سعيد محمد سعيد

متى المعاشات؟

 

هذا هو أسبوع السؤال الجميل…

والسائل يجلس على أحر من الجمر، والمجيب أيضا ربما أحب الإجابة وعشقها طالما كانت إيجابية «نزلوه في البنك»، وربما دارت عليه الدوائر واسودت الدنيا في وجهه وهو يقول: «للحين ما في شي… يمكن باجر»! ويا ويله، الزميل أو الزميلة، حين يقدمون معلومة خاطئة عن نزول الرواتب في الحساب، وهي لم تنزل بعد… وخصوصا في بعض المؤسسات والشركات في القطاع الخاص! متى المعاشات؟

سؤال مسموع بين آلاف الناس أواخر كل شهر… لكنه يخفي وراءه الكثير مما يمكن أن يجعلنا نشعر بالفجيعة، ونستذكر المئتي دينار حدا أدنى للأجور، ونحلم بصدور قرار رفع العلاوة الاجتماعية 50 في المئة، وننتظر إضافات يقول البعض عنها 50 والبعض يقول 70 والبعض الثالث يقول «لا تحلمون»، كبدل لمواجهة غلاء المعيشة… وتصغر الأصفار أو تكبر طبقا لحجم الحلم، لكن الله يعلم، أن أهل البحرين ليسوا جشعين وليسوا طماعين ولا يريدون غير الستر!

لا يريد أن يضرب رب الأسرة رأسه «في الطوفة» بعدما يوزع المعاش الذي يقولون عنه في البحرين دائما «ما عاش»… الله يرحمه ويتغمد بواسع فضله! ولا يريد أن يريق ماء وجهه «رايح جاي» مرة إلى بنك الإسكان، ومرة إلى أحد المصارف، ومرة إلى لا أعرف أين، فقط ليجد وسيلة ما تعينه على تغطية النفقات المتزايدة…

وكما حدثنا فيلسوف عصره وزمانه، أبو القروض ميسرة بن مصرف الإفلاسي: «لو كان الجيب ممتلئا، والقلب مطمئنا، والأهل في راحة، لما سمعت سلندرا ينفجر، أو تايرا يحترق، أو برنوصا تتلحف به جيدا فلا يدفئك، وسيمشي الناس باعتزاز وتحيات وافرات، بلا مصايب وبلا مسيرات وبلا مظاهرات»! متى المعاشات؟

ربما سيتسلم بعضنا راتبه اليوم، وربما غدا وربما بعد أسبوع، وربما – ضعوا تحتها خطين – بعد عشرة أو خمسة عشر يوما! وهذا يحدث! تخيلوا كيف تعيش الأسر التي تتأخر رواتب معيليها!

نريد أن نحيا ونموت بكرامة، لكن «المعاش» يلعب فينا لعب الرحى! بعضنا يعمل من الصباح حتى المساء في أشد الظروف، وبعضنا الآخر يعمل في وظيفتين وليس لديه وقت حتى للجلوس مع أطفاله وممارسة شئون الحياة الاجتماعية، وبعضنا يخرج من عمل مرهق ليمارس عملا شاقا… فيما تعمل بعض الزوجات والأبناء والبنات لتكتمل حفلة آخر الشهر: الأب معاشه 200 –300 دينار – الأم: 250 – البنت: 80 دينارا في صالون حلاقة – الابن: 160 دينارا حارس أمن في إحدى الشركات، ويصبح المجموع قرابة 800 دينار!

حلو، خير وبركة، والآن جاء دور العملية الجراحة الخطيرة التي سيتم من خلالها تركيب مدخول أسرة قدره 800 دينار ليلائم مصروفها الذي يتجاوز 1300 دينار وربما أكثر… والغريب أن هذه العملية لا يستخدم فيها إلا المشرط والمقص… أما خيوط الترقيع ولاصقات «البلاستر» فلا مكان لها هنا…

لكن، تعالوا، متى المعاش؟

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *