سامي النصف

دكاترة وطيارون

هناك من يعتقد – دون مزاح – ان بإمكان دكتور التاريخ او اللغة العربية ان يجري عملية القلب المفتوح او جراحة المخ كونه «دكتور»، هذا الجهل المدقع ينطبق تماما على من يعتقد ان اي «طيار» يستطيع الحديث بكفاءة عن عمليات تخصيص «الكويتية» لمجرد انه يعطي لنفسه لقب طيار وان يفتي بتلك القضية العامة التي قد تكون معرفته بها كمعرفة رضيع كويتي باللغة الهيروغليفية او المسمارية القديمة.

لمصر ومنذ 30 عاما تجربة ناجحة في خصخصة القطاعات المختلفة، وقد نشرت صحيفة «المصري اليوم» في عدد الاربعاء 5/12 الماضي لقاء مع مرجع كبير في شؤون الطيران العربي هو احمد شفيق وزير الطيران المصري، وقد أتى اللقاء – للتذكير – بعد المقالين اللذين نشرناها في معارضة خصخصة «الكويتية»، فماذا قال الوزير المصري شديد الاختصاص في علوم الطيران؟!

بالمانشيت العريض كتبت الصحيفة على صفحتها الثانية «شفيق: تراجعنا عن طرح أي نسبة من مصر للطيران للخصخصة» و«لا مكان في سمائنا للشركات التي تحرق الأسعار»، ثم نقرأ ضمن اللقاء «ما أثير حول طرح مصر للطيران 20% من أصولها للبيع غير وارد»، وأكد الوزير المختص ان «مصر للطيران» وضمن ملكيتها العامة للدولة اصبحت من القوة ما يمكّنها من منافسة شركات الطيران الكبرى.

ومما قاله الوزير ان انضمام مصر للطيران واسطولها الحديث لتحالف «ستار» العالمي الذي يضم كبرى شركات الطيران العالمية والارباح المجزية التي حققتها خلال الفترة الماضية جعل شركة لوفتهانزا – اكبر ناقل جوي في اوروبا – يتطلب الشراكة مع «مصر للطيران» بعد ان كانت الشركات الاوروبية الصغيرة ترفض تلك الشراكة قبل عامين، واضاف ان ما وصلت اليه الشركة المملوكة للحكومة من نجاح يجعلها ترفض التفريط في أي جزء منها وطرحه للخصخصة.

وفيما يخص سياسة «السماوات المفتوحة» في مصر قال انهم سيراعون «المصلحة العليا» لبلدهم فيما يخص تلك السياسة، لذا سيكون الفتح تدريجيا ومتاحا فقط للشركات التي ستفيد مصر ولن تفتح للشركات الراغبة في الإضرار بمصر عبر سياسة حرق الأسعار، لذا لم تدع – حسب قوله – اي شركة خليجية للعمل بهذه السياسة في مصر، وقال انهم يهدفون لجعل الحصول على تذكرة طائرة اسهل من الحصول على تذكرة قطار.

وكنت قد أمضيت الاسابيع الماضية في عملية تجوال في مصر اخذتني الى الاسكندرية واسوان والاقصر مستخدما طائرات مصر للطيران التي تغيرت خدمتها ومواعيدها بمقدار 180 درجة واصبح بإمكانك ان تضبط ساعتك على مواعيد إقلاعها ووصولها كونها لم تبتل بمن يحاول الهرب من مشاكلها التي كانت اكبر واكثر من مشاكل «الكويتية» بكثير عبر القفز الساذج والمضر الى الامام والادعاء بغير علم ان الخصخصة كفيلة بحل تلك المشاكل.

وقبل سنوات قليلة صدر تقرير مهم للبنك الدولي تم التحذير فيه من البحث عن حلول سحرية كاذبة عبر الأخذ بدعاوى «الخصخصة»، حيث ذكر التقرير ان المهم هو وجود الادارة الكفؤة والأمينة، فإن وجدت في القطاع العام تحقق الهدف وانجز المطلوب للدول، وان لم تتوافر فحتى القطاع الخاص بإمكانه ان يتعرض للترهل والإفلاسات والنهب متى ما ابتلي بإدارات سارقة ومعدومة الكفاءة وهو امر نشعر به عند مقارنة بعض الشركات الخاصة المنهوبة في الكويت ببعض المؤسسات العامة شديدة النجاح في الدولة.

آخر محطة:
طيران الخليج، القطرية، الإماراتية، الاتحاد، العمانية، اليمنية، السعودية، السورية، العراقية، المصرية، السودانية، الميدل إيست، الأردنية، الليبية، التونسية، الجزائرية، المغربية، الموريتانية، جميعها شركات وطنية تملكها حكوماتنا العربية، ويتبقى هناك من يريد ان تكون كويت المركز المالي الدولة الوحيدة دون شركة طيران عامة تحقق اهداف الدولة، ومن ثم افهامنا ان جميع تلك الدول لا تعلم ما تفعل وانه الفطحل الوحيد في المساحة الممتدة من المحيط الى الخليج ويا.. فرحتنا!!

احمد الصراف

حامض على بوزك

وافقت الحكومة على اعتماد مبلغ 300 مليون دينار لمعالجة مشاكل المقترضين المعسرين، وعلى الرغم من احالة الموافقة، مع قانون شراء قروض المدينين، للجنة المالية لمزيد من الدراسة، فإنه من المتوقع موافقة اللجنة المالية والمجلس بالتالي، ولكن ستمر اشهر قبل ان يرى أي مقترض جزءا من ذلك المبلغ، واثناء ذلك ستتزايد اعداد المتخلفين عن سداد اقساط ديونهم، املا في تصنيفهم ضمن ‘المعسرين’!
وجاء على لسان مصدر حكومي ان النية تتجه للطلب من الجمعيات الخيرية تمويل رصيد صندوق الثلاثمائة مليون بشكل كامل، او بجزء كبير منه على الاقل. ولو حدث ذلك لكان كافيا لمسح كل شرور العمل الخيري وآثامه في السنوات العشرين الماضية، فمن الاولى بأموال هذه الجمعيات المسيسة حتى النخاع غير فئة المواطنين المدينين لمختلف الجهات المالية والذين يواجه بعضهم حالات اعسار صعبة.
استطيع القول ان هذه الجمعيات واللجان الخيرية، التي يزيد عددها على 150 سترفض المساهمة في الصندوق ولو بمبلغ دينار واحد. والسبب واضح وجلي لكل بصير. فهذه الجمعيات واللجان لم تتعب مجالس ادارتها كل هذه السنوات في جمع مئات ملايين الدنانير من المواطنين لصرفها في يوم واحد على صندوق يخصص للمعوزين والمحتاجين من المواطنين! فهذا، بمنطق هذه الجمعيات، عمل غير طائفي ويخص مواطنين، وليس فيه مصلحة انتخابية، وأموال هذه اللجان والجمعيات الخيرية مخصصة اصلا للصرف على ابناء الطائفة التي تنتمي لها ولم يعرف عنها يوما الصرف خارج هذا النطاق، محليا على الأقل، وهي ايضا مكرسة للصرف على مرشحي هذه اللجان والمناصرين لهم في اي انتخابات كانت. كما ان المساهمة في رصيد هذا الصندوق، ورفع ذل الحاجة ومعاناة شظف العيش عن كاهل المواطن المدين ليس من اولوياتها، وخير شاهد على ذلك رفض مساهمة هذه الجهات في الصندوق الذي انشئ قبل فترة لسداد ديون المواطنين المسجونين على ذمة قضايا مالية، حيث كان دورها اكثر من باهت، لا لشيء الا لخلو مثل هذه المساهمات من الغرض السياسي والمذهبي!
وعليه يسرنا ويثلج صدرنا ان نقول للمصدر الحكومي الذي ورد خبر مساهمة الجمعيات الخيرية في الصندوق على لسانه: ‘حامض على بوزك’!
فحفر الآبار في قرى باكستان وافغانستان والتقاط الصور مع اطفال افريقيا المرضى وبناء مزارع القرنفل في زنجبار ومدغشقر اولى بهذه الاموال من المواطن المعسر والمسكين والمدين والمطلوب والتلفان!
أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

من سوء الحظ!

 

الحكومة لن تقصر… الحكومة تدرك وتسعى دائما إلى تحسين مستوى معيشة المواطنين… الحكومة تدرس الكثير من البرامج… هناك تصورات لدى الحكومة لزيادة الرواتب… والحكومة… والحكومة والحكومة… وستبقى الحكومة هي الهدف الذي يجب أن يشفي غليلنا، وهي التي يجب عليها أن تسمعنا المزيد والمزيد مما نحب ونرضى.

ما نحبه ونرضاه هو أن نعيش كما يعيش بعض الأشقاء في دول مجلس التعاون… هناك، تنقل الصحف ووسائل الإعلام وكذلك المواقع الإلكترونية قرارات الزيادات بستين وسبعين وثمانين وتسعين ومئة في المئة، فتفوح من رؤوسنا «دخاخين» لا مثيل لها… لا في زيادة الـ 15 في المئة، ولا في غيرها التي لم تصل إلى مستوى الطموح وهي قليلة عموما.

من سوء الحظ أن التحولات المشابهة حولنا في منطقة الخليج متسارعة بصورة أكبر، وإذا ما تجاوزنا جانب اختلاف الإمكانات والموارد المالية وما إلى ذلك، فإننا لا نستطيع تجاوز موجة الغلاء التي تطحن أولنا وآخرنا في دوران لا يتوقف! وإذا كنا لا ننظر إلى موضوع زيادة الأجور على أنه مطلب لمواجهة غول الغلاء وارتفاع الأسعار وصعوبة تحقيق الحلم في الحصول على مسكن مناسب، فما الذي سينظر إليه المواطن؟

ولكن، هل الحكومة مقصرة بعد كل ذلك؟

من وجهة نظري المتواضعة، فإن الحكومة مقصرة، والمؤسسة التشريعية الممثلة في المجلس النيابي مقصرة أيضا، لأنه لا يوجد هناك توافق على ما يبدو للتعامل مع مسألة تحسين الأجور على أنها مسألة مرتبطة بالحياة اليومية ولقمة العيش وليست مرتبطة بالرفاهية… وإذا كانت الصحف تمتلئ بالمقالات والأعمدة والكتابات من الصحافيين والقراء العاديين، فإن ذلك لا يمكن أن يعطي انطباعا عن صعوبة الوضع… بل صعوبته وحقيقة شدته تظهر من خلال تغطية التزامات آخر الشهر المالية التي تجعل رب الأسرة بعد أن ينهي «الحسبة» معرضا لأشد أنواع الهجمات المرضية فتكا.

ومن سوء الحظ أننا لا ننفك ننظر إلى قرارات الزيادة التي صدرت في الإمارات والكويت وقطر، ونجد أنفسنا «نلطم» ألما وحسرة، ويجد البعض منا فرصته السانحة للبكاء الحار، ولكننا في كل الحالات سنبقى متطلعين إلى ما يمكن أن يبعث في قلوبنا السرور… فشهر ديسمبر/ كانون الأول من كل عام، هو الشهر الوحيد الذي يشعر فيه الناس بحقيقة الاعتزاز والانتماء الوطني! وأقول ذلك بكل صراحة، لأنه الشهر الذي يلتقون فيه مع خطاب سامٍ يوم السادس عشر من ديسمبر، فينتظرونه بكل شوق ولهفة لأن فيه الخير الكثير، وفي هذا الشهر، يا صاحب الجلالة، سينتظر الناس منكم ما يشيع الفرح والسعادة كما عودتموهم دائما… لينعم الوطن بالاستقرار والرفاه والعافية.