سامي النصف

قصة الصاروخين الظافر والقاهر

قد تتشابه قصة الصواريخ والطائرات الإيرانية هذه الأيام مع قصة الطائرات والصواريخ المصرية في الستينيات، فمسار الثورة الإيرانيةلا يختلف كثيرا عن مسار الثورة المصرية من صراع مع القوى الكبرى، ومحاولة تصدير الثورة، واللجوء للتثوير وحروب الوكالة وإعمال المخابرات للاضرار بالخصم الذي تصعب مواجهته مباشرة بسبب ميزان القوى المختل معه.

قام الانقلاب العسكري المصري عام 1952 على معطى دعم الغرب له حتى ان الشيوعيين والاخوان المسلمين هاجموه في حينه كونه يمثل واجهة عسكرية غربية كحال عسكر اميركا اللاتينية، وقد اعتمد النظام المصري في ذلك الزمن المبكر على دعم الغرب المالي والتقني وحتى الأمني والمخابراتي له حيث أنشأ الأميركان، لا الروس، المخابرات المصرية على يد رجلهم في مصر زكريا محيي الدين الذي تصدّرت محاضرته عن «لعبة الأمم» كتاب مايلز كوبلند الشهير المسمى بذلك الاسم.

في أواخر الخمسينيات أرادت مصر ان تطور امكانياتها القتالية لصنع طائرات وصواريخ لها قدرة على حمل أسلحة نووية، خاصة بعد ان اصبحت في خصومة بالغة مع اميركا وروسيا على حد سواء وجميع جيرانها في الوقت ذاته، لذا اتجهت لعلماء الصواريخ الألمان العاملين في فرنسا وتم استقدامهم لمصر كما بدأت توازيا عملية تصنيع مشترك مع الهند للطائرة القاهرة HA300 التي صممها العالم الالماني فيللي شميت وقادها في أول اختبار لها في القاهرة الطيار الهندي بهرجافا كابل.

على جانب الصواريخ استقدم للقاهرة في عام 1960 وإبان عهد الوحدة مع سورية فريق ألماني غربي برئاسة البروفيسور فولفانج بيلتز لصناعة نوعين من الصواريخ هما القاهر (20 طنا) والظافر (4 أطنان)، وقد أعلن عبدالناصر عام 62 عن اطلاق الصاروخين (وهو ما لم يحدث) مما شكل ضغطا على الحكومة الاسرائيلية وجهاز الموساد لتخريب المشروع، لذا بدأت عملية الاغتيالات وارسال الرسائل الملغومة للعلماء الألمان، إلا أنهم بقوا على مسارهم الجاد لصنع هذين النوعين من الصواريخ.

وقد فشلت عملية الاطلاق الأولى للظافر في مارس 63 وبقي العمل مثمرا رغم محاولات التخريب الاسرائيلية، إلا أننا ننجح دائما في تخريب ما يفشل الخصوم في تخريبه، حيث قام الرئيس عبدالناصر باستقبال رئيس المانيا الشرقية اولبرخت والاعتراف بدولته ما أدى الى قطع المانيا الغربية للعلاقات الديبلوماسية مع مصر.

بدأت بعد ذلك مغادرة العلماء الألمان الغربيين لبلادهم بعد ان شنت صحافتهم حملة شرسة عليهم واتهمتهم فيها بالخيانة والتعاون مع المانيا الشرقية، وقد تعثر مشروع الصواريخ والطائرات تبعا لذلك، وبعد حرب 67 بدأ السوفييت عمليات تزويد مصر بالصواريخ والطائرات الحديثة التي تقل كلفتها بكثير عن كلفة الصواريخ والطائرات المصرية، ومن ثم تم قتل ذلك المشروع الطموح والجدي آنذاك وعليه لم تكن تلك الصواريخ أكذوبة
أو من صنع نجار، كما قيل استهزاء، بعد هزيمة 67 المرّة إلا انها لم تكن جاهزة في حينها لتلك الحرب.

آخر محطة:
يعجب البعض بخطب الرئيس عبدالناصر العاطفية، إلا أن الحقيقة تظهر ان لتلك الخطب آثارها المدمرة، فبعضها قلب وأحال الأنظمة الليبرالية الديموقراطية الى أنظمة عسكرية ديكتاتورية، وبعضها الآخر دمّر مشروع الصواريخ الواعد والبعض الثالث أدخل مصر والأمة العربية نكبة 67، «مو خوش خطب»!

سعيد محمد سعيد

38 قرية… وضواحيها!

 

تتصدر قرى المحافظة الشمالية قائمة المناطق ذات الاحتياج الأكبر إلى الخدمات من مختلف النواحي، فهذه المحافظة التي يصل عدد قراها إلى 38 قرية ويزيد، ويتراوح عدد سكانها ما بين 160 و 180 ألف نسمة، عكست الصورة الطبيعية الاعتيادية لمفهوم التوزيع المدني، فللمدينة ضواح، لكن أن تصبح للقرية ضواح فهذا يعني أن الصورة معكوسة فعلا!

لكن كيف يمكن تقويم هذه الصورة، المعكوسة كما أقول؟! ليس لذلك من سبيل إلا تقديم الدعم الحكومي بصورة أكبر لهذه المحافظة دون غيرها من المحافظات! استنادا إلى التعداد السكاني والنقص الكبير في مرافق خدماتية متعددة بدءا بالإنارة وانتهاء بالمشروعات الإسكانية. وإذا كان السبيل هو ضخ المزيد من الدعم الحكومي ماليا واداريا، فإن للمحافظة الشمالية وللمجلس البلدي للمنطقة الشمالية ولكل تفريعات الوزارات الحكومية خصوصية من هذه الناحية، نأمل من مجلس الوزراء أن يوليها دراسة خاصة لتغطية احتياجات المواطنين في هذه البقعة المهمة، ولسنا هنا نغفل دور وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، ولا دور وزير شئون البلديات والزراعة منصور بن رجب في هذا الاتجاه، لكننا في انتظار تسريع الخطوات التي أمرت بها القيادة على صعيد المشروعات الإسكانية والاجتماعية والتربوية والترفيهية أيضا.

وعلى رغم الاتصالات والتنسيق والعمل الدؤوب من جانب المواطنين في المحافظة مع مختلف الجهات… وعلى رغم النتائج السلبية غير المنجزة، فإنه لا أحد يلوم أهالي قرية القلعة أو المقشع أو الجسرة أو كرانة وسائر القرى لتقاعسهم في التحرك، وكذلك الحال بالنسبة إلى المسئولين، فلدينا اليوم في المحافظة الشمالية دور جديد يحمله المحافظ الجديد جعفر بن رجب، وهذا الدور له تبعاته الكبيرة ومساره الذي حمله سلفه أحمد بن سلوم بكل أمانة، وبذل ما في وسعه من جهد لتحقيق ما أمكن تحقيقه على رغم صعوبة الظروف ومغالق المسارات.

على أية حال، يعلق المواطنون في المحافظة الشمالية على محافظهم الجديد بن رجب الآمال الكبار، ولذلك، نأمل أيضا أن يكون للحكومة وجودها في تحقيق ما يتمناه المحافظ بن رجب والمواطنون في قرى الشمالية من أقصاها إلى أدناها، والثقة كبيرة في أن الجميع لن يقصروا أبدا

احمد الصراف

الأب الجاهل

نحن، بشكل عام، شعوب شكاكة لا تصدق ما يقوله الآخر، وخاصة اذا كان من ‘الحكومة’!! ولو نشرت اعلانا عن رغبتك في بيع بيت بمساحة ألف متر مثلا ولونه أصفر ويقع في القادسية لأعاد كل متصل السؤال عن حقيقة لون البيت وموقعه ومساحته في أسئلة مكررة وكأنهم لم يقرأوا تفاصيل الاعلان.
كما علمتني التجربة أن كل ما يرد في اعلان توظيف عن مواصفات شغل وظيفة محددة لا يعيرها المتقدم لشغل الوظيفة أي اهتمام وبالتالي نجد أن أكثر من 50 % من المتقدمين لأي وظيفة معلن عنها لا تنطبق عليهم الشروط.
والآن، ما الفكرة التي ستكونها عن شخص قام بنشر اعلان صحفي موجه لأبنائه فقط يطلب فيه منهم التقدم لشغل وظيفة نائب مدير عام لاحدى مؤسساته؟! لا شك أنك ستعتقد بأن صاحب الاعلان هذا رجل كثير الأبناء الى درجة لا يعرف فيها اسماءهم جميعا، ولا توجد لديه سجلات تحصر عددهم، ولا يعرف عناوينهم ولا كيفية الاتصال بهم، وبالتالي فهو انسان جاهل ومهمل وفوق هذا وذلك عديم الاحساس بالمسؤولية!!
ولكن، ماذا لو قامت مؤسسة حكومية جامعية تعنى بالتعليم والتطبيق العملي للعلوم والتدريب على المهارات بنشر اعلان في الصحف المحلية تعلن فيه عن فتح باب الترشيح لمنصب نائب مدير عام، والصحيح هو لشغل ثلاثة مناصب مدير عام، وليس منصبا واحدا، كما ورد في الاعلان؟!
ستعتقد بأن الوظيفة مفتوحة للجميع، ولكن عندما تقرأ الشروط الواجب توافرها في المتقدم تجد أن أولها، أن يكون المتقدم من أعضاء هيئتي التدريس والتدريب في المؤسسة نفسها!! وهذا يعني أن هذه المؤسسة التعليمية لا تعرف كيفية الوصول لأبنائها، أو التواصل معهم وبالتالي اضطرت إلى اللجوء للاعلان.
أما الشرط الثاني، فقد تعلق بضرورة توافر شروط ومعايير محددة في المتقدم للوظيفة. وهنا يفترض أن هذه الجهة، المختصة بالتعليم والتدريب، هي الأقدر من غيرها على تحديد من من أبنائها تتوافر فيه شروط التعيين أكثر من غيره، وذلك لكي توقف سيل الطلبات غير المنطقية، لأن الجميع سيتقدم للوظيفة بصرف النظر عن الشروط!!
وهكذا، نجد أن ‘الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب’، صاحبة الاعلان، لم تختلف كثيرا عن ذلك الأب الجاهل الذي لا يعرف أبناءه ولا عددهم ولا كيفية الاتصال بهم، والذي اضطر إلى نشر اعلان موجه لأبنائه بالذات يطلب فيه ممن تتوافر فيه مواصفات محددة الاتصال به لشغل منصب محدد!! ألا يعتبر هذا أمرا مخجلا في حق مؤسسة متخصصة في شؤون التعليم والتدريب؟
واذا كانت هذه حال مثل هذه الجهات فما هو وضع الجهات الحكومية الأخرى الأقل تعليما وتدريبا؟
نترك الجواب لفطنة القارئ ولمسؤولي الهيئة.
أحمد الصراف