سامي النصف

كل مواطن.. خبير!

سيروي التاريخ ان غزو صدام قد أصاب المواطنين بمرضين خطيرين أولهما تفشي أمراض السرطان التي أصبحت كالزكام هذه الأيام، والثاني عدم قدرة بعض الكويتيين على اتقان أعمالهم، فالوزارات شبه متوقفة من قلة الكفاءة والانتاج، والشركات الخاصة شبه مفلسة من قلة الحكمة وغياب الذمة.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

*****

استبدلنا هذه الأيام مقولة انطون سعادة الخالدة «كل مواطن خفير» بشعار «كل مواطن خبير.. دستوري» فما ان تدخل ديوانية حتى تسمع عشرات الفتاوى الدستورية حول صحة اجراءات تشكيل الحكومة وحل مجلس الأمة، والحقيقة الخافية التي يجب ان تقال دون تهويل او مبالغة هي ان هناك خلافا وتباينا معتادا بين «المختصين من الخبراء الدستوريين» حول صحة الاجراءات التي تمت في غياب وقوع سوابق مماثلة وقد تم الأخذ بالأحوط وهو اعادة التشكيل وإعادة الحل وحتى هذا الخيار الأحوط لم يرض.. خبراء الدواوين! الكتب السماوية حمالة أوجه يختلف الناس والمختصون حولها فما بالك بالدساتير الوضعية؟

*****

نعم الحدث كبير ولا يمكن تصغيره والواجب، تعلما مما حدث، ضرورة محاسبة من «أخطأ» لا من «اجتهد» وضرورة تشكيل فريق من افضل الخبراء الدستوريين لمنع تكراره، وضرورة ارجاع الخبراء الدستوريين لقاعة مجلس الأمة كونهم الأقرب موقعاً للحكومة والنواب على حد سواء كي يمكن أخذ رأيهم المحايد في القضايا الخلافية قبل ان تستفحل، والرزية كل الرزية في عنق من أخرج الخبراء من القاعة وتسبب في كل الاشكالات والأزمات الدستورية الطاحنة التي مررنا بها.

*****

ضرورة ان يكون لدينا عثمان عبدالملك آخر، اي خبير دستوري بارع «شديد الحياد» تتجه له أنظار الحكومة والمعارضة وكل ألوان الطيف السياسي عند وقوع التباينات في تفسير مواد الدستور او ما يصدر عن المحكمة الدستورية، ففي عهد الخبير عثمان لم نشهد ما نشهده هذه الأيام من تنابز بالدستور وتراشق بمواده.

*****

الحكومة والمعارضة هما من نفس الشريحة الكويتية الواحدة، وإذا كان خطأ الحكومة واضحا فماذا عن خطأ النواب المسكوت عنه؟! كان الوضع يقتضي من المعارضة لا المطالبة بحل مجلس بأكمله بسبب خطأ البعض منه ومن ثم معاقبة «الجميع» وهي سابقة خطيرة جدا، فهل كلما أخطأ نائب أو مجموعة نواب يتم حل المجالس؟! في جميع البرلمانات الأخرى يحال المخطئون الى «لجان قيم» برلمانية تحقق وتدين وتفصل من يثبت فساده وتلقيه الأموال وقد سبق لمجلس الشعب المصري ان فصلت لجان قيمه نواب القروض ونواب الحسابات المشبوهة ونواب المخدرات وأحيلوا للقضاء، حيث صدرت عليهم الأحكام القاسية، ان الإشكال هو في رقبة من رفض تشكيل «لجان قيم» تختص بمحاسبة المتجاوزين ومن تسبب في الفساد التشريعي الذي يدعي الشكوى منه.

*****

آخر محطة:

(1) أخزى الله صدام وما فعله، فواضح ان من طالب بحل المجلس هو من يعاني هذه الأيام في دوائره الانتخابية، حيث لم يعد مضمون نجاحه اضافة الى السيولة المالية الضخمة التي يحتاجها لخوض الانتخابات بسبب خيار الدوائر الخمس الذي طالب به والمتسبب الأكبر في الفساد التشريعي وصعوبة ملاحقة جرائم شراء الأصوات لكبر الدوائر.. المعارضة تحتاج كذلك للنصح المخلص والحكيم من قبل خبراء في العمل السياسي.

(2) الحكومة السابقة كانت ساقطة بحكم فقدانها للأغلبية بعد موقف نواب التكتل الوطني لذا لا فخر ولا مكسب من نصيحة الخروج للشارع واقتحام مجلس الأمة.

(3) نتج عن نصيحة الخروج والاقتحام استدعاء النواب المعنيين من قبل النيابة العامة فأين الفائدة من ذلك الفعل والأخذ بتلك النصيحة؟!

(4) بسبب خروج القوى السياسية للشارع بدأ الاخوة البدون بالخروج كذلك وقد يلحقهم الاخوة العرب (بحكم التخصص) ثم بقية الجنسيات فأين المكسب للكويت مما جرى؟!

(5) إذا كانت هناك مطالبات بمحاسبة من اجتهد وأخطأ من قبل الحكومة فماذا عمن اجتهد وأخطأ من قبل قوى المعارضة وأدخلنا النفق الحالي؟!

(6) صدر قبل مدة قصيرة من دار الحكمة في لندن للدكتور الباحث صبري فالح الحمدي كتاب «المستشارون خلال حكم الملك عبدالعزيز بن سعود، 1915 ـ 1953»، كتاب يستحق القراءة.

احمد الصراف

بيع الأحلام

تعتبر «العادات والتقاليد» من القضايا التي يهتم الكثيرون باحترامها ومراعاتها، ومن ذلك تحريم أو استنكار دخول رجال أغراب إلى أماكن مخصصة للنساء، فهي بحكم المنازل الخاصة، ولكن سرعان ما تتهاوى تلك «العادات والتقاليد» عندما يصبح «رجل الدين»، طرفا، وكأن هؤلاء لا شهوات ولا نوازع دفينة لديهم كغيرهم من البشر، فتجد الأبواب الموصدة بإحكام تنفتح أمامهم بكل يسر، حتى لو تعلق الأمر بشعوذات وخرافات لا اساس لها من الصحة.
ضمن الفعاليات التي قام بها قسم الأنشطة بسكن الطالبات التابع لعمادة شؤون الطلبة بجامعة الكويت، قام المشرفون على الدار بتنظيم محاضرة لمفسر الأحلام صالح النهام، تحدث فيها لطالبات جامعيات عن تفسير الأحلام، كونه علماً، تخصص فيه، وعالماً بشؤونه! ولا ادري كيف سمحت الادارة العليا لجامعة الكويت، التي يعرف عنها انفتاحها، بحدوث مثل هذا الخلل الثقافي الذي لا يمكن أن يساهم في غير تخلف المجتمع ومنع التنوير عن أهم افراده، وخاصة من الفتيات الجامعيات المقبلات على أكبر التحديات مستقبلا، مع كم المشاكل والقضايا كلها التي تعصف بالمجتمع الأحوج ما يكون لجيل مستنير بعيد عن خرافات المتربحين من المتاجرة بالقضايا الدينية. فان يمضي الانسان حوالي 25 في المائة من نومه في الأحلام التي يتذكر بعضاً منها وينسى البعض الآخر، ليس بالموضوع الخطير الذي يتطلب كسر كل القواعد من أجله، فهل انتهينا من كل قضايا الطالبات ومشاكلهن ليتبقى موضوع تفسير أحلامهن هو الأمر المقلق؟ ولماذا لا تسمح عمادة شؤون الطلبة لجهات أخرى، أكثر استنارة ووعيا، بالقاء المحاضرات في مثل هذه الأماكن، بعيدا عن الاسفاف الفكري، وربط التنفيس عن رغبات مكبوتة بالاحلام بقضايا دينية تقتصر على المسلمين من دون غيرهم، وانها استبشار بالمستقبل، وأن أول من اختير سماويا لتفسير الأحلام هو النبي يوسف، وهو كلام لا يسنده امر غير حديث صاحبنا؟ وكيف سمحت عمادة شؤون الطلبة لشخص معروف اتجاهه الفكري لسماع أحلام الطالبات، اللاتي حرصن على الحضور، و«الاستمتاع» (كما ورد في نص الخبر الذي نشر في وسائل الاعلام اخيرا) بسماع تفسير أحلامهن؟
الموضوع ليس خطيرا بقدر ما هو مؤلم ومؤسف، ونتمنى على ادارة جامعة الكويت البحث في هذه الحادثة والتأكد منها، ومنع حدوث ما يماثلها مستقبلا.

أحمد الصراف