سامي النصف

هل تؤدي الاستجوابات لتحسين الخدمات؟

يُعرف عن اهل الكويت تاريخيا انهم اهل صيد، فبعضهم يعشق صيد البحر والبعض الآخر صيد البر، ويعلم هؤلاء جميعا ان النهج الخاطئ للصيد كاستخدام الصنارة لصيد الزبيدي او طعم الحشرات لصيد الصقور لا يؤدي للهدف المنشود حتى لو كررت المحاولة آلاف المرات، ومن ثم تقتضي الحكمة والتقييم الصحيح للامور استخدام الاداة المناسبة للوصول للهدف المناسب.

هذا الامر ينطبق كذلك على الاستجوابات التي ثبت بشكل قاطع انها لا تؤدي الغرض منها وهو تحسين الاداء في القطاعات الخدماتية (تعليم، صحة… الخ) التي يتعرض وزراؤها بشكل متكرر للاستجوابات والدليل على ما نقول انه ورغم عشرات الاستجوابات والتغييرات الا ان الشكوى مازالت قائمة التي ربما أساءت الاستجوابات لها بدلا من تحسينها نظرا للتغيير المستمر في المسؤولين عنها حتى اصبح معدل بقاء الوزير في وزارته لا يتعدى اشهرا قليلة، فكيف له ان ينتج؟ وكيف للخدمة التي يستخدمها الشعب الكويتي كافة ان تتحسن؟

واذا كنا لم نستفد من الاستجوابات المتتالية لتحسين الخدمات، بل قلّ ان تكون هناك متابعة لاحقة لمحاور الاستجوابات بعد ابتعاد الوزير المعني وكأن الاستجواب وضع للانتقام الشخصي لا للخدمة العامة، وجدنا ان الاستجواب الحالي قد اضيفت له بعض السلبيات كالألفاظ المؤسفة التي لم نعتدها في التخاطب، خاصة بين نواب ووزراء زملاء في العمل السياسي تضمهم قبة برلمان واحد.

ومن سلبيات الاستجواب الحالي استخدامه من قبل البعض لتقسيم المجتمع الى تفرعات فئوية لا يرتضيها احد بعيدا عما اعتدناه من ردود فعل مؤيدة او معارضة للاستجواب طبقا لموضوعية محاوره. اننا لا نرى غرابة على الاطلاق في ان تقوم الكتلة الاسلامية الجديدة باستجواب وزيرة التربية طبقا لقناعاتها.

كما انه ليس من المستغرب ان تدعم كتلة العمل الشعبي استجوابا يقدم ضد وزير في الحكومة دون ان يحمَّل هذا الموقف فوق ما يحتمل، فقد سبق للنائب الفاضل د.حسن جوهر ان تقدم باستجواب ضد وزير التربية الاسبق وقد كان الطرح راقيا في ذلك الاستجواب ونال ثناء الجميع، وهو ما نأمله.

ومثل ذلك الموقف المعتاد من كتلة العمل الوطني وحليفها النائب الفاضل عادل الصرعاوي من دعم معلن للوزيرة منذ اليوم الاول لتوزيرها لما يرونه من مسار اصلاحي لها في الوزارة ابان تسلمها منصب الوكيل المساعد فيها، لقد تم تقديم الاستجواب بالامس والمهم ان نشاهد ممارسة سياسية راقية، لا يتم خلالها اصدار الاحكام المسبقة قبل المداولة ولا تستخدم فيها الالفاظ الخارجة، كما لا تحكم بها إلا الضمائر الحية ولا تقدم بها الا مصلحة الكويت، فالمسؤولية السياسية والتاريخية جسيمة امام الله وامام المواطنين، فلتشهد جلسة الاستجواب المقبلة اداء غير متشنج نفوز به بالعنب دون ان نقتل الناطور او الناطورة.

آخر محطة:
حقا هل سيتم استجواب وإبعاد كل وزير تحدث اخطاء او تعديات او تحرشات جنسية في وزارته؟! ان كانت الاجابة بنعم فلنستعد للاستجواب والابعاد اليومي للوزراء كون مئات آلاف العاملين في دوائر الحكومة ليسوا ملائكة بل بشر خطاؤون، وان كانت الاجابة بلا فلنعامل وزيرة التربية كمعاملة بقية الوزراء ممن تجب محاسبتهم لا على الخطأ الذي ارتكبه غيرهم، (وألا تزر وازرة وزر اخرى)، بل على معطى عدم محاسبة من اخطأ ان حدث مثل ذلك الامر.

احمد الصراف

ضربني وبكى سبقني واشتكى

لم تتسبب جهة في الاضرار بالتعليم، على مدى السنوات الثلاثين الماضية، في المدارس والمعاهد الحكومية بالذات، كما فعل كبار مسؤولي الوزارة، وبالذات من المنتمين ل’جمعية الاصلاح الاجتماعي’، وبعض من السلف!
وعلى الرغم من هذه الحقيقة التي يعرفها كل من له علاقة بالتعليم، فان أمين الاصلاح، السيد بدر ناشي، كان أول من طلب مقابلة رئيس الحكومة للشكوى من انحدار مستوى التعليم، خصوصا بعد ظهور النتائج الخطيرة والمؤسفة جدا لدراسة البنك الدولي عن مستوى الكويت التعليمي بين دول العالم!.
بينت دراسة البنك أن الكويت، على الرغم من ثرائها المادي وقلة مشاكلها الاجتماعية نسبيا، وصغر حجمها وضآلة عدد سكانها وتوافر بنية تعليمية كاملة فيها، فانها احتلت المرتبة 43 بين 45 دولة(!!) وكان مستوى المغرب وجنوب أفريقيا فقط أدنى منها، وسبقتها قطر وايران وغيرهما الكثير. أما أندونيسيا، التي ينظر الكثير من الجهلة إليها نظرة دونية لا لشيء الا لأنهم يجلبون منها خدم منازلهم، فقد كانت بمستوى تعليمي أفضل من الكويت بكثير!
المؤلم والمؤسف والمبكي لا يكمن في هذا المستوى المنحدر والهابط الذي بلغه التعليم في دولة الرخاء وطلبات اسقاط القروض والغاء فواتير الكهرباء، بالرغم من فداحة الأمر، بل في تقرير نفسر المصدر الذي صدر قبل 6 سنوات والذي وضع الكويت في المرتبة 33 من بين 35 دولة فقط! أي أن وضع التعليم أصبح الآن أكثر سوءا مما كان عليه قبل 6 سنوات! فهل هناك ما هو أكثر بؤسا واجراما بحق الوطن والمواطنين من هذا؟ وأين كان السيد أمين عام جمعية الاصلاح الاجتماعي، فرع التنظيم العالمي للاخوان المسلمين، وأين كانت جماعته من ذلك التقرير ولماذا لم يتقدموا بالشكوى في حينه، خصوصا أن ‘جمعية معلمي الكويت’ كانت، ولا تزال قابعة في أحضانهم منذ عقدين؟
غريب أن لا تقوم أي من الحكومات الرشيدة التي شكلت في 2001 على الأقل، بعمل شيء لانقاذ التعليم بالرغم من الصرخة التي أطلقها خبراء البنك الدولي في حينه. والأغرب أن ليس في الأفق ما ينبئ بوجود نية لفعل شيء ما لانقاذ الوضع! والأغرب من كل هذا وذاك أن مدارس تحفيظ القرآن زادت في الفترة نفسها ثلاثة أضعاف، ولم يقف أحد ليسأل نفسه عن فائدة كل هذا الكم الهائل من حفظة القرآن، ومستوى التعليم العام بمثل هذا الانحدار والتهالك، وما فائدة مسلم قوي في حفظه لنصوص كتبه الدينية ولكنه ضعيف في كل المواد الأخرى، دع عنك العلمية؟!
أوليس غريبا كل هذه الزيادة السنوية في عدد الراغبين في تخصيص جوائز مسابقات للمبدعين في الحقول الدينية من دون أن يفكر واحد منهم في تخصيص ولو جائزة يتيمة واحدة للمبدعين في الفيزياء أو الأحياء مثلا أو حتى في الجغرافيا؟
ملاحظة: نتمنى أن لا يرد أمين الجمعية بالقول ان بعض من تولوا حقيبة التربية، خلال الفترة نفسها، كانوا من الليبراليين! حيث إن هذا مجاف للحقيقة، فلم يستلم ليبرالى أمور التربية في الكويت بعد عبدالعزيز حسين، وأقرب هؤلاء لليبرالية هو الذي وافق على قانون الفصل الجنسي الأخرق في الجامعة والذي تبعته أنظمة فصل وعزل أخرى في جميع المرافق التعليمية. نقول ذلك ونحن نعلم بأن العلة في المناهج والخطط التربوية والسياسات والعقليات التعليمية، وليس في وزير يأتي لسنة أو اثنتين لا يعرف خلالهما من هو ‘طقاقه’!.
أحمد الصراف