سامي النصف

دمعة ساخنة على قبر ريما

مع تشكيل الحكومة الجديدة ولربما قرب انتخاب المجلس النيابي الجديد نضع جملة أخطاء وممارسات ماضية للحكومات المتعاقبة والقوى والكتل السياسية المختلفة، نرجو توقفها لأجل كويت أفضل وإيقافا لمشاريع تأزيم مستقبلية لم يعد الشعب الكويتي يحتملها بعد ان تسببت في تخلفنا، ومن ذلك:

1 ـ ضرورة ان يتوقف مرشحو مجلس الأمة عن إفشاء الثقافة السالبة في المخيمات الانتخابية ومحاربة حكومة لم تشكل بعد (!!) ومن ثم جعلهم أسرى لوعودهم ولمبدأ «المعارضة لأجل المعارضة» الذي أرغم الحكومات المتعاقبة على البحث عن الداعمين لها بكل الوسائل والأثمان، فما الذي يضر فيما لو تم تبني الطرح الموجب كوضع خطط لتحسين مستوى المعيشة والخدمة الصحية …الخ، كالحال في جميع الديموقراطيات الأخرى؟!

2 ـ على الحكومة ان تحد من استخدام المال السياسي كونه يثير الحنق الشديد عند الآخرين، ومثل ذلك التوقف عن الاعتماد على تكتل فئوي او طائفي كونه يخسرهم دعم من لا ينتمي لتلك التكتلات، فالمؤيدون والمعارضون يجب ان يكونوا من كافة الأطياف والطوائف.

3 ـ على المعارضة ان تتوقف عن تقديم سوء النوايا تجاه الحكومة الجديدة والتوقف عن اساءة استخدام او التهديد باستخدام أداة الاستجواب.

4 ـ على الحكومة ان تحرص على حصد الدعم الشعبي لا الاكتفاء بالتأييد النيابي عبر الاستخدام الأمثل والذكي لوسائل الإعلام، وان تستخدم مؤيديها من النواب في تمرير وتعديل القوانين والتشريعات لا الاكتفاء فقط بحشدهم عند الاستجوابات.

5 ـ على المعارضة ان تحارب الفساد لا بالتصريحات بل بالتشريعات وفي مقدمتها إنشاء «لجنة قيم» كحال جميع الديموقراطيات الأخرى لمحاسبة الفاسدين من النواب وقانون «الذمة المالية» وأي شيء أقل من ذلك.. هو ذر للرماد في العيون.

6 ـ على الحكومة ان تحرص على تطبيق القوانين والحفاظ على المال العام ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب وتقديم الأذكياء والأكفاء والأمناء على حساب من يجمعون.. الحرمنة والحمرنة..! وما أكثرهم في دهاليز الوزارات والمؤسسات الحكومية!

7 ـ على المعارضة ان تبادر بتعديل التشريعات التي تسببت في أفدح الضرر بالعملية التنموية في الكويت كمشروع «B.O.T» وقانون «الكويتية» وان تلتزم بقانون تجريم «الفرعية» حفاظا على الوحدة الوطنية التي برزت مؤخرا بين الشباب الكويتي ونرجو عدم النكوص عنها.

8 ـ على الحكومة ان تبتعد عمن يخسرها حب وود ودعم الناس، وقد قال الداهية معاوية «أحب الناس من حبب الناس فيّ»، وقال بعده الداهية درزائيلي «السياسي الجيد هو القصاب الجيد»، اي الذي يبعد من يضره وينفر الناس منه.

9 ـ على المعارضة ان تتوقف عن إملاء الشروط كضرورة إبعاد هذا الرئيس وحتمية تنحية ذاك الوزير.. الخ، فتلك أقوال وممارسات تضرب صميم عمل الدستور وتشريعاته المختلفة.

10 ـ على الحكومة ان تقبل بنتائج الانتخابات النيابية أيا كانت وتتعامل معها بإيجابية، وعلى المعارضة ان تقبل بنتائج التصويت تحت قبة البرلمان وتتعامل معها بايجابية وألا تلجأ للخروج للشارع كلما خسرت.. ولنا عودة لاحقة.

*****

آخر محطة:

(1) هطلت دموع من تابع على موقع «العربية» بالصوت والصورة النهاية المأساوية للشابة السعودية المفعمة بالحياة ريما نواوي (28 سنة) فنية طب الأسنان والمؤلفة ورسامة الكاريكاتير والمتحدثة بسبع لغات، والتي صارعت مرض السرطان بالابتسامة وحب الحياة فزرعت الأمل في قلوب الملايين ممن تواصلوا معها وتابعوا معاناتها عبر الإعلام ومواقع التواصل حتى فارقت الحياة ليلة الخميس الماضي.. الحياة جميلة وقصيرة فلنستمتع بها بدلا من التصارع وإحالة حياتنا وحياة الآخرين الى جحيم حتى آخر لحظة.

(2) أفريقيا يقتل شعوبها مرض الإيدز، والعرب يبيدهم مرض السرطان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

حسن العيسى

تسييس السياسة هو حدثنا التاريخي

حيرتني نائبة الحكم والأمثال التي يسجلها التاريخ الإنساني بسطور من ذهب سلوى الجسار ويا رب تحفظها من العين، فقد بصمت معها، وهللت لها حين ألقت مأثورتها العظيمة، في زمان من يوم عصيب، وبمكان اسمه برلمان التابعين، حين دوى صوتها عالياً وسط صمت الحاضرين بعبارة: “يا جماعة لا تسيسون السياسية…”!! وعم السكون والهدوء المكان، وظللت غيوم الوقار والحكمة سماء المجلس.
ماذا تقول نائبة “تسييس السياسة” اليوم! هي تدعو بضمير حي للنقاء الأخلاقي، وأن “… نضع النقاط على الحروف في شأن ما أثير عن وجود وثائق ومستندات لتحويلات مالية من جهات خارجية، ودعت إلى وضعها بيد القضاء الكويتي النزيه”، مشيرة إلى أنه بات من الواضح أن هناك من لديه علاقات مع جهات خارجية… كما جاء في جريدة السياسة عدد أمس…! ما هذه الكلمات يا سلوى فقد حفرت بها اسمك الرصين على صخور الزمن؟ نقاط، حروف، قضائية، علاقات، خارجية…!
حتى لا يتوه القارئ، فنائبة الحكم التاريخية تقصد النائبين أحمد السعدون ومسلم البراك (وربما غيرهما من نواب المعارضة) وما يثار الآن عنهما هذه الأيام في حفلات الانتقام وثارات الفساد السياسي من أنهما يقبضان من الدولة القطرية…!
أي نقاط وأي حروف تتحدث عنها نائبة “تسييس السياسة”! فمثلا لو وضعنا نقطة كما تريد سلوى على “الحاء” لأصبحت كلمة “حروف… خروف”، وخروف هي مفرد خرفان، والخرفان تتبع الراعي في أغلب الأحوال، ولو كان يجرها للمسلخ للتوسد في ما بعد منتصف موائد المرشحين ويحيط بها الرز ودعوات الصالحين بكمال الأمور…! ولنعد إلى كلمة أخرى مثل “نقاط”، فاذا أضفنا نقطة على “النون” وقبلها الألف واللام تصير النون تاء بمعنى “التقاط”، ونقول إن زيداً أو عَمراً من النواب “التقط” ورقة ملاحظة من وزير ما في جلسة للبرلمان، وإن نائباً أو نواباً “التقطوا بضعة ملايين في حساباتهم المصرفية مصدرها مجهول وسيبقى مجهولاً بحكمة الستر على الفضائح، وتلك حكمة من “عاداتنا وتقاليدنا” الاجتماعية ومن مأثوراتنا السياسية، فمثلاً إذا لاحظت عيباً أخلاقياً ما، ولو ارتفع هذا العيب والانحراف إلى مصاف الجريمة، نقول “استر على ما واجهت”، وأعتقد أن السلطة الحاكمة ستقتدي بحكمنا الاجتماعية وأعرافنا السياسية، وستستر آخر الأمر على مساكين البرلمان، كما سترت من عقود ممتدة طويلة على فساد معمم في جل مؤسسات الدولة.
ولماذا تريد سلوى زج القضاء في استعراضات الثأر السياسي للمجروحين، وما شأن القضاء بمثل هذه الإشاعات الانتقامية من السعدون والبراك. ارفعي نقطة من حرف القاف في “قضاء”، وتصير الكلمة فضاء، وهي كلمة تعني مساحة زمن بلا بداية ولا نهاية.
في آخر الأمر، كنت أود أن أعلق (وبالمناسبة زوايانا هي زوايا تعليق على أخبار، في أغلب الأوقات وليست مقالات لخلق فكر) على دعوة النائب سعدون حماد للقيادة السياسية إلى وقف التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية بعد أن فوجئ بما أثير من “تقديم رئيس وزراء قطر الشيخ حمد بن جاسم 200 مليون ريال إلى نائب كويتي وبالتزامن مع الاستجوابات”، لكن عدلت عن هذا بعد التفكير قليلاً في السجل السياسي لتصريحات النائب سعدون الحماد، فهي لا تستحق التعليق عليها، فالحدث التاريخي، يبدأ بمأساة ويعيد نفسه على صورة ملهاة، كما قال ماركس، ومجلس مدموغ بدمغة ماركة النائب سعدون حماد هو حدث تاريخي بذاته كان مأساة تراجيديا وسيعيد نفسه بشكل ملهاة.

احمد الصراف

المرأة والمثلية والعدالة

في أوج الصراع العنصري في جنوب افريقيا بين الأقلية البيضاء والغالبية السوداء، صرح القس دزموند توتو بأن من المؤسف حقا أن يلقى آلاف الأبرياء حتفهم في قضية نهايتها حتمية! نكتب ذلك بمناسبة القوانين المتشددة المتعلقة بحقوق المرأة في الأنظمة الاسلامية، وبالذات الخليجية، ومنها الكويت، التي بالرغم من تشريعها حقوق المرأة السياسية، فإن تشريعاتها الأخرى المتعلقة بالحضانة والنفقة والطلاق لا تزال تسحق المرأة وتذلها كل يوم، وزيارة واحدة للمحاكم أو للمحامين المختصين يمكن أن تبين حجم الظلم الذي تتعرض له الكثير من النساء نتيجة سوء معاملة زوج، وحتى أخ أو أب! ولا أدري لمَ يحدث كل ذلك، ونحن نعلم بأن اليوم الذي ستنال فيه المرأة «كامل» حقوقها ليس ببعيد، شاء السلف وبقية المتشددين أم عارضوا، وبالتالي أليس من الأفضل حفظ كرامة الأمهات والاخوات والزوجات من تعسف الرجال وظلمهم وسوء معاملتهم للمرأة، ولكل ما هو جميل ورحيم؟ والتوقف عن اعتبارها مجرد عورة وعيبا وخرقة بالية وشيطانا يجب تغطيته، ومكمن الشر والغواية، والسبب وراء كل مصائب الرجل، فهذا الاعتراف المبكر بحقوقها سيوقف حتما معاناة ملايين النساء في مجتمعاتنا، ويوقف سيل دموع المعذبات والمقهورات اللواتي تمتلئ مآقيهن بدموع غالية نتيجة ظلم الكثير من الرجال الجهلة والقساة القلب، الذين يفتقدون معاني الكرامة وعزة النفس!
وفي مبادرة غير مسبوقة أعلنت الامارات أن بامكان أبناء الاماراتية، من زوج غير اماراتي، مطالبة السلطات بجنسية الدولة متى ما بلغوا الـ 18 من العمر، وهذا يقرب المرأة خطوة لنيل ما سلب من حقوقها المهدورة، ويخالف العرف الظالم المتبع في غالبية الدول العربية، التي تحصر هذا الحق في الأب فقط! وحاليا تتبع تونس والجزائر والمغرب ومصر قوانين مماثلة، فالإمارات اقل صرامة في تعاملها مع المرأة، وغير معروف، بعد وصول المتأسلمين للحكم في دول الربيع العربي، ما سيكون عليه مصير مثل هذه القوانين المتقدمة!
ومن جانب آخر، تعتبر قوانين التفرقة الجنسية، وغير الدستورية في الكويت، كقانون التشبه بالجنس الآخر، وصمة عار في جبين من أقرّه من مشرعين ينتمون الى قرون خلت! فهو قانون متحيّز وناقص في أحكامه وتفاصيله، يجرّم فعل التشبه بالجنس الآخر، تاركا تفاصيل كثيرة لتقدير «رجل أمن» قد يكون متحاملا أصلا، إن بسبب تنشئته أو انتمائه، على كل ما له علاقة بالمرأة. والمؤسف أن أثر هذا القانون المعيب يمتد ليشمل حتى من لا علاقة لهم، أو لهن، بالتشبه، وخاصة أولئك الذين أثبت الفحص المختبري والرأي الطبي أنهم، نفسيا وفيزيولوجيا، من جنس مختلف عما هو مدوّن في هوياتهم الشخصية، وحتى بعد خضوعهم لعمليات تحول جنسية! ولكن هذا القانون المعيب، وغيره من «عادات وتقاليد بالية»، تجرم ما قاموا به من «تحول»، وتعارض طلبات تغيير مسمياتهم وجنسهم بحجج واهية، ويصرون على بقائهم في حالة لم يخلقوا لها أصلا!
والآن كيف يمكن الأخذ بيد هذه الفئة المظلومة، بالرغم من صغر عددها، ومساعدتها في محنتها، علما بأن بإمكان أي وكيل مساعد، في أكثر من جهة معنية، تسهيل أمورهم، ولكن خوفهم من سطوة التيار الديني وانكشافهم حكوميا، ربما يمنعانهم من التصرف بإنسانية أكثر!

أحمد الصراف