احمد الصراف

ضربني وبكى سبقني واشتكى

لم تتسبب جهة في الاضرار بالتعليم، على مدى السنوات الثلاثين الماضية، في المدارس والمعاهد الحكومية بالذات، كما فعل كبار مسؤولي الوزارة، وبالذات من المنتمين ل’جمعية الاصلاح الاجتماعي’، وبعض من السلف!
وعلى الرغم من هذه الحقيقة التي يعرفها كل من له علاقة بالتعليم، فان أمين الاصلاح، السيد بدر ناشي، كان أول من طلب مقابلة رئيس الحكومة للشكوى من انحدار مستوى التعليم، خصوصا بعد ظهور النتائج الخطيرة والمؤسفة جدا لدراسة البنك الدولي عن مستوى الكويت التعليمي بين دول العالم!.
بينت دراسة البنك أن الكويت، على الرغم من ثرائها المادي وقلة مشاكلها الاجتماعية نسبيا، وصغر حجمها وضآلة عدد سكانها وتوافر بنية تعليمية كاملة فيها، فانها احتلت المرتبة 43 بين 45 دولة(!!) وكان مستوى المغرب وجنوب أفريقيا فقط أدنى منها، وسبقتها قطر وايران وغيرهما الكثير. أما أندونيسيا، التي ينظر الكثير من الجهلة إليها نظرة دونية لا لشيء الا لأنهم يجلبون منها خدم منازلهم، فقد كانت بمستوى تعليمي أفضل من الكويت بكثير!
المؤلم والمؤسف والمبكي لا يكمن في هذا المستوى المنحدر والهابط الذي بلغه التعليم في دولة الرخاء وطلبات اسقاط القروض والغاء فواتير الكهرباء، بالرغم من فداحة الأمر، بل في تقرير نفسر المصدر الذي صدر قبل 6 سنوات والذي وضع الكويت في المرتبة 33 من بين 35 دولة فقط! أي أن وضع التعليم أصبح الآن أكثر سوءا مما كان عليه قبل 6 سنوات! فهل هناك ما هو أكثر بؤسا واجراما بحق الوطن والمواطنين من هذا؟ وأين كان السيد أمين عام جمعية الاصلاح الاجتماعي، فرع التنظيم العالمي للاخوان المسلمين، وأين كانت جماعته من ذلك التقرير ولماذا لم يتقدموا بالشكوى في حينه، خصوصا أن ‘جمعية معلمي الكويت’ كانت، ولا تزال قابعة في أحضانهم منذ عقدين؟
غريب أن لا تقوم أي من الحكومات الرشيدة التي شكلت في 2001 على الأقل، بعمل شيء لانقاذ التعليم بالرغم من الصرخة التي أطلقها خبراء البنك الدولي في حينه. والأغرب أن ليس في الأفق ما ينبئ بوجود نية لفعل شيء ما لانقاذ الوضع! والأغرب من كل هذا وذاك أن مدارس تحفيظ القرآن زادت في الفترة نفسها ثلاثة أضعاف، ولم يقف أحد ليسأل نفسه عن فائدة كل هذا الكم الهائل من حفظة القرآن، ومستوى التعليم العام بمثل هذا الانحدار والتهالك، وما فائدة مسلم قوي في حفظه لنصوص كتبه الدينية ولكنه ضعيف في كل المواد الأخرى، دع عنك العلمية؟!
أوليس غريبا كل هذه الزيادة السنوية في عدد الراغبين في تخصيص جوائز مسابقات للمبدعين في الحقول الدينية من دون أن يفكر واحد منهم في تخصيص ولو جائزة يتيمة واحدة للمبدعين في الفيزياء أو الأحياء مثلا أو حتى في الجغرافيا؟
ملاحظة: نتمنى أن لا يرد أمين الجمعية بالقول ان بعض من تولوا حقيبة التربية، خلال الفترة نفسها، كانوا من الليبراليين! حيث إن هذا مجاف للحقيقة، فلم يستلم ليبرالى أمور التربية في الكويت بعد عبدالعزيز حسين، وأقرب هؤلاء لليبرالية هو الذي وافق على قانون الفصل الجنسي الأخرق في الجامعة والذي تبعته أنظمة فصل وعزل أخرى في جميع المرافق التعليمية. نقول ذلك ونحن نعلم بأن العلة في المناهج والخطط التربوية والسياسات والعقليات التعليمية، وليس في وزير يأتي لسنة أو اثنتين لا يعرف خلالهما من هو ‘طقاقه’!.
أحمد الصراف

 

سامي النصف

نحو قواعد جديدة للعبة السياسية

أسوأ ما يمكن سماعه هذه الأيام حول ما يدور في البلد هو ان الوضع طبيعي ومطمئن كون لا شيء يحدث خارج إطار الدستور، وان الأزمات السياسية التي تلد أزمات أمر معتاد ضمن الممارسة الديموقراطية المتقدمة (!)، وبالتالي لا يوجد خطأ أو ضرر على البلاد والعباد من الأزمات السياسية والاضرابات النقابية والتخندقات الشعبية التي قاربت ان تقسم البلد وتبث الفتنة بين صفوف أبنائه.

ان من «المصائب» ان يقول بعض الساسة والكتاب والنواب – مكابرة – إن الأمر طبيعي، وهم من يعلمون في قرارة أنفسهم بعكس ذلك، ومن «الكوارث» بالمقابل ان يقول بها آخرون، ساسة وكتاب ونواب وهم يعتقدون حقيقة بصحة تلك الممارسات، ان الأزمات السياسية أمور لا يفتخر بها وهي دلالات أمراض مجتمعية خطيرة تعيق التنــمية وتسبب التخلف كما انها أعراض ضعف وانقسام وعلامات دالة على مستقبل مظلم للبـــلدان المبتــلاة بها، فلم تحــدث كـوارث كبــرى من حــروب أهلــية وانهيارات اقتصادية في الدول المختلفة إلا سبقتها أزمات متلاحقة.

اننا بحاجة الى وقفة جادة من عقلاء البلد لما يحدث على الساحة السياسية والإقرار بخطئه ومعه القيام بما يلزم لتصحيحه، والإيمان توازيا بأن أهم أسس اللعبة السياسية الناجحة والبناءة والداعمة لعملية التنمية المستدامة هي التي «لا يشعر بها أحد»، لا التي تصم أصواتها آذان الجيران والعالم.

ان تلك الرؤية الجديدة للعبة السياسية التي ستقفز بالبلد خطوات ضخمة الى الأمام تحتاج الى قواعد جديدة للعبة تبتعد بها عن المماحكات والتصريحات الإعلامية اليومية الساخنة، كما يجب ان تشتمل القواعد الجديدة على كم كبير من التفاهم والتسامح وغض النظر عن صغائر الأمور كحال الأخطاء اليومية في الوزارات المختلفة والتي تحتاج محاسبة الوزراء عليها الى الاستبدال اليومي لهم، ان حادثة استقالة وزير النقل الياباني في أواخر الستينيات على معطى خروج قطار عن السكة هي الاستثناء الذي يثبت القاعدة، فلم نسمع بعد ذلك عن استقالات في اليابان أو غيرها على معطى الأخطاء الحكومية اليومية وما أكثرها.

ان جوائز ذلك النهج الجديد ستصيب المواطنين والنواب والوزراء والوطن بالتبعية، فسيتوقف المواطنون عن جرعات التوتر والتذمر اليومي من أداء المجلس، كما سيرتاح النواب من الحاجة الى التسخين السياسي المتعب لكسب رضا الناخبين، كما سيتفرغ الوزراء للإبداع والإنجاز في وزاراتهم كحال زملائهم في الدول الخليجية التي نحسدها على إنجازاتها الناتجة عن استقرارها السياسي، كما ستقلع طائرة الوطن التي أدماها التوقف منذ سنوات رغم الهواء الساخن والضجيج العالي الصادر من محركات يدفع نصفها بعكس نصفها الآخر فتبقى الطائرة ساكنة رغم علو الصوت في حين انطلقت طائرات الدول الأخرى مسرعة نحو المستقبل المشرق.

آخر محطة:
ومن قواعد اللعبة الجديدة ضرورة البعد عن المطالبات المدغدغة وغير العقلانية غير المعمول بها في 200 دولة أخرى شريكة لنا على كوكب الأرض والتي تحرج بقية النواب كي لا نسمع ذات يوم بمقترح توزيع مداخيل الدولة أولا فأولا على المواطنين ممن سيصطفون يوميا قرب الموانئ لتوزيع دخل بيع النفط ناقلة فناقلة.

احمد الصراف

أروى والتطوع

كتبت الزميلة في صفحة المقالات أروى الوقيان مقالا جميلا وحساسا في الوقت نفسه عن عيني سارة الحزينتين. تعلق موضوع المقال بما يفتقده الكثيرمن المرضى، خصوصا من المصابين بأمراض مستعصية من نزلاء المستشفيات الخاصة والحكومية، من رعاية اجتماعية وتوفير حنان واهتمام ومواساة وتشجيع!
على الرغم من أهمية هذا الجانب في شفاء المريض والتخفيف من معاناته، فإن أحدا لا يتوقع من الهيئة الطبية أو حتى التمريضية القيام به أثناء ساعات عملها لانشغالها بمهمات أخرى. وعليه يكمن الحل في قيام طرف ثالث بتلك المهمة عن قناعة تامة ومن دون مقابل، لا من خلال وظيفة يتقاضى مقابلها راتبا شهريا! فتوفير الرعاية النفسية والاجتماعية للمرضى، وخصوصا أولئك الذين يضطرون للبقاء في الدار أو المشفى لفترات طويلة، والتخفيف من معاناتهم والبقاء معهم لساعات وقراءة القصص لهم والاتصال بأهاليهم ومشاركتهم في الأعياد والأفراح وإقامة البسيط والبريء من الحفلات لهم، كلها أمور لا يمكن تنظيمها إداريا ووضع قواعد وأنظمة لها، بل تحتاج الى من يتطوع من تلقاء نفسه للقيام بها، وهذا ما طالبت به ‘أروى’ في مقالها وفيه يكمن الحل الذي يتطلب تنفيذه فتح باب التطوع لمن يرغب من المواطنين والمقيمين في القيام بهذه الأعمال.
على الرغم من نبل الفكرة وجمالها، وهي فكرة سبق ان طالبنا قبل سنوات بتطبيقها، فإننا اكتشفنا ان ما يعيق تنفيذها لا يتعلق فقط بغياب القواعد المنظمة لفكرة التطوع من ناحية ساعات المشاركة، من دخول وخروج، والطريقة والمؤهلات المطلوب توافرها في المتطوع وسيرته الذاتية وغير ذلك الكثير، بل ما يعيق تطبيق الفكرة حقا هو غيابها من أدبيات حياتنا اليومية.
فالتطوع فكرة إنسانية سامية لم تعرفها ولا تعرفها مجتمعاتنا، التي تعودت من الحكومة أن تقوم نيابة عنها بالكثير من المهمات، ومن الخادم والخادمة والسائق ببقيتها. كما أنها بعيدة عن أخلاقيات الكثيرين منا لعدم ورود ذكر لها في كتب التراث بشكل واضح ومحدد. إن صفة التراحم والتوادد التي طالما تغنينا بها، والتي قد يكون لها بعض الوجود بيننا، شيء، والتطوع للقيام بمهمة تطوعية في مستشفى أو دار رعاية أو مأوى عجزة شيء آخر تماما. فنحن بحاجة ماسة الى ان نعد أنفسنا نفسيا واجتماعيا لتقبل فكرة القيام بالتطوع للعمل في مستشفى أو دار حضانة أو مركز إيواء لقطاء أو أيتام، هذا إذا كنا على استعداد أصلا لأن نعترف بوجود لقطاء ‘كويتيين’ بيننا!
لا يكفي يا عزيزتي ‘أروى’ أن يكون لديك ‘منفردة’ كل هذا الإحساس الإنساني المرهف وهذا الحماس لمساعدة الآخرين والتخفيف من معاناتهم، وهذا في حد ذاته أمر رائع يبين طيب معدنك وحسن تربيتك، ولكن المشكلة أكبر من ذلك بكثير والبؤس الاجتماعي مستمر.. وفي فمي ماء يمنعني من قول ما أريد وبقلمي كسرة تمنعه من كتابة ما أعتقد.
أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

حياة كريمة للجميع

 

الأمن الاجتماعي واستقرار المعيشة ورخاء الوطن والمواطن، هو كل ما نطمح إليه… إذن، سيكون أمام الدولة، على مدى السنوات الخمس المقبلة، مسئولية على قدر كبير من الحساسية والأهمية، في الوقت الذي يجب فيه البحث عن آلية سريعة جدا لتفعيل الجوانب الآتية بشكل عاجل:

– منح المزيد من الصلاحيات والدعم للمؤسسة التشريعية الممثلة في البرلمان من خلال تجاوب منجز يبني ثقة، أو لنقل «يزرع ثقة» ليست موجودة أصلا بين المواطنين ونوابهم، ولاسيما في مشروعات التوظيف والإسكان وتحسين مستوى المعيشة.

– اتخاذ إجراءات ضد جميع أشكال الفساد المالي والإداري، وعدم التباطؤ في تقديم المتنفذين والمسئولين الذين يسيئون استغلال مناصبهم ومسئولياتهم بالشكل الذي يضر بالمال العام ويخلق حالة من الغضب والتوتر والتذمر بين المواطنين.

– عدم إهمال الملفات المتراكمة التي تكدست جراء غياب الرادع القانوني المشدد ضد أي شخص يعمل على إثارة الفتن الطائفية والتمييز، أو تلك الملفات التي تسير عكس اتجاه طموح المواطن في العيش حياة كريمة ومستقرة وآمنة لا ينغصها وجود «ممارسين محترفين» لا هم لهم إلا السير عكس التيار والتفنن في تجاوز القوانين والأنظمة بالشكل الذي يلحق ضررا بمصالح الناس.

– الشباب والناشئة، هذه قضية… نعم قضية في غاية الحساسية، فهاتان الفئتان تفرضان وجود خطة رعاية شاملة ليس على مستوى التعليم والرعاية والرياضة، بل على مستوى النظر إلى هذه الفئة على أنها جزء كبير ومؤثر في المجتمع، والمستقبل، والنظر بعين فاحصة إلى ما يمكن أن يؤديه ضياع شباب يافعين في طريق لا نبغيه لهم، وتكون انعكاساته مؤلمة في حياتنا اليومية، بدءا بالانتقام من كل شيء حولهم، انتهاء عند تشكل فئات «مضادة للمجتمع».

– على رغم وجود خطط وبرامج نظرية جيدة على صعيد مكافحة الفقر والعوز ورعاية الأسر الفقيرة، فإن المطلوب توسيع التنفيذ من خلال زيادة المخصصات المالية لانتشال آلاف الأسر من حالة الفقر والحرمان.

أما على مدى السنوات الخمس المقبلة، فأرى من وجهة نظري المتواضعة، أننا في حاجة إلى خطة استراتيجية شاملة تضمن تحقيق تطوير نوعي في مجال: الممارسة الديمقراطية – تعزيز المواطنة من دون أية منغصات طائفية تقوم على أساس تكافؤ الفرص والحقوق – تدارك الأخطاء الناتجة عن التجنيس غير القانوني والاستقدام العشوائي للأجانب بشكل يؤثر على التركيبة الاجتماعية ويحدث خللا في العلاقات داخل المجتمع – النظر بعين الاعتبار إلى المتغيرات المحيطة وانعكاساتها، والاستفادة من مؤشر النمو الاقتصادي في إشعار المواطن بالرفاهية.

ولعل فيما ذكرت جوانب قاصرة، لكن الصورة المكتملة بالنسبة إلي، هي كسب طاقة كل مواطن في هذا البلد ليكون مشاركا في الحياة الكريمة للجميع.

سامي النصف

صدام آخر الحكام الإباديين

شهد العالم في القرن المنصرم الكم الاكبر من الطغاة الاباديين ممن لم يشهد لهم التاريخ مثيلا، فلم يعرف عن نيرون واتيلا وهولاكو وجنكيز خان وغيرهم انهم فعلوا بشعوبهم ما فعله قادة امثال ستالين وهتلر وموسوليني وماو وسونغ وبول بوت وصدام…

وقد تكون احدى العلامات الفارقة بين طغاة العهود الغابرة وطغاة القرن الماضي ان الاولين كانوا صادقين مع انفسهم، ولم تكن هناك اجهزة اعلام ومخابرات تزيف الحقائق وتخفي النوايا، لذا اعلنوا بصراحة نواياهم الشريرة تجاه اعدائهم، وكانوا رحماء بشعوبهم، بينما اتقن طغاة العهد الجديد الكذب الشديد وادعاء حب شعوبهم كطريق ونهج لابادتها قبل ابادة الشعوب الاخرى مما جعل ميكافيللي يبدو طفلا بريئا امام ألاعيبهم الشيطانية.

وهناك قواسم مشتركة كثيرة بين الطغاة الاباديين من المحدثين تظهر انهم كانوا يتعلمون من تجارب بعضهم البعض، حتى ان الطاغية صدام كان يحتفظ بكل الكتب التي صدرت عن الطاغية ستالين في غرف نومه، ومن تلك القواسم المشتركة قتل المقربين مما يرعب الآخرين، وكذلك كفرهم جميعا بالله وبالاديان جميعها كوسيلة للتخلص من الابرياء وكي لا يقف وازع اخلاقي او ديني امام ارتكابهم الجرائم الابادية الرهيبة تجاه الآخرين.

ومن تلك القواسم الاستخدام الزائف للايدلوجيا التي لم يكونوا يؤمنون بها حقا، سواء كانت شيوعية، بعثية، نازية، فاشستية… الخ، اضافة الى كراهيتهم الشديدة لشعوبهم رغم ما يدعونه، فقد تسبب استهتار هتلر بأرواح الشعب الالماني في الاشهر الاخيرة من الحرب الكونية التي حسمت خلالها نتائج تلك الحرب بقتل 5 ملايين الماني ممن يدعي هتلر حبهم، وهو امر مشابه لما قام به ستالين وماو وبول بوت وصدام تجاه شعوبهم من زجهم في حروب ومعتقلات وتهجير تسببت بقتل الملايين دون داع.

وقد اعتمد الطغاة جميعا على جيوش مؤدلجة وحرس خاص واجهزة مخابراتية مدمرة وجعلوا الشعوب تتجسس من الرعب على بعضها البعض فيضطر كل مواطن للابلاغ عن الآخرين خوفا من ان يبلغوا عنه، كما اعتمدوا على نهج عبادة الفرد ضمن واقع سيكولوجي معقد يجعل الشعوب تعبد طغاتها كونهم فقط ابقوهم احياء، كما قيدوا الحريات الاعلامية واعتمدوا بالمقابل على منهجية الدعاية التمجيدية الكاذبة التي تزيف الواقع وتقلب الحقائق بعد عزل الشعوب عن وسائل الاعلام الدولية الحرة، وكان من اشهر رجالات الدعاية الزائفة في تلك الحقبة القميئة غوبلز وهيكل والصحاف…

وقد استقصد الطغاة فئات من شعوبهم بالابادة كالاكراد والكولاك واليهود كوسيلة للارعاب ثم انتقلوا بعد ذلك لبقية الشرائح دون تمييز، وبالمقابل عاش الطغاة حياة خاصة منعمة جدا لا تتماشى على الاطلاق مع ما يدعونه من تقشف او ما تسببوا به من فقر ومجاعات وبؤس مدقع للشعوب التي حكموها، ويتبقى فارق واحد بين تعامل شعوبهم وشعوبنا مع الطغاة، حيث نلحظ خجل شعوب الارض جميعا مما فعله طغاتهم وفخر بعض شعوبنا ومفكرينا بالمجرمين الطغاة امثال صدام.

آخر محطة:
يخبرني صديق عراقي اثق به يسكن بغداد عن روايات سمعها شخصيا من المرافق الشخصي «الخاص» لصدام حيث يقول ان الطاغية عاش في قصوره السبعين حياة مترفة لم يشهدها بشر قبله او بعده، حيث تحضر له في كل مرة وجبات من الفتيات الجميلات اللاتي يشاركهن السباحة عاريا، وحال خروجه تبدأ السهرات الحمراء الخاصة والمشروبات الفريدة جدا باهظة الثمن، وقد تنتهي السهرة بسلام او في بعض الاحيان بحالة قتل حال وقوع خلاف بين صدام واحدى الفتيات الجميلات التي قد تكون قد احضرت له قسرا وهو ما كان ذلك المرافق شاهدا عليه مرارا.

احمد الصراف

طيبة واللغة

أرسلت القارئة ‘طيبة’ رسالة وردت فيها الملاحظات التالية:
‘.. تدخل الصحف كل بيت، وكل انحراف او خطأ فيها يصبح مع الوقت امرا عاديا ويتحجر مع الوقت وهو ما يسمى بال Fossilization، ومن الاخطاء الشائعة الذكر في الصحافة المحلية، وربما العربية، طريقة لفظ او كتابة اسم السياسي الايراني ‘منوجهر متقي’ الذي اصبح ‘متكي’، ربما نقلا عن المصادر الانكليزية لا عن الاصل.
كما ان اسم السياسية الباكستانية ‘بينظير بوتو’ اصبح في صحافتنا ‘بينزير بوتو’!! والعجيب في هذا السياق ان يتحول اسم ‘كوفي انان’ الى ‘كوفي عنان’ و’توني بلير’ الى ‘طوني بلير’، فما سبب لفظ حرف التاء طاء؟ هل هو التعريب المتفق عليه من المجمع اللغوي؟
وتضطرب ‘طيبة’ مثلا باخطاء شائعة يصعب تغييرها، فتقول إننا، ومنذ الستينات، الى يومنا هذا، نسمع بفرقة الخنافس، فأصبحت هذه الحشرة عزيزة على قلوب المعجبين بهذه الفرقة الموسيقية العالمية، ولكن الحقيقة ان لا علاقة لاسمها بالخنفساء، فكلمة Beatles تعني ‘القارعون’ لا الخنافس التي تكتب Beetles، ولكن بعد مرور اكثر من 40 عاما على اشتهار الفرقة اصبح الامر متأخرا لاي تعديل!!
وانهت القارئة المحترمة رسالتها بالقول ان الزميل ناجي الزيد سبق ان اشتكى من سوء اللغة واللهجة لمذيعي التلفزيون والاذاعة المحلية بحيث اصبحت غير مريحة للاذن والذوق العام، وان وسائل الاعلام بذلك تساهم في انتشار غير المألوف من اللغة، دع عنك اللهجة.. فما هو الحل؟ ليس لدى احد، بنظري، حل سريع وواضح، والاهم من ذلك مقبول من الجميع، خاصة ان أن لا ضوء في غياب اي مرجعية يمكن العودة او الركون إليها في التصدي لهذه الظاهرة على مستوى دول مجلس التعاون على الاقل، ناهيك عن الدول العربية مجتمعة، وبالتالي يمكن القول إن المشكلة ستبقى، وربما ستزداد سوءا مع مرور الوقت، فتسارع النشاط العلمي والثقافي لا محل فيه للبطيء من الحلول ولا للديني او الممل من القضايا الخلافية.
ومن الواضح ان من اكثر الامور التي تساهم في سوء نطق اسم شخص او علم غير عربي هو افتقار اللغة العربية، او اي لغة، الى ما يكفي من الحروف التي تغطي طريقة النطق في اللغات الحية، فاللغة العربية تفتقر على الاقل الى حرف ال P مثلا، وهو حرف منتشر في لغات العالم كافة، كما ان هناك حرف ال ‘ك’ او الكاف الفارسية، وهو حرف مهم في لغات عدة، ولكن لا تعرفه العربية ويتسبب غيابه في سوء نطق اسماء الكثير من الاماكن والاشياء والشخصيات كاسم Gregory مثلا، حيث يكتب في صحيفة ‘غريغوري’، وفي اخرى ‘جريجوري’، وفي ثالثة ‘كريكوري’!! فأي منها هو الصحيح او الاقرب الى الصحة؟
والغريب ان الكثير من معارضي ادخال حروف جديدة الى اللغة يتعللون بأن في ذلك خطرا على طريقة قراءة الكتب الدينية والتراثية، ولا اعتقد ان في هذا القول الكثير من المنطق.
أحمد الصراف

احمد الصراف

كمشة سلامات

-1 وجه النائب علي العمير المحسوب على تيار ديني معروف، والذي كان له نشاط حزبي واضح في التشهير بعدد من الوزراء من خلال توجيه حزبي لدفة عدد من محاولات الاستجواب، وجه سؤالا الى وزير الداخلية يتعلق بموضوعين: الاول بمدى صحة قيام مدير عام الادارة العامة للتحقيقات بمخاطبة وزير الداخلية بخصوص طلب رفع الحصانة عن احد محققي ادارته تمهيدا لاحالته الى مجلس التأديب بسبب قيامه بالجمع بين عمله كمحقق والعمل بتجارة الانتاج السينمائي. وتعلق السؤال الثاني بقيام المدير العام لادارة التحقيقات نفسه بالجمع بين وظيفته وتجارة الاعلاف!! وسلم لي على الخرفان.
حتى كتابة هذا المقال لم يقم السيد وزير الداخلية بالاجابة عن سؤال النائب! ونتمنى ان يأتي الجواب بنفي التهمتين، ونتوقع الا يأتي قريبا.
-2 قدم النائب الآخر فيصل مسلم مجموعة من الاقتراحات للحكومة، على ضوء قضية الاعتداءات الجنسية على طلبة المدارس، وذلك في محاولة منه، حسب قوله، لمنع وقوع ما يشابهها مستقبلا، وذلك باعادة النظر في نظم استخدام العمالة الرجالية في الابتدائي والرياض والاقتصار على توظيف ‘المتقاعدين’ من المواطنين للاشراف على المستخدمين وألا تقل سن عمال المدارس عن 45 عاما(!!) وهكذا، كما يعتقد السيد النائب، ستختفي الجرائم الجنسية من المحيطين الداخلي والخارجي لمدارس الكويت!! وسلم لي على الربيان!!
-3 أعلمني قارئ ومحام، تعليقا على ما سبق ان كتبته عن عقوبة قاتل الابنة في قانون العقوبات الايراني انها لا تزيد على سنتين سجنا، قال ان قانون الجزاء الكويتي لا تتجاوز فيه عقوبة مثل هذه الجرائم ثلاث سنوات سجنا، وذلك حسب المادة 35!! وان صح ذلك فاننا ندين بالاعتذار لقانون العقوبات الايراني، وسلم لي على ايران!!
-4 قدم خمسة نواب ملتحين مقترح قانون يتعلق بالمدارس الخاصة!!
وهذا غريب حقا. فمخرجات التعليم من المدارس الخاصة لا تقارن في مستواها بالحكومية، وليس هناك ما يشوب عملها بشكل جذري بحيث يتطلب الامر هذا التكالب على تنظيم عملها. ما يحتاج لتنظيم ومراجعة وتطوير هو التعليم العام الذي تخلف بشكل جذري نتيجة تدخل بعض الاحزاب الاسلامية في سيره وعمله لسنوات عدة. يبدو ان هؤلاء النواب يريدون للتعليم الخاص ان يصبح بمثل تخلف العام. وسلم على العام!!
-5 يقال ان نائبا ‘محجبا’ شوهد بصحبة مقدمة برامج جميلة، وغير محجبة، في خلوة في مطعم لبناني مغمور في منطقة صيدا اللبنانية. الصدفة وحدها كشفت وجوده من قبل عائلة كويتية تواجدت هناك ووجهت له انتقادات غير مباشرة!! وسلم لي على مؤتمر الظواهر السلبية في المجتمع.
أحمد الصراف

 

سامي النصف

عجائب مصر السبع

خرجت مصر بخيار منها من مسابقة عجائب الدنيا السبع الأخيرة، ويمكن لمصر بالمقابل ان تطعن في نتائج تلك المسابقة كون 99% ممن صوتوا فيها ليسوا مختصين في علوم الآثار، كما ان أحدا منهم لم يشاهد عجائب الدنيا الأخرى، لذا كان التصويت دون معرفة وعلى معطى الحمية والعصبية القومية، ولمصر ان تقترح كذلك تشكيل لجنة من المختصين تحت رعاية الأمم المتحدة تزور جميع الآثار وتقرر بعد ذلك، وسنجد على الأرجح ان تلك اللجنة ستمنح مصر سبع عجائب على الأقل وستعطي لبقية العالم مثلها أو أقل منها.

أمضيت الفترة القصيرة الماضية في زيارة لمدينة أسوان الساحرة وآثارها ثم استمتعت بالرحلة النيلية العجيبة بين أسوان والأقصر التي تلتها زيارة معابد ومتاحف الأقصر العديدة والتحليق فجرا بالمنطاد فوق الكرنك ووادي الملوك، ويمكن في تلك الزيارة ان تشاهد الملايين من السائحين الأجانب ممن لا أثر لهم في القاهرة المزدحمة وبالمقابل لن تجد عربياً أو خليجياً واحداً في تلك المدن الرائعة قليلة السكان، نظيفة الهواء.

ورؤية الآثار المختلفة دون مرشد سياحي تجعلها صخورا مملة، أما بوجود المرشد السياحي المختص فتتحول الى تاريخ إنساني حيّ ناطق، تذهلك إنجازاته وتقدمه العلمي والحضاري ما يجعلك تتساءل لم تجمد الزمن خلال 5 آلاف سنة فلم يُبن شيء على تلك الحضارة المعجزة؟ مما جعل بعض المختصين الأجانب يعتقدون بحق ان القائمين عليها أتوا من كواكب أخرى.

ويمكن لمصر ان تكون لها عجائبها السبع (على الأقل) الخاصة بها التي تفوق في رقيها وقدمها وتقدمها جميع عجائب الدنيا الأخرى، ومن تلك العجائب 1 – الأهرامات، 2 – الكرنك، 3 – معابد أبوسمبل، 4 – معبد الأقصر، 5 – مقابر وادي الملوك، 6 – مقبرة نفرتاري (ملكات)، 7 – ادفو، 8 معبد نفرتاري أبوسمبل، 9 – معابد كوم امبو، 10 – معبد الفيلة، 11 – أبوالهول، 12 – مجموعة توت عنخ آمون، 13 – تماثيل رمسيس الثاني، 14 – المسلات التي وزع منها 12 مسلة لعواصم العالم ولم يبق منها إلا 5 في مصر، 15 – معجزة نقل وإنقاذ آثار النوبة، وفي هذا السياق لا تحتاج مصر وبها جميع تلك العجائب الحقيقية الى ان تدعو الزائرين والسائحين لزيارة الأعجوبة «الغوبلزية» الزائفة المسماة بالسد «العالي» الذي سبق ان ذكرنا انه غير مذكور على الإطلاق ضمن السدود العشرة الأعلى في العالم، أو الأكثر اختزانا للمياه.

وقد سألني من معي مستغربا وبدهشة ونحن فوق السد، أين السد العالي؟! ان الميزة الوحيدة لذلك السد هي انه أصبح، وبسبب الغضب والجهل الثوري، الأكثر كلفة في العالم على الإطلاق بسبب الحروب التي تمت لأجل بنائه (حرب 56 وما تلاها من حروب 67 والاستنزاف و73) وقد قام النظام الثوري الشاطر بتأميم قناة السويس لبناء السد غير العالي والذي تبنى المئات مثله دون شوشرة في العالم بدلا من الانتظار لعشر سنوات حتى عودتها الرسمية إليه وحصد محاصيلها خلال تلك المدة.

وقد كان بإمكان النظام الثوري ان يشتري أسهم القناة من المساهمين من البورصات العالمية بدلا من التعويض المالي الباهظ الذي فرض عليه ودفعه عام 57 والذي قارب 400 مليون جنيه استرليني، لقد رفض النظام الثوري العبقري حصد بعض تلك المداخيل لمدة عشرة أعوام إلا أن رعونته تسببت في إغلاق القنال ووقف مداخيلها لعشر سنوات أخرى هي عام بعد حرب 56 وتسعة أعوام بعد حرب 67 حتى أتى قرار السادات الشجاع بفتحها، وهذي هي القرارات الثورية العربية العبقرية المعتادة التي يروج لها هيكل ومن لف لفه.

آخر محطة:
الى جانب تلك الزيارات الأثرية يمكن للزائر ان يسكن في فندق كاتراكت أسوان ويفطر أو يتغدى في ركن الملك فؤاد المطل على النيل وان يسكن في فندق القصر الشتوي في الأقصر الذي اعتاد ملوك مصر والعالم زيارته في الشتاء وجميعها تضيف بعدا آخر لمصر الجميلة التي تحتاج الى من يعيد اكتشافها من قبل أبنائها ومن قبل العرب والخليجيين.

سامي النصف

رؤية داخلية

عيدكم مبارك وكل عام وانتم بخير، التهنئة القلبية للمستشار ناصر عبدالله الروضان على ثقة سمو ولي العهد الغالية به، ولأبي خالد آراء ورؤى معروفة عنه تمتاز بالحكمة وبعد النظر، والتهنئة موصولة كذلك للمستشار علي الزميع ان صح ما اتى في الزميلة «عالم اليوم» في عدد يوم امس.

الامن كالصحة لا يشعر بأهميتهما الا من يفتقدهما، نحن امام عهد جديد في وزارة الداخلية يحرص فيه الوزير الفاضل الشيخ جابر الخالد على الاطلاع كل صباح على ما يكتب في الصحف من قبل الكتاب والمحررين وما تنقله الصحف من شكاوى المواطنين ثم متابعتها شخصيا حتى يتم حلها.

الحوادث المميتة واختناقات الطرق في كل الاوقات اصبحت لا تطاق، وسنقترح بعض الحلول التي نرى انها ستساهم في التخفيف من تلك الازدحامات كي لا نصل لمستوى مدن مثل القاهرة او بيروت او دبي وان كانت الاخيرة تعمل جاهدة لايجاد الحلول لمشاكلها المرورية المتزايدة، وتلك الحلول في الاغلب لا كلفة مالية لها.

المقترح الاول الذي يصلح للكويت والقاهرة معا هو بيع مباني الوزارات المختلفة الواقعة في قلب البلد وترك العاصمة لموظفي ومراجعي القطاع الخاص والقيام في المقابل ببناء مجمعات وزارية حديثة وبديلة في ضواحي العاصمة (الدائري السادس او السابع في الكويت و6 اكتوبر او القاهرة الجديدة في مصر) كي يتحول تحرك موظفي ومراجعي القطاع العام في اتجاه معاكس لموظفي القطاع الخاص، حيث يتوجهون «لخارج» العاصمة في الصباح و«لداخلها» ظهرا، وسيقضي المقترح على الازدحامات ويوفر فوائض مالية من بيع اراضي قلب العاصمة.

ونحتاج الى استخدام التكنولوجيا الحديثة في حل الاشكالات المرورية كوضع لوحات اعلان ضوئية ومحطات اذاعية تنبه السائقين طوال الوقت للشوارع المزدحمة وتقترح الطرق البديلة وخلق غرف تحكم متقدمة، ويمكن تعديل زمن الاشارات المرورية لتخفيف الازدحامات وكذلك خلق نظام كالحال في اميركا للاتصال بـ G.P.S السيارات ووضع خرائط للطرق الاقل ازدحاما وزرع لوحات ضوئية تحسب بالثواني زمن تحول الاشارة من الاحمر الى الاخضر والعكس.

اكثر من 77% من طرق الكويت دون حارات امان، ولا ضرر من ذلك، لذا يمكن تحويل حارة او حارتي الامان الواقعة على يمين وشمال بعض الطرق السريعة الى حارات سريعة «دائمة»، فيتحول الشارع ذو 3 حارات الى 5 حارات وذو 5 حارات الى 7 حارات مما يخفف الازدحام على طرق السفر خصوصا، ويمكن تزويد سيارات المرور بكاميرات تصور الحادث في ثوان ثم تبعد على الفور السيارات المتضررة عبر ناقلات القطاع الخاص ويدفع ثمنها مرتكب الحادث، كما يمكن الاستعانة بساتر قماش يغطي السيارات حتى ازالتها منعا للازدحامات التي يخلقها الفضوليون ممن يقفون للفرجة.

والطريق الرابع هو شريان البلد الاساسي وأحد المسببين الرئيسيين للاختناقات المرورية في البلد، والافضل ان تزداد السرعة فوقه الى 120 كم عدا الجسور فقط التي يجب ان تخفض السرعة فوقها الى 80 كم مما سيسرع في اخلائه وتقليل ازدحاماته، كذلك يجب ارجاع الطريق الثالث الى تصميمه الاول الذي قامت به مصلحة الطرق الفيدرالية الاميركية، اي ازالة الاشارات الضوئية منه كي يصبح طريقا رديفا للسيارات المتجهة من الشويخ الصناعية وما خلفها الى السالمية وحولي والنقرة والشعب البحري مما سيخفف زحمة الدائري الرابع الدائمة.

ونحتاج الى الاستعانة بالقطاع الخاص لخلق دورات تدريبية متصلة لرجال المرور تكشف لهم الممارسات الخاطئة التي يقوم بها البعض منهم كعدم التقيد بالسرعة او عدم لبس حزام الامان او تخطي الاشارات الضوئية في كونها ترسل رسائل واضحة بعدم الانضباط لمئات آلاف السائقين الآخرين القادمين للبلاد ومن ثم نلحظ الفوضى المرورية القائمة، ان عملية Feed Back والتدريب المستمر لرجال المرور والمحاسبة لا غنى عنهما لضبط شوارعنا المتسيبة.

آخر محطة:
ونحتاج ايضا الى فلاشات اعلامية مرورية في الاذاعة والتلفزيون حول اهمية ربط الاحزمة وخطورة السرعة وكيفية التعامل الصحيح مع الطوارئ كانفجار الاطارات.. الخ.

احمد الصراف

الغول والعنقاء والخل الوفي

لا اعرف أيا من اغاني الفنانة ماجدة الرومي، ربما يعود سبب ذلك لطغيان صوت فيروز على ذوقي وفكري من جهة، وربما لعدم استساغتي لصوت الاولى من جهة اخرى. ولكن هذه السيدة استطاعت، خلال عشر دقائق، ان تهزني من الاعماق، وتسحب الدموع قسرا من مقلتي المرة تلو الاخرى بعد ان شلت قدرتي على المقاومة وانا استمع لها وهي تلقي كلمتها في الذكرى السنوية الاولى لاستشهاد النائب والصحافي جبران ابن الكبير غسان التويني.
بعزم وقوة ومن دون لعثمة او تردد وبصوت واضح وبمنتهى القسوة الادبية، قالت كلمتها ورأيها في ما هو جار في وطنها لبنان منذ اكثر من ثلاثين عاما، ولا يمكن تخيل، لمن لم يسمعها، كم كانت صادقة وباهرة ودقيقة ومؤلمة في ما قالته.. قالت، وبلهجتها اللبنانية المحببة: ‘كم سنة بعد راح ننطر تنشوف خلاص لبنان. كم قلب لازم ينكسر وكم بيت لازم يخرب وينكسر وكم لبناني لازم ينام على الهم ويفيق على الغم وكم شب وصبية لازم يفلوا تا تجتمعوا وتتفقوا وتقرروا وتنهوا ها لوضع المأساوي اللي نحنا فيه.
‘كيف فينا ننقسم لدرجة انه انا مثلا الاقي ناس تقول لي اوعك تروحي تصلي في جناز بيار. او اوعك تروحي تحكي بذكرى جبران!
مين التانيين؟ مين الأولين؟ مش كلنا لبنانية؟ وهالشهدا كلن يللي ماتو بصدق وبدون تجميل من اقصى جنوب لبنان لاقصى الشمال، من شهدا الجيش لكل اللي ماتوا إلنا، لخيرة شبابنا واللي كانوا معهم ومرافقينهم مش كلهم ذنبهم انهم لبنانية؟ ما عدنا نلتقي حتى على الشهدا! صارفيه شهيد إلهم وشهيد إلنا؟! كم هو مؤلم هذا الحكي وانا برفضه واعلن من هون انه يشرفني اكون في جناز بيار ويشرفني اكون في ذكرى جبران، واذا انا متهمة بأني لبنانية.. نيالي!’.
***
مساحة هذا العمود المحدودة لا تكفي لكتابة كل ما قالته هذه الفنانة، التي كبرت كثيرا في عيني وفكري، ولا يمكن تخيل روعة ما قالته دون سماعها ورؤيتها وهي تتكلم بجمال وثبات وصدق، وكأن كلماتها طلقات تخرج من فمها لتصيب صدور السياسيين اللبنانيين الذين اوصلوا الحال في ذلك البلد الجميل لما هو فيه الآن، والاقرب للكارثة منه لأي شيء آخر.
ما ورد في كلماتها جعل مشاعري تختلط بشدة. فمن جهة بات واضحا مدى عظمة لبنان الى درجة اصبحنا نردد مع الآخرين ان اهله غير جديرين به.
ومن جهة اخرى، اصبحنا نردد في الوقت نفسه ان وجود هذه السيدة وامثالها كفيل باستمرار لبنان المحبة والعطاء الى الابد.
ان لبنان، كما كررنا في اكثر من مناسبة وكلمة ومقال، لا يحتاج لمحبة مواطنيه بقدر ما هو بحاجة لاحترامهم! واعتقد انني لم اقابل حتى هذه اللحظة، على الرغم من مرور اكثر من خمسين عاما على معرفتي الوثيقة بلبنان، ارضا وشعبا، من هو على استعداد لان يحترم وطنه، ويضعه قبل الدين وقبل الطائفة وقبل رأي الزعيم!
وحتى ايجاد ذلك المواطن، يبقى تشاؤمنا السابق على ما هو عليه.
ملاحظة: لمن يود تسلم كلمة السيدة ماجدة الرومي الاتصال بنا عن طريق عنوان الانترنت ادناه.
أحمد الصراف