علي محمود خاجه

يا رب تخسرون

أعلن النواب السابقون حسين مزيد وشعيب المويزري وعلي الدقباسي وخالد الطاحوس ومبارك الوعلان ومحمد هايف مقاطعتهم للانتخابات الفرعية التزاماً بالقانون.
خبر صفق له من صفق ممن انجرف مع ما سمي بالمعارضة، إضافة إلى أتباع هؤلاء النواب وكتلهم، وبعض من صدقوا فعلاً أن هؤلاء يلتزمون بالدستور فعلاً، متناسين أفعالهم السابقة من وأد للحريات وتجاوز للدستور بمختلف الأشكال.
قانون تجريم الانتخابات الفرعية صادر ونافذ وملزم منذ أكثر من 10 أعوام، وكل “فرعية” قبل هذا القانون لم تكن مقبولة أخلاقياً، سواء كان من شارك فيها يهدف إلى إيصال قبيلة أو عائلة أو طائفة، وبعد هذا القانون لم تعد مقبولة دستورياً أيضاً، وهو ما يعني أنه حتى منعدمي الأخلاق السياسية ممن كان يمارس هذه الانتخابات قبل صدور القانون أصبح مجرَّماً كذلك.
ولأن المحكمة الدستورية هي ملجأ لمن يعتقد أن هناك تعارضاً بين قانون ما والدستور، فإنها لا تعني عدم تطبيق قانون معين بحجة أن المحكمة الدستورية تنظر في دستوريته.
نبسطها أكثر، أنا لا أؤمن بدستورية الكثير من القوانين كقانون الجنسية وقانون المطبوعات وقانون فصل الاختلاط، فأنا لا أؤمن بقانون فصل الاختلاط مثلاً لتعارضه مع مبدأ المساواة الدستوري، وتعارضه مع حرية الاختيار الدستورية أيضاً، ولكن هذا لا يعني أن أنشئ جامعة في الكويت بنظام تعليمي مشترك بحجة أنني لا أؤمن بدستورية قانون فصل الاختلاط، فما يجب عليّ هو الالتزام بالقانون النافذ إلى حين صدور ما يلغيه سواء بحكم من الدستورية أو بإسقاطه من مجلس الأمة.
النواب السابقون الآنف ذكرهم في أول سطر يقرون بأنهم شاركوا في “الفرعية” مسبقاً، وتحديداً بعد صدور قانون يجرِّمها، ولكنهم لن يشاركوا فيها هذه المرة، وهو بحد ذاته امتهان لعقولنا وكرامتنا وإرادتنا بالمقام الأول، وامتهان للدستور وقوانين الدولة التي سبق وأقسموا عليها في مقام أسمى.
والأمر مطابق بالضبط ودون أي فرق بأن يأتي نائب “قبيض”، ويصرح بأنه لن يقبض من الآن فصاعداً، وعلينا بناءً على ذلك أن نصفق له ونصوت له أيضاً.
لقد ضمن النواب السابقون المذكورون في السطر الأول من المقال مقاعدهم في المجلس المقبل بعد أن وافقوا على هدر أموال الدولة تحت مسمى الزيادات والكوادر وغيرهما من مسميات، أو التصاقهم ببعض النواب الشعبويين أو استغلالهم بعض التحركات الشعبية في تسويق أنفسهم كإصلاحيين أو جميع ما سبق، ولم يعودوا بحاجة إلى خوض “فرعية” وتزوير الإرادة للوصول إلى المقعد، وعزوفهم عن “الفرعية” ليس التزاماً بالقانون كما يدّعون، فالقانون موجود من قبل تفكيرهم في دخول المجلس أصلاً ومشاركتهم في “فرعيات” سابقة، بل لذر الرماد بالعيون.
نائب سابق واحد فقط ممن يسمى بالمعارضة أعلن صراحة أنه سيشارك في فرعية قبيلته رغم مخالفة ذلك للقانون والدستور، ورغم وجوده في الشارع منذ بداية التحركات تحت شعار إلا الدستور، ولا غرابة في موقفه المتناقض، لأنه باختصار أحد عناصر “حدس”.

سامي النصف

دول الخليج.. دواء العرب!

في وقت تظهر فيه سيرة ما تبقى من الثوريات القمعية العربية الفاسدة انها اختطت لنفسها نهجا مبرمجا من الدمار وتسليم الديار للأعداء ثم توريط جيوشها في قتل شعوبها بدلا من تحرير أوطانها، اختصت دول الخليج الست بكونها المثل والقدوة المبهرة للشعوب العربية والدواء الناجع لداء القتل والقمع والإبادة الكاتم على أنفاس الشعوب والمسمى بـ «داء الأنظمة العسكرية العربية»!

*****

فأنظمتنا الخليجية العاقلة دون استثناء هي الأرحم بشعوبها، فلا قتل ولا قمع ولا مقابر جماعية بل قلوب وأبواب مفتوحة بين الحاكم والمحكوم تسببت في نهضة خليجية شاملة مست كل أوجه الحياة وجعلت المواطن الخليجي تحسده حتى الشعوب المتقدمة على ما يعيشه من رغد العيش، وفي وقت استطاعت فيه الأنظمة الخليجية المعمرة ان تخلق جنات وارفة من الصحارى القاحلة مستخدمين موردا واحدا هو النفط، تمكنت الأنظمة الثورية المدمرة من التفريط في موارد شعوبها من ماء وبترول ومساحات خضراء وتحويلها الى خرائب وأطلال ينعق بها البوم وتمتلئ بأرامل وثكالى وأيتام الهزائم العسكرية المخجلة.

*****

وتظهر الأرقام الدولية المحايدة ان دول الخليج تضم أفضل المدارس والجامعات وأكبر المزارع وأكثر المصانع تقدما والتي تصدر منتجاتها لدول الداء العربي اي الدول العربية المبتلاة بالأنظمة الثورية، وتعتبر دول الخليج المثل والقدوة في كيفية حل المشاكل الحدودية فلا اعتداء ولا غزو بل تنازل وتراض او لجوء كمجتمعات متحضرة للمحاكم الدولية.

*****

وتعتبر تجربة مجلس التعاون الخليجي التجربة الناجحة الوحيدة في المنطقة في وقت أفشلت فيه أنظمة الداء العربي، كحال أنظمة صدام والقذافي وصالح، التجمعات العربية الأخرى المماثلة، وتتصدر دول الخليج مقاييس الشفافية الدولية بينما ينخر الفساد دول الهزائم والمصائب والتخلف العربي ممن ابتليت بحكم الثوريات العسكرية، وقد نجح التكاتف والتآخي الخليجي في تحرير الكويت من احتلال رابع أكبر جيش في العالم، بينما توالت هزائم أنظمة العسكرتاريا العربية امام جيش «العصابات» الصهيونية وسلمت لها الأراضي دون حروب وأعلن سقوطها قبل ان تسقط، كل تلك الهزائم امام عصابات فماذا لو كانت جيوشا؟!

*****

وفي وقت يعتبر فيه إعلام دولنا الخليجية من فضائيات عالمية كالعربية والجزيرة وصحف دولية كالشرق الأوسط والحياة المرجع الصادق والمعتمد لما يجري في المنطقة من أحداث، أصبح الإعلام الثوري الكاذب أضحوكة الأمم بعد لقاء «المعلم» الشهير وما تلاه من لقاء مع باربره والتررز تم خلاله إنكار ما لا يجوز إنكاره كونه مسجلا بالصوت والصورة وهو ما يعيد للأذهان إسقاط أحمد سعيد لمئات الطائرات الإسرائيلية إبان هزيمة 1967 ونفي محمد سعيد دخول الدبابات الأميركية إبان هزيمة 2003.

*****

آخر محطة:

(1) لو بعث مسيلمة وغوبلز من جديد، لخجلا كثيرا مما يقوم به اعلام دول.. الداء العربي!

(2) سبب الربيع العربي ليس الإعلام الخليجي بل ظلم الأنظمة القمعية لشعوبها واستبدالها تقديم الرغيف للفقراء.. بإطلاق الرصاص الحي عليهم!

احمد الصراف

مدرسة التعذيب والتنكيل

عندما قتل «الثوار» الليبيون «معمرهم» بتلك الطريقة البشعة، وصف البعض تصرفهم بالهمجية، وتناسوا أن أعمار قتلته لم تتجاوز الخمسين بكثير، وبالتالي كانوا أولاد نظام القذافي، وثورته الخضراء ونتاج مناهجه الدراسية ووسائل اعلامه القوية، فغالبية هؤلاء لم يولدوا عندما قام القذافي بانقلابه في 1969 أو كانوا اطفالا صغارا، وبالتالي حصد القذافي ما زرع!
نقول ذلك تعليقا على ما يحدث في سوريا الآن، فالجميع، بما في ذلك النظام، متوجس من وصول الاسلاميين للحكم، وما سيقومون به من قتل وتنكيل باعدائهم، العلويين والبعثيين، وحتى من الشيعة والمسيحيين، وهذا ما هو الا نتاج طبيعي لحكم مخابراتي وعسكري دام أربعة عقود، ولم يكن أمام الناس بالتالي من متنفس غير المسجد! فقد حرموا من التجمعات وانشاء الجمعيات والاشتغال بالسياسة، والصحافة الحرة، ومنعوا من تكوين أحزاب سياسية حقيقية، وخنق النظام كل متنفس وأصبح نظام المخابرات يعد أنفاس الشعب، ولا يرحم حتى من يشك بأمره، وكل ذلك في غياب تام لأي شكل من النظام القضائي أو القانوني السليم، مع فتح الأبواب على مصاريعها للفساد المالي والاداري لحاشية القيادة وقراباتها العائلية يعيثون في الأرض فسادا، ولم يكن أمام الغالبية غير حضن الأحزاب الدينية لترتمي فيه، وهي ما كانت لتختار ذلك لو كان لديها متنفس «ديموقراطي» وصحافة حرة.
يقول صديق سوري، في معرض تبريره لما يحدث في سوريا، بأن المسألة تشبه الخلاف على البيضة أم الدجاجة، أي أن نظام الأسد الأب، ومن بعده ابنه، لم يكونا ليلجآنا لمثل هذه الأساليب القمعية والأجهزة المخابراتية لو لم يكن هناك خطر حقيقي من وصول المتشددين الاسلاميين للحكم، والعكس صحيح، ولكن ان صح ذلك في عهد الرئيس الأسد، الأب، العسكري المتشدد، والذي رسخ حكمه وحكم اسرته بالبطش، والذي ربما لم يعرف لغة غيره، والذي نجح في تحييد القوى الاسلامية والقضاء شبه التام على أكبر معاقلها، فما هو عذر الرئيس بشار، نتاج الثقافة الغربية، والطبيب البشري، الذي تلقى تعليمه في الغرب، وشاهد وعايش مزايا الديموقراطية؟ ألم يكن بمقدوره، خلال سنوات حكمه التي قاربت العشر، من اتباع سياسة أكثر ديموقراطية وانفتاحا؟ وأخيرا أليس ما اصبح يفعله، أو سيفعله أعداء النظام بمن يقع بين ايديهم من ابناء النظام من تشويه وتنكيل هو النتاج الطبيعي لسنوات قاربت الأربعين في ممارسة القتل والتنكيل وترسيخهما وجعلهما امرا عاديا؟
لا أزال أعتقد ان أمام الرئيس الاسد فرصة، ولو ضئيلة، في أن يفعل شيئا ينقذ فيه نفسه واسرته وطائفته، وقبل كل ذلك وطنه، من كارثة محققة.

أحمد الصراف