سامي النصف

صدام آخر الحكام الإباديين

شهد العالم في القرن المنصرم الكم الاكبر من الطغاة الاباديين ممن لم يشهد لهم التاريخ مثيلا، فلم يعرف عن نيرون واتيلا وهولاكو وجنكيز خان وغيرهم انهم فعلوا بشعوبهم ما فعله قادة امثال ستالين وهتلر وموسوليني وماو وسونغ وبول بوت وصدام…

وقد تكون احدى العلامات الفارقة بين طغاة العهود الغابرة وطغاة القرن الماضي ان الاولين كانوا صادقين مع انفسهم، ولم تكن هناك اجهزة اعلام ومخابرات تزيف الحقائق وتخفي النوايا، لذا اعلنوا بصراحة نواياهم الشريرة تجاه اعدائهم، وكانوا رحماء بشعوبهم، بينما اتقن طغاة العهد الجديد الكذب الشديد وادعاء حب شعوبهم كطريق ونهج لابادتها قبل ابادة الشعوب الاخرى مما جعل ميكافيللي يبدو طفلا بريئا امام ألاعيبهم الشيطانية.

وهناك قواسم مشتركة كثيرة بين الطغاة الاباديين من المحدثين تظهر انهم كانوا يتعلمون من تجارب بعضهم البعض، حتى ان الطاغية صدام كان يحتفظ بكل الكتب التي صدرت عن الطاغية ستالين في غرف نومه، ومن تلك القواسم المشتركة قتل المقربين مما يرعب الآخرين، وكذلك كفرهم جميعا بالله وبالاديان جميعها كوسيلة للتخلص من الابرياء وكي لا يقف وازع اخلاقي او ديني امام ارتكابهم الجرائم الابادية الرهيبة تجاه الآخرين.

ومن تلك القواسم الاستخدام الزائف للايدلوجيا التي لم يكونوا يؤمنون بها حقا، سواء كانت شيوعية، بعثية، نازية، فاشستية… الخ، اضافة الى كراهيتهم الشديدة لشعوبهم رغم ما يدعونه، فقد تسبب استهتار هتلر بأرواح الشعب الالماني في الاشهر الاخيرة من الحرب الكونية التي حسمت خلالها نتائج تلك الحرب بقتل 5 ملايين الماني ممن يدعي هتلر حبهم، وهو امر مشابه لما قام به ستالين وماو وبول بوت وصدام تجاه شعوبهم من زجهم في حروب ومعتقلات وتهجير تسببت بقتل الملايين دون داع.

وقد اعتمد الطغاة جميعا على جيوش مؤدلجة وحرس خاص واجهزة مخابراتية مدمرة وجعلوا الشعوب تتجسس من الرعب على بعضها البعض فيضطر كل مواطن للابلاغ عن الآخرين خوفا من ان يبلغوا عنه، كما اعتمدوا على نهج عبادة الفرد ضمن واقع سيكولوجي معقد يجعل الشعوب تعبد طغاتها كونهم فقط ابقوهم احياء، كما قيدوا الحريات الاعلامية واعتمدوا بالمقابل على منهجية الدعاية التمجيدية الكاذبة التي تزيف الواقع وتقلب الحقائق بعد عزل الشعوب عن وسائل الاعلام الدولية الحرة، وكان من اشهر رجالات الدعاية الزائفة في تلك الحقبة القميئة غوبلز وهيكل والصحاف…

وقد استقصد الطغاة فئات من شعوبهم بالابادة كالاكراد والكولاك واليهود كوسيلة للارعاب ثم انتقلوا بعد ذلك لبقية الشرائح دون تمييز، وبالمقابل عاش الطغاة حياة خاصة منعمة جدا لا تتماشى على الاطلاق مع ما يدعونه من تقشف او ما تسببوا به من فقر ومجاعات وبؤس مدقع للشعوب التي حكموها، ويتبقى فارق واحد بين تعامل شعوبهم وشعوبنا مع الطغاة، حيث نلحظ خجل شعوب الارض جميعا مما فعله طغاتهم وفخر بعض شعوبنا ومفكرينا بالمجرمين الطغاة امثال صدام.

آخر محطة:
يخبرني صديق عراقي اثق به يسكن بغداد عن روايات سمعها شخصيا من المرافق الشخصي «الخاص» لصدام حيث يقول ان الطاغية عاش في قصوره السبعين حياة مترفة لم يشهدها بشر قبله او بعده، حيث تحضر له في كل مرة وجبات من الفتيات الجميلات اللاتي يشاركهن السباحة عاريا، وحال خروجه تبدأ السهرات الحمراء الخاصة والمشروبات الفريدة جدا باهظة الثمن، وقد تنتهي السهرة بسلام او في بعض الاحيان بحالة قتل حال وقوع خلاف بين صدام واحدى الفتيات الجميلات التي قد تكون قد احضرت له قسرا وهو ما كان ذلك المرافق شاهدا عليه مرارا.

احمد الصراف

طيبة واللغة

أرسلت القارئة ‘طيبة’ رسالة وردت فيها الملاحظات التالية:
‘.. تدخل الصحف كل بيت، وكل انحراف او خطأ فيها يصبح مع الوقت امرا عاديا ويتحجر مع الوقت وهو ما يسمى بال Fossilization، ومن الاخطاء الشائعة الذكر في الصحافة المحلية، وربما العربية، طريقة لفظ او كتابة اسم السياسي الايراني ‘منوجهر متقي’ الذي اصبح ‘متكي’، ربما نقلا عن المصادر الانكليزية لا عن الاصل.
كما ان اسم السياسية الباكستانية ‘بينظير بوتو’ اصبح في صحافتنا ‘بينزير بوتو’!! والعجيب في هذا السياق ان يتحول اسم ‘كوفي انان’ الى ‘كوفي عنان’ و’توني بلير’ الى ‘طوني بلير’، فما سبب لفظ حرف التاء طاء؟ هل هو التعريب المتفق عليه من المجمع اللغوي؟
وتضطرب ‘طيبة’ مثلا باخطاء شائعة يصعب تغييرها، فتقول إننا، ومنذ الستينات، الى يومنا هذا، نسمع بفرقة الخنافس، فأصبحت هذه الحشرة عزيزة على قلوب المعجبين بهذه الفرقة الموسيقية العالمية، ولكن الحقيقة ان لا علاقة لاسمها بالخنفساء، فكلمة Beatles تعني ‘القارعون’ لا الخنافس التي تكتب Beetles، ولكن بعد مرور اكثر من 40 عاما على اشتهار الفرقة اصبح الامر متأخرا لاي تعديل!!
وانهت القارئة المحترمة رسالتها بالقول ان الزميل ناجي الزيد سبق ان اشتكى من سوء اللغة واللهجة لمذيعي التلفزيون والاذاعة المحلية بحيث اصبحت غير مريحة للاذن والذوق العام، وان وسائل الاعلام بذلك تساهم في انتشار غير المألوف من اللغة، دع عنك اللهجة.. فما هو الحل؟ ليس لدى احد، بنظري، حل سريع وواضح، والاهم من ذلك مقبول من الجميع، خاصة ان أن لا ضوء في غياب اي مرجعية يمكن العودة او الركون إليها في التصدي لهذه الظاهرة على مستوى دول مجلس التعاون على الاقل، ناهيك عن الدول العربية مجتمعة، وبالتالي يمكن القول إن المشكلة ستبقى، وربما ستزداد سوءا مع مرور الوقت، فتسارع النشاط العلمي والثقافي لا محل فيه للبطيء من الحلول ولا للديني او الممل من القضايا الخلافية.
ومن الواضح ان من اكثر الامور التي تساهم في سوء نطق اسم شخص او علم غير عربي هو افتقار اللغة العربية، او اي لغة، الى ما يكفي من الحروف التي تغطي طريقة النطق في اللغات الحية، فاللغة العربية تفتقر على الاقل الى حرف ال P مثلا، وهو حرف منتشر في لغات العالم كافة، كما ان هناك حرف ال ‘ك’ او الكاف الفارسية، وهو حرف مهم في لغات عدة، ولكن لا تعرفه العربية ويتسبب غيابه في سوء نطق اسماء الكثير من الاماكن والاشياء والشخصيات كاسم Gregory مثلا، حيث يكتب في صحيفة ‘غريغوري’، وفي اخرى ‘جريجوري’، وفي ثالثة ‘كريكوري’!! فأي منها هو الصحيح او الاقرب الى الصحة؟
والغريب ان الكثير من معارضي ادخال حروف جديدة الى اللغة يتعللون بأن في ذلك خطرا على طريقة قراءة الكتب الدينية والتراثية، ولا اعتقد ان في هذا القول الكثير من المنطق.
أحمد الصراف