سامي النصف

أحكام قضائية

أكبر الكبائر لدى الاديان السماوية وضمن القوانين الوضعية هي ازهاق النفوس والارواح البريئة، ويعجب المواطنون من احكام قضائية نقرأها في صحفنا تجعل ازهاق النفس الواحدة او حتى النفوس مجتمعة اشد منها مخالفات المرور او حتى التعدي بالشتم على الآخرين كونها تنتهي اما بالسجن او الغرامات المالية الباهظة لا احكام براءة مطلقة كما يحدث مع جرائم القتل بعد ثبوتها.

لقد قرأنا ما تم مع جريمة قتل الاطفال التي كتبنا عنها قبل مدة قصيرة ثم قرأنا بعد ذلك عن جريمة الاب الذي ربط ابنه المعاق بالسلاسل وتركه تحت الشمس حتى توفي بدلا من ايداعه احد المصحات او المستشفيات وذهب الفاعل دون عقاب، ثم قرأنا بعد ذلك اطلاق سراح المواطن الذي «قتل» خادمه والحال كذلك مع ما اخبرنا به من مصير من نحر ابنته كنحر الشاة دون ذنب وقد تكون هناك عشرات الاحكام المماثلة التي لم نطلع عليها بسبب عدم نشرها.

وتحت خبر اطلاق سراح قاتل ابنه في الكويت على موقع «العربية» قرأت خبر تنفيذ حكم الاعدام في ايران بشاب قتل طفلة ثم قطعها بالسكين ودفنها ثم عاد واخرج جثتها من القبر واعاد تركيبها على الفراش ونام بقربها وعاود دفنها في الصباح وحاول بعد عدة ايام اخراج الجثة لاعادة تركيبها، الا ان تعفن الجثة ورائحتها منعاه من ذلك لذا اكتفى بالنوم قرب رأس الطفلة!، اذا لم يكن ذلك القاتل مجنونا فما الجنون اذن؟! ومع ذلك تم اعدامه ولو حدثت تلك الجريمة لدينا لكان القاتل يمشي بيننا طليقا بعد حصوله على صك البراءة السريع من وزارتي الصحة والعدل ولكان رجال الشرطة والمحققون يندبون حظهم العثر على جهدهم الذي ضاع هباء.

وفي اغلب الجرائم الشنيعة التي نقرأ عنها ومنها الجريمة التي حدثت قبل ايام نجد ان هناك صحيفة سوابق خطيرة وطويلة للفاعلين المطلق سراحهم، واذكّر هنا بالتشريع الاميركي المسمى strikes lucky 3 اي ان من لديه سابقتان عدليتان يصبح حكم الثالثة حتى لو كانت سرقة قنينة شراب غازي من سوبر ماركت هو المؤبد لردع ومنع المجرمين من تكرار ارتكاب الجرائم، لدينا نقرأ في الصحف عمن لديه 20 – 30 سابقة ويبقى مطلق السراح للسير بيننا حتى يقتل احدا ثم ينظر في امره، فإما الحجز والعقاب المتأخر او اطلاق سراحه مرة أخرى!

ان تقديس غير المقدس كأحكام القضاء امر يجب ان يعترض عليه القضاة الافاضل قبل غيرهم لذا يجب ان يخلق نظام تنتقد من خلاله الاحكام القضائية بكل شفافية ويتم التعرف على اسباب صدورها واي علة تشوبها حتى تمتد عملية الاصلاح الذي ترفع رايته الدولة ويطالب به الشعب قاطبة من السلطة الاولى الى السلطات الاخرى.

آخر محطة:
نرجو من معالي وزير الداخلية الفاضل الأمر بالاسراع في انشاء 5 – 10 سجون حديثة وجديدة تقسم حسب طبيعتها، فلأصحاب المخالفات المرورية والجنح الصغيرة سجون ذات نوعية معينة يمكن حتى ان تسمح للسجين بقضاء النهار في عمله وبين اهله والعودة مساء لها كما يحدث في بعض الدول المتقدمة، ثم تتدرج السجون الى النوعية المتشددة المختصة بعتاة الاجرام ممن يجب ان يبعدوا عن السجناء الآخرين، بل حتى عن بعضهم البعض منعا للضرر، ان اكتظاظ السجون الحالي هو احد اسباب الاحكام المخففة الصادرة على بعض المجرمين وهو دواء أمرّ من الداء.

احمد الصراف

لم السكوت عن هذا العبث؟

من المعروف اننا عربا ومسلمين، ندين كما يدين بقية بشر الارض للغرب بالكثير مما ننعم به من وسائل راحة وسبل اتصال ومواصلات. وإليهم وحدهم يعود الفضل في اكتشاف الكثير من اركان الدنيا التي بقيت مجهولة حتى وقت قريب، فالربع الخالي ومنابع النيل وغابات الأمازون ومنابع الأمازون ومجاهل افريقيا وقمم الهملايا، لم يكتشفها غير غربيين من اوروبا وأميركا.
كما يعود الفضل الأول والأكبر في ايجاد الأدوية والحقن، ان لم يكن كلها، والاجهزة والامصال الطبية التي قضت على الكثير من الاوبئة التي كانت تفتك سنويا وعلى مدى قرون طويلة بملايين البشر، إلى المختبرات والشركات الغربية وللملايين الخيرية التي تم التبرع بها للجامعات ومراكز الأبحاث الطبية والعلمية، وبالتالي من المؤسف حقا ان نجد من يتطوع منا، بمناسبة وغير مناسبة، لصرف مبالغ طائلة على كتابة وطباعة وتوزيع عشرات آلاف المنشورات والمطويات التي تتضمن تهجما مقذعا على الغرب بشكل عام والمسيحي بشكل خاص، والسخرية منهم ولعنهم والتقليل من شأنهم، والدعوة لاحتقار معتقداتهم ورسم صلبانهم وهي مكسورة ومرمية في أقذر الاماكن، واستمراء الطعن والتشكيك في ميلاد رموزهم والتقول عليهم بما لم يقولوه.
والغريب ان تقبل بعض ادارات الصحف توزيع مثل هذه المطويات والمنشورات المشبوهة، ضمن صفحاتها وكأنها تمثل وجهة نظرها، بالرغم من ان ما يتم تحقيقه من ربح مادي مقابل القيام بذلك العمل المخجل ضئيل من ناحية، ولا يقارن حتما بما يسببه من ضرر وتخريب داخلي وخارجي من ناحية اخرى، والأغرب من ذلك وقوف جماعة ‘المركز العالمي لنشر الوسطية’ امام كل هذا الكم الهائل من الهجوم المقذع مكتوفي الايدي، وكأن الأمر لا يعنيهم، وهم الذين اختاروا اول ما اختاروا، عقد مؤتمراتهم الوسطية في عقر دور الغرب، وبالذات في لندن وواشنطن، فكيف يستقيم سكوتهم عن صدور مثل هذه المنشورات لدينا مع سعيهم لكسب ود الغرب من خلال مخاطبته في كبرى عواصمه؟، وماذا سيكون رد فعلهم ان تمت في يوم ما مواجهتهم بهذه المنشورات التي تطعن ليلا ونهارا بأقدس أقداسهم؟
قد يقول قائل ان من حقنا ان نقول عن معتقدات الغرب المسيحي ما نشاء، وان ما يأتي منهم من دواء أو غذاء ندفع ثمنه نقدا لهم، وهذا المنطق سنقبل به، على الرغم من عدم صحته وخلوه من المنطق، لكن ليس من حقنا في الوقت نفسه التشدق بمركزنا العالمي لنشر الوسطية، فهذا المركز وما ينشر من فساد ديني لا يستقيمان معا في البلد الواحد ومن جهة واحدة.
فيا أيها المسيحي الكويتي وأنت أيها الغربي وفي أي بقعة تكونون نعتذر لكم جميعا عما بدر في حقكم من البعض منا، فإنهم لا يعقلون.. وننتهز هذه المناسبة لنهنئكم وأنفسنا بأعياد ميلاد سعيدة ومجيدة.
أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

مجتمع الانتقامات… البحرين أنموذجا!

 

ليست صورة الأم التي تلطم صدرها أو رأسها وهي تنهار أمام جثة زوجها أو ابنها الشاب في العراق الجريح هي وحدها الصورة التي تبكي المشاهد! آلاف الصور، إن سنحت الفرصة لمشاهدتها في العراق، وفي فلسطين، وفي الخليج، وفي البحرين، تجعلنا نبكي، وسنبكي مرارا في المقبل من السنين!

هكذا، تصبح الصورة المأسوية في العراق، لسيدة سنية كانت أم شيعية، منطلقا لخلاف عقيم سيئ بغيض بين بعض الناس ها هنا في البحرين… فتشتعل من جديد الفتن التاريخية، ويستحضر البعض، الإسقاط المرئي والمسموع والملموس، حتى تنفجر الصدور غضبا، وتتسع مساحة الغضب على يد بعض الكتّاب الصحافيين الكبار في البلد – مع شديد الأسف – لينشروا ترهات نقلت من موقع إلكتروني هنا كتبه مجهول معتوه قليل العقل، أو لرسالة وردت من مجهول صغير العقل أيضا… وخذ ما تشاء من تصريحات صحافية ونقاشات في مجالس وفي أماكن عمل كلها تبحث عن نقطة إشفاء غليل طرف من الآخر.

المهم، أيها الأحبة، أن البحرين أصبحت بكل المقاييس مجتمعا للانتقامات! ولا أبالغ في ذلك أبدا! ولينظر من يريد التأكد كيف هي العلاقة تحت قبة البرلمان بين مختلف الكتل… فإذا كانت المؤسسة التشريعية تقدم إلينا صورة من حب الانتقام والتصادم الطائفي والافتخار بدحر الأعداء وإفشال «مخططاتهم» لتتصدر أخبار هزيمة “الوفاق”، أو فشل “المنبر”، أو سقوط «الأصالة»، أو تورط الكتلة الفلانية، الصفحات الأولى، ويصبح النشر “حبا وكرامة” حينما يكون كيديا وانتقاميا!

وليست الرغبة الانتقامية المتولدة في نفوس الكثيرين هي نتاج حالة مرضية فحسب، بل زد على ذلك أن البغض الطائفي الذي ينتشر كالنار في الهشيم داخل البيت البحريني، يدفع أيضا إلى أن يستمر السؤال عن شاب أو شابة في حال التقدم للعمل في المؤسسة العكسرية: «شيعي لو سني؟!»، وتتضخم حالة الانتقام تلك لتتم عملية تصفية حسابات في موقع عمل ما، حين يقبض الكرسي المسئول السني الجديد ليلعن “شكل” الشيعة، ويصبح السنة في مرمى «القذائف» حين يقبض الكرسي مسئول شيعي، وفي كلتا الحالتين، فإن الكل متهم بالطائفية، لكن النتيجة الجميلة ذات المذاق الطيب هي أن الكل… الكل يعلن أنه (ضد الطائفية)، وضد التمييز في التوظيف، وضد نفسه إذا سولت له العمل بغير الحق!

فمن أين يأتي الطائفيون يا ترى؟ أم أن البلد تسكنها الأرواح الشريرة التي لا ترى بالعين المجردة، وهي التي تثير الطائفية والمشكلات التي يعيشها الناس، فلا مجال لفكها إلا بتعويذة نائب ولي من أولياء الله الصالحين؟!

سنكون أحسن حاليا إن توقفنا عن الكذب على بعضنا بعضا… على الأقل، طلبا للثواب وحسن العاقبة.