع العربي التي بدأت «أزهارها» بالتفتح في مصر وتونس وليبيا، وربما قريباً في سوريا! كما أن تقارير المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان في الدول الخليجية لم يتغير فيها سطر عن الانتهاكات التي طالت ولا تزال تطال غير المسلمين، وحتى المسلمين المنتمين لأقليات، وبالذات في الدول التي تصرف بسخاء على مراكز ومؤتمرات تقارب الأديان وغيرها من الأنشطة المماثلة. ويعود سبب فشل هذه المراكز الى غياب حرية العقيدة في الدول الراعية، ولتنامي التطرف المذهبي فيها، كما أن إصلاح الوضع مع الآخر لا يمكن أن ينجح طالما أننا لسنا أقرب بعضنا لبعض داخل دولنا، فالإصلاح يبدأ من بيوتنا ومجتمعاتنا، وليس بنقله في طائرات حكومية رسمية وخاصة الى الخارج!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

فضفضات بدوي

كما هي مدينتي/ موطني الكويت مدججة بالفوضى في كل زواياها، أعيشُ مدججاً باللخبطة وبتراكم الأفكار غير المرتبة في كل زواياي.
غداً سأموت، أو بعد غدٍ، على أقصى تقدير وأبعد تفاؤل، فهل جازيت مدينتي بما جازتني به؟ هل سأموت مرتاحاً؟
كنت صغيراً أعيش في منطقة تقع قريبة من الاهتمام، اسمها “العمرية”، وغادرتها صغيراً، قبل أن أعرف العشق والحرف، إلى منطقة تقع خلف الاهتمام، اسمها “الصباحية”… وفيها تعلمت الهوى ومداعبة خصلات شعر تلك الصبية، وتعلمت الصياعة، والتدخين في الأماكن القصية بعيداً عن الشمس التي تشهد جلودنا على حضورها وغيابها، وتعلمت التحدي، وتعلمت الجري حافي القدمين، وتعلمت الكويت.
وُلِدتُ لأبٍ من النوع الذي يجب أن تقرأ الوصايا العشر قبل أن تجالسه، كان الفارق في السن يناهز الستين سنة والستين ثقافة والستين مبدأ والمليون أولوية، فلا ترفع كم ثوبك في حضرته، ولا تجلس، إذا جلست، إلا متأهباً لتلقي أوامر كبار السن، ولا تتحدث إلا عندما تُسأل، ولا تطل الإجابة، ولا تقهقه فالقهقهة للرعاة والعبيد، الابتسامة تكفي وتزيد، ولا تزحم المكان، ولا ولا ولا… كان ينثر لاءاته الناهية التحذيرية ببذخ، وكنا، أخوتي وأنا، نذعن بإتقان، فلا مجال للتحايل على لاءاته أمام حاجبيه المتحفزين على الدوام، إلا ما ندر… كان يرعب شوارع المنطقة فكيف بمن يشاركه البيت.
قال يوماً: “لن نجزي الكويت حقها ولو “حججناها” على ظهورنا… نقلتنا من الخيام والجوع إلى البيوت والشبع”، ومن يومها وأنا أهيم عشقاً بتلك الكويت التي آوت والدي وأشبعته. وقال ذات طريق سفر: “لا ينكر معروف الكويت إلا خسيس”، ومن يومها وأنا أخشى أن أكون خسيساً.
قد أكون أغضبت الكويت، من جملة من أغضبها من أبنائها. لا أعلم. الأكيد أنني كلما رأيت من يتكفل بإحضار الماء من البئر وحباله قصيرة، صرخت: “حباله قصيرة لن تصل إلى الماء… ستموت الكويت عطشاً”.
قد أكون أغضبت الكويت، من جملة من أغضبها من أبنائها، لا أعلم. الأكيد أنني أغضبت أقربائي لأرضيها، وخاصمت سراق الربيع والمطر ليعيدوا إليها ربيعها ومطرها… قال السراق ذات إغراء وإغواء: “المطلوب هو صمتك فقط، ولك منا ألا تستنشق إلا رائحة الخزامى البرية، وألا يبلل كفيك إلا قطرات مطر نقية، وألا يملأ بساتينك إلا فراشات ملونة، أو فلتحسب حساب الجراد”… وحسبت حساب الجراد.
عذراً يا كويت إن كنت أغضبتك أو ساهمت بجزء من الفوضى، من غير قصد… يشهد الله أنني لم أقطع عرقاً كويتياً بسيف: “من أنتم؟”، ولم أسع يوماً إلى نهش لحمك تحت شعار: “نريد أن نأكل معكم”، ولم أفاخر يوماً أن آبائي، أيام الغبار والدم، كانوا من بين جنودك الذين رفعوا “بيرقك”، في وقت كان فيه آباء البعض يجلسون على الموائد يتقاسمون “الذبيحة”… وكان نصيب أولئك الغبار والدم، ونصيب هؤلاء الذبيحة.
عذراً يا كويت فقد أصررتِ – أنتِ – على أن أكون “حضرياً”، وأصررتُ أنا على أن أرد جزءاً من جميلك بـ”بداوتي” وفوضويتي، كي لا أكون خسيساً في عينيك وعيني المرحوم… والدي.
عذراً يا كويت… وماري كريسميس.

سامي النصف

كي لا تكون الانتخابات الأخيرة!

  قبل التوجه لصناديق الاقتراع في الثاني من فبراير علينا ان نتوقف للحظة لنسأل انفسنا اسئلة مشروعة ثم نبني على اجوبتها قرارنا المحايد والجاد في انتخاب من يحل مشاكلنا ويقلل من ازماتنا ويحقق احلامنا، لا من يتكرر منه اشعال النيران.. ثم يزيدها باقواله وافعاله اشتعالا.

***

اول الاسئلة الجادة هو: هل نحن راضون عن مسارنا السياسي خلال العشرين عاما الماضية وما امتلأ به من ازمات وكوارث توجت بالغزو الغاشم الذي قام على معطى قراءة صدام الخاطئة لخلافاتنا الشديدة وافتراقنا وظهورنا بمظهر العاجز وصاحب الغفلة وقلة الحكمة ممن لا يستطيع حل مشاكله دون مساعدة الغريب على القريب؟

***

وهل نحن راضون حقا عن مسلسل الازمات والاستجوابات القائ‍مة على «الهوية» لا «القضية» والتي استهدفت في الاغلب الشرفاء والاكفاء وغضت النظر عن العاجزين والمتجاوزين؟! وهل نحن راضون كذلك عن محاربة انشاء لجان القيم ومحاسبة النواب مما ادى الى تفشى الفساد التشريعي الحالي وازدياد ظاهرة النواب القبيضة التي ما خلقها الا من أضاف «العصمة» الى «الحصانة» البرلمانية وجعل النائب من لا يسأل قط عما يفعل طمعا في حصد صوت النائب في الانتخابات التي تجرى تحت قبة البرلمان؟

***

وهل نحن راضون عن سبق الاشقاء من دول الخليج لنا بسنوات وعقود عدة بسبب الانظمة والتشريعات المعرقلة التي اوقفت عجلة التنمية في الكويت فهجّرت الافكار والاموال للخارج وتسببت في بطالة الشباب الكويتي؟ وهل نحن راضون كذلك عن المال السياسي الداخلي والخارجي والخروج للشوارع واستبدال الولاء للكويت بالولاء للمال ايا كان مصدره وجعل ارضنا الطاهرة ملعبا لحروب الوكالة بين القوى الاقليمية والدولية حتى كدنا نحترق اكثر من مرة؟

***

لنحسن الاختيار هذه المرة بعد ان اسأنا الاختيار اكثر من مرة، فالنائب العاقل والحكيم والمعمر بيّن، والنائب المغرض والمخرّب والمدمر بيّن كذلك مهما ادعى من طهارة ووطنية، واذا لم نحسن الاختيار في فبراير المقبل، فقد لا تتاح لنا فرصة اخرى للاختيار فبلدنا والمنطقة على كف عفريت والاوضاع قد تتدهور سريعا بين لحظة وأخرى وحينها سنندم على اختيارنا الخاطئ وما صنعته ايدينا.. حين لا ينفع الندم.

***

آخر محطة:

 1 – مع قيام الجارة ايران بمناورات عسكرية ضخمة هذه الايام وهو حق مطلق لها، نسأل انفسنا لماذا لا نرى مناورات جوية وبرية وبحرية خليجية كل عام؟ وهل سننتظر حتى وقوع الفاس بالراس كما حدث عام 90 لنتحرك؟ وهل تسلم الجرة في كل مرة؟!

2 – من يعتمد في آماله واحلامه على القوى العسكرية الحليفة وحدها، هل لنا أن نذكره بسقوط واحتلال دولة كبرى كفرنسا في مايو 1940 رغم وجود مئات آلاف من القوى الحليفة التي خرجت من ميناء «دنكرك»، وسقوط فيتنام الجنوبية في ابريل 75 رغم وجود نصف مليون جندي اميركي على ارضها؟ وهل من مذكر بأن بقاءنا ومستقبل ابنائنا يعتمد بشكل مطلق ودون مبالغة على كيفية تصويتنا في الانتخابات المقبلة.. فلنحسن الاختيار..

فلنحسن الاختيار ولنحسن الاختيار فعلا لا قولا..!

احمد الصراف

سمو الرئيس.. معذرة.. البداية خاطئة!

اتصل بي قبل سنة تقريباً السيد صلاح الغزالي، رئيس جمعية الشفافية، وطلب موافقتي على نشر مقال لي في كتاب الجمعية السنوي الذي يتضمن انجازاتها ونخبة من المقالات التي كتبت في اتجاه فكر الجمعية ورسالتها، فشكرته على عرضه وقلت له انني أود معرفة اسماء الكتاب الآخرين الذين سيشاركونني في الكتاب بمقالاتهم، وعندما ذكر البعض منهم اعتذرت عن قبول العرض قائلا انه لا يسعدني، وربما استخدمت كلمة أكثر قسوة ودقة، أن أشارك هؤلاء في الكتاب نفسه، ليس لأنني أفضل او اشرف منهم، ولكن فقط لرغبتي في النأي بنفسي عن البعض! لم يرتح السيد الغزالي لما ذكرته وحاول ثنيي عن قراري، ولكني اصررت على موقفي قائلا ان على الجمعية أن تبني أحكامها على موقف أي كاتب أو باحث من خلال مجمل ما يكتب، وليس من مقال أو اثنين!
اقول ذلك بمناسبة اختيار سمو رئيس مجلس الوزراء لـ «جمعية الشفافية»، التي يرأسها السيد صلاح الغزالي، ومعه مجموعة معروفة الاتجاه، لمراقبة الانتخابات من خلال خمسة او ستة مراكز، وحصر الحق فيها من دون غيرها من جمعيات نفع عام أكثر قوة وتخصصا وحيادية كالمحامين وحقوق الإنسان، هذا على سبيل المثال لا الحصر. فاتجاه جمعية الشفافية يميل بقوة لخط حركة «حدس»، الذراع المحلية للتنظيم العالمي لحركة الإخوان المسلمين. كما أن السيد الغزالي، كما ذكر الزميل أنور جمعة في مقال الخميس، سبق أن رشحته شخصية «حدسية» لرئاسة هيئة مكافحة الفساد! فكيف يمكن قبول أو بلع تكليف جمعيته بمراقبة الانتخابات وهو طرف غير محايد ولاعب رئيسي فيها؟ وهنا نتمنى على سمو رئيس الوزراء عدم بدء عهده بمثل هذه الشائبة، والتكرم إما بإلغاء تكليف الجمعية بالمهمة، أو مشاركة أطراف اخرين، أكثر دقة وحيادية وقوة، كـ «المحامين» و«الثقافية النسائية» و«الخريجين» و«حقوق الإنسان» في مهمة مراقبة نزاهة الانتخابات وشفافيتها.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

أعداء الوحدة الخليجية

قرار مؤتمر القمة الخليجية الأخير، الذي تحدث عن «الوحدة الخليجية» أو الانتقال من التعاون الى الاتحاد، هو قرار وافق طموحات شعوب هذه الدول، خصوصا الكويت والبحرين وقطر، التي تتعرض يوميا لتهديدات فارسية وعراقية! هذا القرار كان واضحاً منذ يومه الأول، وهو التحول الكونفدرالي وليس الوحدة الشاملة أو الاندماجية. بمعنى أن الاتحاد مرتبط بالسياسات العامة كالخارجية والدفاعية والنفطية ووحدة النقد وجواز المرور. أما الشأن الداخلي فكل دولة تحكم نفسها بطريقتها الخاصة ودستورها الخاص، وهذا الكلام أعدناه في هذه الزاوية مرارا وتكرارا حتى لا يأتي أعداء الكويت ومحبو الخليج الفارسي ويتعلقون بخصوصية المجتمع الكويتي ودستوره لرفض هذه الوحدة التي تعيق تحقيق طموحات فارس والعراق!
ولم أستغرب تسارع تصاريح الرفض والتخويف من أتباع التوجهات الفارسية في الكويت، حيث أصدر وكيل الأطماع الفارسية بيانا ندّد فيه بهذه الخطوة واعتبرها مخالفة للدستور الكويتي (!!) وأن مثقفي الكويت يرفضونها، ونسي أو تناسى أن خمسمائة من مثقفي دول مجلس التعاون الست اجتمعوا قبل أشهر في البحرين وأسسوا منتدى وحدة الخليج والجزيرة العربية، وأن الأمين العام من دولة الكويت، وأن هذا المنتدى طالب هذه الحكومات بالنظر بجدية في الوحدة التي تحفظ أمن هذه الدول ووجودها في مقابل التهديدات المتلاحقة من الجيران وغير الجيران (لا بارك الله فيها من جيرة)!
إننا ندرك أننا في زمن «لا مكان اليوم للضعفاء»، وأن الدول الصغيرة ما لم تكن مستندة الى جيش قوي أو حليف قوي (ما يقطك على صخر) فإن مصيرها الفناء، وستكون أسيرة للتهديد والابتزاز من الأعداء!
نعم كبيرة للاتحاد الكونفدرالي بين دول مجلس التعاون.. فقد تعبنا ومللنا من ابتزاز الاشقاء والجيران.
•••
• التعامل الراقي الذي تحلى به طرفا النزاع بالأمس كان لافتا للنظر.. فـــ«البدون» الذين تجمعوا مطالبين بالالتفات الى أبسط حقوقهم.. وقوة الشرطة المنوط بها حفظ الأمن في منطقة التظاهر.. كلاهما كان راقيا وأعطى صورة مختلفة عن صدامات سابقة مشوهة للكويت والجو الديموقراطي الذي تعيشه! فشكرا كبيرة للطرفين.
•••
• بالمناسبة، أجد نفسي مضطراً الى الثناء على الأخ صالح عاشور (على غير العادة) لاقتراحه ومناشدته «الداخلية» والأخ الكبير صالح الفضالة، استعجال تجنيس الخمسة والثلاثين ألفا الذين أقر رئيس الجهاز بأحقيتهم في الجنسية ومعالجة البقية الباقية بأسلوب إنساني.. فشكرا كبيرة أخرى للأخ عاشور.
•••
• أخيرا، أتمنى من بعض المرشحين لمجلس الأمة المقبل أو من أعلن نيته بالترشح، أن يستمر الى نهاية المشوار ولا يتحجج بأي عذر للانسحاب، لأننا بصراحة ودنا نعرف حجم شعبية هؤلاء.. هذا إذا سمح لهم بالترشح!!

سامي النصف

الوحدة العسكرية قبل الاقتصادية أو السياسية

  عجبنا كل العجب من بعض المراقبين العرب ممن يتهمون مجلس التعاون الخليجي بمناسبة أو دون مناسبة بأنه لم يحقق الوحدة الخليجية المنشودة، وعندما يعلن القادة الخليجيون عن رغبتهم في تعجيل ذلك الاتحاد يبدأ نفس المراقبين بالتساؤل وبخبث شديد عن أسباب تلك الدعوة وعما إذا كانت تعكس ضعفا خليجيا أمام الأحداث والمتغيرات المستجدة؟!

***

ما يغري الطامعين ـ بلدانا كانوا أو أفرادا ـ هو توافر الثروة مع ضعف عدة وعتاد من يملكها، وما علينا كخليجيين إلا أن نفرد خارطة المنطقة لنلحظ كم المخاطر التي تحيط بنا جميعا، ففي الشمال العراق وسورية وأنظمة غير مستقرة أمنيا، وفي الشرق إيران وإشكالات حادة مع المجتمع الدولي وتدخلات في شؤون دول المنطقة، وفي الجنوب اليمن وأوضاعه المتفجرة، وفي الغرب مصر والسودان غير المستقرتين سياسيا واقتصاديا وأمنيا، وواضح أن مشاكل تلك البلدان المحيطة بدولنا من كل جانب ستنعكس سلبا على الأوضاع في دولنا شئنا أو أبينا.

***

إن تجربة الاتحاد الأوروبي تظهر أن توحدهم الاقتصادي المتمثل بالسوق الأوروبية المشتركة التي أنشئت عام 1957 وتوحدهم السياسي الذي قام بعد عام 1992، قد سبقتهما بمراحل عملية التوحد العسكري، أي إنشاء حلف الناتو الذي تم في عام 1949 ومن ثم قيام جيوشهم بالمناورات العسكرية المشتركة التي تتم تحت أنظار العالم وكاميرات الإعلام كل عام بقصد الإعداد والجاهزية لرد الطامعين وتأمين الحدود، ولو قمنا بذلك الأمر منذ إنشاء مجلس التعاون عام 82 لما غزيت الكويت، ولما تحرك الحوثيون وغيرهم من الطامعين بدولنا والذين يغريهم تفتتنا وتشرذمنا.

***

آخر محطة:

(1) لمن يمارس السياسة في بلدنا منذ عقود ولايزال يجهل «ألف باء» مبادئها، الاتحاد الكونفيدرالي يتيح لكل دولة خليجية خصوصيتها (دول الاتحاد الأوروبي منها الملكية والجمهورية وحتى الديكتاتورية إبان حكم العسكر في البرتغال واسبانيا واليونان) ولا يتطلب الاتحاد أن يفرض أحد نظامه السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي على الدول الخليجية الأخرى.

(2) هل الديموقراطية الكويتية التي أساء لها بشدة من يدعون الوصل بها هي، القدوة الحسنة في النجاح والإنجاز التنموي كي نضعها كشرط «تعجيزي» للوحدة الخليجية؟! وهل من يتحدث باسم الديموقراطية يؤمن حقا بالديموقراطية وهو الذي لا يقبل قط بالرأي والرأي الآخر، بل يقود بعض القوى السياسية المنخدعة به بديكتاتورية مطلقة من.. كارثة الى كارثة؟!

(3) هل أعطى الشعب الكويتي صك وكالة لأحد كي يتكلم باسمه ويضع شروطه التعجيزية (المنزلة عليه من الخارج) والكفيلة بإفشال ذلك الحلم الجميل لشعوبنا الخليجية كافة حيث يهدد عدم قيام تلك الوحدة بقاء تلك الشعوب وديمومتها؟!

احمد الصراف

قمة النجاح البشري

لو قمنا برسم خط يبدأ من سطر ويرتفع بشكل منحنٍ ثم يستوي قليلا قبل أن يعود وينحدر للجانب الآخر مشكلا ما يشبه القبة، لوجدنا أنه يمثل مختلف محطات النجاح في حياة الإنسان، والرجل بالذات، من سنواته الأولى حتى وصوله إلى «أرذل» العمر. ففي سن الثانية يحقق الطفل قمة النجاح بقدرته على السير بضع خطوات من دون مساعدة، ويرى تأثير ذلك على وجهي والديه، وهما يشجعانه على الاستمرار في السير. ثم يرتفع سقف النجاح قليلا لتصبح قدرته على التحكم في نفسه وعدم التبول في ملابسه الداخلية انجازا يستحق الكثير من «التصفيق والصفير». وفي سن الثانية عشرة يتمثل النجاح في القدرة على خلق الاصدقاء والاحتفاظ بهم. أما في سني المراهقة فالنجاح يتمثل مثلا في تعلم قيادة السيارة، وبهذا سينتقل التحدي وتحقيق النجاح لمرحلة جديدة، ربما اكثر صعوبة، وتتمثل في القدرة على التواصل مع الجنس الآخر، وربما بعدها في القدرة على ملاطفته وربما ممارسة «الحب» معه. وبعدها تتغير اللعبة قليلا من نجاح دراسي والحصول على وظيفة إلى ما هو أكثر صعوبة، عند بلوغ الــ35، وذلك بالنجاح في تحقيق الثراء وليستمر هدف هذه المرحلة حتى الخمسين وما بعدها قليلا، والتي تتمثل في الوصول لقمة القبة أو الهرم ليبدأ بعدها النزول، أو الانحدار، المعنوي غالبا، وليصبح مقياس النجاح متمثلا في الستين من العمر في القدرة على الاستمرار في ممارسة «الحب»! وفي سن الــ70 يتمثل النجاح في الاستمرار في الاحتفاظ بإجازة قيادة السيارة، وتجنب مصادرة الشرطة لها، بسبب ضعف النظر أو السمع أو كليهما! وفي عمر الــ75 يصبح مقياس النجاح عدد ما تبقى من أصدقاء، بعد أن اصبح غير قادر على السهر أو السمع بسهولة، أو الرغبة في الخروج من البيت. وفي سن الثمانين يصبح النجاح، كما كان في سن الرابعة، يتمثل في القدرة على قضاء الحاجة في الحمام وليس في الملابس! ثم يصل الرجل للتسعين عمرا وهنا تصبح القدرة على المشي قمة ما يصبو اليه من نجاح، كما كانت المقياس في عمر السنتين. نقول ذلك ليس للتسلية فقط، بل لتذكير انفسنا بما ينتظرنا في المستقبل القريب، متمنين للجميع الصحة وعمرا طويلا، فليس هناك ما هو أسوأ من عمر طويل وأمراض عدة.
(من الإنترنت، بتصرف كبير).
***
ملاحظة: نبارك لجميع الأخوة المسيحيين ومحبي السلام بعيدي الميلاد المجيد (الكريسماس ورأس السنة)، ونتمنى أن تكون السنة المقبلة أكثر بهجة وجمالا.

أحمد الصراف

حسن العيسى

نهاية مشاكس حر

مات ليلة الجمعة الماضية الكاتب الأميركي من أصل إنكليزي كريستوفر هتشنس، بعد صراع مرير مع سرطان الغدة، وكان هتشنس كاتباً “إشكالياً” بمعنى الكلمة، فلم ينسق لمذهب فكري محدد حتى يحمل وزره في ما بعد، فقد كان يعد من كُتاب اليسار التروتسكيين في شبابه، وذهب إلى كوبا في نهاية الستينيات بتأثير الحماس للثورة الكوبية، وعاد بتجربة سيئة عن الاستبداد، وكان أحد النجوم في أيام ثورة الشباب في ذلك العقد، وتم القبض عليه أكثر من مرة. إلا أنه كانت له مواقفه الراسخة ضد مؤسسة الحكم، وترك في ذكرياته بكتابه “هتج 22” لحظات عقلية ممتعة طاف فيها بطفولته وعلاقته مع والده الضابط الكبير بسلاح البحرية الإنكليزية، ثم إصرار والدته البولندية الأصل التي أرادت أن يكون لابنها الأكبر مكانه المميز بالأدب الإنكليزي في أعرق الجامعات الإنكليزية (كمبردج) وسطر في تلك الأيام بداية حبه وعلاقاته مع أصدقاء عمالقة في الأدب والنقد. وحسب مذكراته لم يكن يعرف أن والدته يهودية حتى انتحارها بسبب الاكتئاب وتجربة عشق فاشلة، ولابد أن مثل تلك الحكاية تركت آثارها الكبيرة في نفس الشاب الصغير.   المثير في كتابات هتشنس موقفه الرافض للأديان كلها بلا استثناء، وتعالت شرارة عدائه للدين ناراً ملتهبة بعد فتوى الخميني بهدر دم سلمان رشدي الذي كانت تربطه به علاقة صداقة وطيدة، ثم زادت جرعة عدائه بعد أحداث 11 سبتمبر، وكانت له قناعة ثابتة أن كل مؤمن بدين ما لابد أن يكون متطرفاً، لأن المؤمن يرى أن دينه هو الحق والآخر والآخرين على باطل. وطاف هتشنس طول الولايات المتحدة وعرضها يحاجج رجال الدين دون كلل أو تعب، وشاهدت إحدى مناظراته مع أربعة من الحاخامات اليهود، وكان الأربعة منفتحين على الرأي الآخر، وقال أحدهم صراحة “أنا مؤمن علماني وأصدق كل ما يقوله هتشنس، لكن بعد الموت قد تكون هناك حياة أخرى فما الضير أن أكون مؤمناً بها وما خسارتي؟”، لكن حتى بتلك المقولة لم يسلم قائلها من سهام هتشنس الناقدة. كان يتكلم هتشنس بهدوء وبثقة عالية ويقاطعه الجمهور بالتصفيق مرات ومرات.  غير الملحدين لم يسلموا من قلمه، حتى الرئيس الأسبق كلينتون اتهمه بإغواء الفتاة المسكينة لوينسكي، كما انتقد الأم تريزا وغاندي وأبدع في الهجوم على كيسنجر، حتى أن أخاه الكاتب بيتر هتشنس كان له هو الآخر نصيب من النقد المؤلم.  يقر كريستوفر- الذي قرأت الكثير من أعماله التي أنا على يقين أنها لن تترجم للعربية أبداً بحكم الثقافة المغلقة غير الواثقة من نفسها ومن إيمانها- أنه كان يشرب الخمر بكثرة ويهواها، لكن الخمر لم تؤثر على قدراته العقلية أبداً، وهذه لم تكن شهادته وحده فقط بل هي شهادة من عاصروه ولمسوا قدراته المذهلة، إذ كان يكتب أكثر من ألف كلمة يومياً حول أصعب وأدق مواضيع النقد في السياسة والفلسفة والأدب. حتى أنه قبل وفاته بأيام قليلة نهض من سريره بمساعدة أحد أصدقائه وأدوية السرطان والأشعة والمورفين كانت تنهش في جسده إلا أنها لم تؤثر على عقله الواعي، وكتب مقالاً طويلاً في الأدب (نشر مقدماً بعد وفاته في مجلة فنيتي فير عدد يناير المقبل). كان جسده ميتاً تقريباً، لكن عقله كان ينبض بالحياة وروح التحدي للموت.  وفي لقاء له قبل وفاته بأيام سئل: هل تخشى الموت؟ وألم تحن ساعة التوبة؟ فنفى بشدة وقال: “إنني لا أختلف عنك في أي شيء، فكلكم ستموتون، إلا أن معدل سرعتي للنهاية أخذت تتسارع أكثر منكم!”. مات هتشنس بعد أن اتهمه رفاقه اليساريون بالخيانة، لأنه شجّع وأيد التدخل الأميركي في أفغانستان والعراق. كان يرى نهاية أي مستبد هي عمل خير في حد ذاته بصرف النظر عن نوايا المتدخلين، كما كان لهتشنس مواقفه الصلبة بشأن ضرورة تدخل قوات “النيتو” لإنقاذ مسلمي كوسوفو، وتركه أهل اليسار بحجة تهوره في هذين الموقفين حين نقض مقدساتهم بلا هوادة. من تلك النقطة عارضه كاتب الـ”نيويورك تايمز” كوهين في مرثيته بأن العبر لا تكون في نهاية طاغية ما بقدر ما تكون بخواتيم الأمور، أي بما يتركه غياب ذلك الطاغية من شرور قد تكون أكبر. ما يثير دهشتي اليوم هي تلك الشجاعة التي واجه بها هتشنس ساعات الموت، وقدراته العجيبة على العطاء العقلي حتى في لحظاته الأخيرة. فأكثر الناس يؤمنون خوفاً مما بعد الموت، فالحياة في حقيقتها عبث لا طائل منه (أدب اللا معقول)، ولا يشذ عنهم إلا فئتان هما على طرفي نقيض، وهما الملحدون والمؤمنون.  بقي القول إن الموت لم يمهل هتشنس ليقول كلمته في الثورات العربية اليوم، ويبدو لي أيضاً أن هتشنس رغم موسوعيته الضخمة لم يكن على صلة قوية بالفكر الصوفي وتاريخه الرائع والفكر الإسلامي.

احمد الصراف

مقال سعودي طريف

قرأت هذا المقال على الانترنت، الذي سبق أن نشر في مطبوعة سعودية، ولسبب ما فقدت اسم كاتبه، وأنشره هنا لطرافته، بعد اضافة لمسات خاصة عليه:
«… دعتنا الغرفة التجارية للقاء الوفد التجاري الفنلندي برئاسة فخامة رئيسة جمهورية فنلندا، وهذه بعض خواطر تلك الليلة الممتعة:
قدّم لنا رئيس منتدى جدة الاقتصادي معلومات عن فنلندا، بيّن أن هذه الدولة تعدّ من أكثر دول العالم تطوّراً في الخدمات الاجتماعية ومن أعلاها دخلاً للفرد. وقدّم معلومة طريفة من احصائيات الأمم المتحدة بأن شعبها من أكثر شعوب الأرض سعادة! وفي سؤال لأحد الحضور عن سبب كون شعب فنلندا من اسعد شعوب الأرض؟ أجاب معالي الوزير بأن ذلك يعود لستة عوامل، ليس بينها اي عامل ديني، بل الطبيعة الجميلة جداً أولاً، وثانياً قدرتهم على الاستمتاع بأداء عملهم باخلاص، اما الأربعة عوامل فلحكومتهم دخل مباشر فيها:
أولا: الشفافية وانعدام الفساد الاداري، كأني به قال «الفساد شبه منعدم ولا نعرف أصلاً عمولات أو رشى أو استقطاعات أو منح أو استثناءات، اما الشرهات فهو علم لا يعلمونه».
ثانيا: العدالة الاجتماعية، حيث ان الفوارق الطبقية هي كأدنى ما تكون.
أما ثالثا فهو الاستقلال التام للقضاء. ورابعا التعليم الجيد مع الضمان الصحي الممتاز!
وقال الوزير إن مستويات التنمية في فنلندا ارتفعت بشكل كبير، وانهم بدلا من تصدير الأخشاب، كما كانت حالهم لسنوات، فانهم الآن يصنعون منه الورق ليصبحوا بذلك أهم منتج له في العالم، فرفع ذلك الدخل بشكل هائل. فتخيّلت كما لو أنهم دولة بترولية لا يصدّرون أي برميل خام، بل يصدّرون منتجات البترول بالفارق الهائل في السعر بين البترول الخام ومنتجات البترول! وقال ان فنلندا دولة من خمسة ملايين نسمة فقط، ودخلها القومي هو 650 مليار ريال سنويا، أي أكبر من دخل دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة.
وعلىالرغم من ارتفاع مستويات الأجور فانهم لم يستقدموا أيدي عاملة رخيصة من الهند وبنغلادش وباكستان والفلبين.
ويستطرد الكاتب في القول انه كاد يسأل معالي الوزير الفنلندي هل حرية ابداء الرأي مكفولة للشعب الفنلندي الصديق، ولكن خاف عليه من الصدمة. وقال إن في فنلندا لا دخل من دون عمل، الا للعاجز، سنا أو ذهنا. ففنلندا هي منتجة تليفونات محمولة في العالم، أي هم الشعب الأكثر انتاجا للتليفونات للشخص الواحد ونحن الشعب الأكثر استبدالا واستهلاكا له للشخص الواحد. وفي فنلندا لا يقولون «حكومتنا الرشيدة»، فهي لا تنتج أي برميل بترول، وجوها شديد البرودة، مما قلص أنواع الحيوانات، فلا توجد لديهم نوق وجمال، وهذا حرمهم نعمة التمتع بمسابقات مزايين الابل، (التي توقفت في الكويت مع خروج الشيخ أحمد الفهد من الوزارة، بعد ان استمتعنا كثيرا بأدائه في النفط والكهرباء).
ويختم الكاتب مقاله إنهم في فنلندا لا يتبعون سياسة الباب المفتوح، بل سياسة الأبواب المغلقة بالتنظيم والقانون، وكل يأخذ حقّه كاملا، وحقّه فقط، من دون اللجوء الى «طويل العمر»!.

أحمد الصراف

سامي النصف

الشباب ليسوا دائماً على حق!

  في 26/1/1952 أحرق الشاب الأرعن أحمد حسين وصحبه من أعضاء «حزب مصر الفتاة» القاهرة، مستغلاً نقمة الشعب المصري على مذبحة الشرطة بالإسماعيلية في اليوم السابق التي تسبب فيها وزير الداخلية الوفدي الشاب فؤاد سراج الدين، وقد نتج عن ذلك الحريق الشهير حالة عدم استقرار سياسي واضطرابات انتهت بانقلاب 1952 المشؤوم، مصر وليس القاهرة فقط تحترق هذه الأيام بأيدي شبابها في انحدار آخر يوصل سريعا لمشروع الفتنة الكبرى التي سينتج عنها تقسيم مصر وإشعال الحرب الأهلية فيها.

***

وقد وصلت مصر الحبيبة للحالة المأساوية الحالية ضمن مشروع شرير سيق له الشباب المصري بطهارتهم وحسن نيتهم، وقد بدأ المخطط قبل سنوات عشر وبشكل تصاعدي شوه فيه وبشكل مبالغ فيه صورة النظام السابق وزاد من الحنق الترويج لمسلسل التوريث ثم التزوير الفاضح وغير المبرر لانتخابات مجلس الشعب، تلاه إبعاد رجال الداخلية مع بداية هذا العام وعزل رجال الجيش هذه الأيام لتعم الفوضى ويهرب المستثمرون والسائحون وتتفشى بطالة الشباب فيسهل تجنيدهم لتخريب بلدهم كما حدث في لبنان 1975 وعراق 2003 وقبلهما الصومال.

***

إن الشباب في مصر والكويت كذلك هم النقاء وصفاء السريرة، وهم من يرتفعون بطهارتهم فوق التخندقات الفئوية والطائفية والقبلية إلا انهم ليسوا دائما على حق، خاصة مع قلة الخبرة والتجربة فهم خير من يهدم القديم إلا انهم ليسوا بالضرورة أحسن من يبني الجديد، فقد انتهى حراك الشباب لدينا قبل سنوات قليلة بالتحول للنظام الانتخابي الحالي الذي أسس وأطّر للفساد التشريعي القائم وغير المسبوق في تاريخ الكويت.

***

وعودة للأوضاع العربية الراهنة وحقيقة ان دخول العديد من دولنا العربية في «هوجة» الخريف العربي هو الجزء الأسهل من المعادلة، اما الجزء الصعب والتحدي الحقيقي فهو في الخروج السالم من تلك «الهوجات» او الثورات التي يمكن تشبيهها بمجموعة من البشر سقطت في وقت متقارب في بحر هائج متلاطم الأمواج، الذي يجيد العوم سيخرج أولا (تونس)، سيتلوه من يملك مؤهلات الخروج كالجسد الرياضي واللياقة البدنية إلا انه لا يتقن السباحة بشكل جيد (ليبيا)، الإشكال الحقيقي هو في ثقيل الوزن كبير السن الذي قد لا يخرج قط سالما من أعماق ذلك اليم (مصر، اليمن، سورية، وحتى العراق والسودان والجزائر لاحقا).

***

آخر محطة:

(1) هلل الشباب المصري المغرر به لحرق تراث مصر الذي لا يعوض ومنه مجموعة كتب «وصف مصر» التاريخية، في مكتبة البابطين مقابل الخارجية نسخة أصلية نادرة لتلك المجموعة اشتراها محب الكتب والتراث والأدب الأخ عبدالكريم البابطين من مزاد في لندن بمبلغ ضخم وقد عرض عليه بعد وقت قصير ضعف المبلغ الا انه رفض البيع، جزى الله الأديب والشاعر عبدالكريم وآل البابطين الكرام كل خير على إنشائهم مكتبة البابطين العامرة التي رفعت اسم الكويت عاليا في منتديات الثقافة والفكر والأدب العربي والعالمي، وأخزى الله كل من حاول إفشال ذلك المشروع الكويتي غير الربحي الخيّر.

(2) نرجو من الشباب الكويتي الواعي ان يطلبوا ممن يدعي حبهم وودهم ان يتنحى ويعلن اعتزاله ليتيح لهم الفرصة هذه الأيام للوصول لمجلس الأمة لتحقيق أفكارهم وطموحاتهم الهادفة لخدمة وطنهم وليرفعوا شعار «كفاية» لبعض المرشحين.

(3) من يرفض الاعتزال اعلموا انه لا يستهدف الصالح العام بل يخدعكم ويستغلكم للوصول لمكاسبه الشخصية وزيادة ثروته على حساب مستقبلكم، فانبذوه واعتزلوه وادعموا ترشح شباب واعملوا على وصول دماء جديدة نقية وطاهرة للبرلمان وان تخدعوا مرة فخادعكم المخطئ والمذنب، اما ان تخدعوا كل مرة فأنتم الملومون، ولن أقول: المغفلون، فأنتم يا شباب الأمة أملنا وحلم مستقبلنا وأنتم أذكى بكثير من ان يتكرر خداعكم من نفس الأسماء وتحت نفس الشعارات البراقة.

(4) تحية قلبية لصديق الكويت اللواء حسام سويلم ودفاعه القوي في وسائل الإعلام هذه الأيام عن مصر العزيزة أمام من يستهدف أمن شعبها ومستقبل شبابها.