سنّ مجلس الأمة قبل عشر سنوات قانون «ضريبة الزكاة»، أو «قانون باقر»، الذي من خلاله فرضت الدولة على جميع الشركات المساهمة، المدرجة وغير المدرجة، دفع ضريبة %1 من صافي أرباحها للدولة. وسمح القانون للشركات بأن توجه ما تدفعه من ضريبة زكاة، أو جزء منها، إلى إحدى الخدمات أو الجمعيات العامة، عن طريق وزارة المالية، التي تم تحديدها في المادة 14 من اللائحة التنفيذية للقانون، والتي تشمل خدمات الأمن والعدالة والدفاع، وغير معروف السر وراء وضع هذه الجهات الثلاث بالذات ضمن «الخدمات» والسماح للشركات بتوجيه ما تدفعه من زكاة لها، وهي أصلا من مهام الدولة.
اعترضت جهات عدة على القانون في حينه، ولم يطبق اصلا بعدها بطريقة صحيحة. كما رافق إصداره جدل سياسي وقانوني ومذهبي، واستمر النقد حتى بعد إقراره من مجلس الأمة.
وحيث إن فترة كافية قد مرت على تطبيق هذا القانون، فإن الوقت قد حان لإعادة النظر فيه، وتعديله بما يتماشى مع الواقع، في ظل ما شاب تطبيقه من عيوب. وحيث ان هذا سيأخذ بعض الوقت، في كل هذه الهلهلة التشريعية التي نعيشها، فإن من الضروري أثناء ذلك التركيز على كيفية استفادة جهات نص عليها قانون الزكاة من الحصة التي يتم استقطاعها من أرباح الشركات، بحيث تصبح أكثر فعالية في تنمية المجتمع المدني مثل مراكز العلم والثقافة والفن والمسرح والعلاج، وغير ذلك. فعلى الرغم من أن القانون يسمح للجهة الدافعة للضريبة بتوجيه ما تدفعه للصرف لأوجه تراها الشركة مناسبة، حسب نصوص القانون، إلا أنه حتى وقتنا الحاضر لم تعلن وزارة المالية الجهات التي استفادت من الضريبة التي دفعتها الشركات على الرغم من مرور كل هذه السنوات على تطبيق القانون، وغير معروف المصير الذي آلت إليه هذه الأموال!
ومن أجل الاستفادة المثلى من القانون، وتطبيق نصوصه، فإن من الضروري تفعيل حق الجهات الدافعة للضريبة في توجيه تبرعاتها للجهات الخيرية الاجتماعية التي تخدم المجتمع المدني بطريقة سليمة، واعتبار ما يدفع لها بمنزلة إعفاء ضريبي، كما هو حاصل في كل دول العالم المتقدم، وتطبق القاعدة نفسها بالنسبة إلى المساهمات التي تحصل عليها مؤسسة الكويت للتقدم العلمي.
وحسب علمي، فقد قامت جهات دافعة للضرائب واخرى خيرية مستحقة لجزء من ضريبة الزكاة، بمخاطبة وزارة المالية بهذا الشأن، والسؤال عما تم بخصوص طلبها دفع كل حصتها او جزء منها لتلك الجهة الخيرية او غيرها، إلا أنها لم تلق منها ردا، وبالتالي فإن بعضها يقوم حاليا بالتحضير لإقامة دعاوى قضائية ضد وزارة المالية لإجبارها على تطبيق بنود قانون الزكاة بشكل اكثر دقة وإنسانية.
إن مشاريع خيرية واجتماعية كثيرة كـ «بيت عبدالله»، و«جمعية سلطان التعليمية»، ومؤسسة «لوياك» وجمعية رقية القطامي، وغيرها الكثير من المؤسسات غير الربحية، ذات المردود الاجتماعي الكبير، والتي تعزز مبادئ المسؤولية الاجتماعية ومقومات المجتمع المدني والمواطنة الحقة، تستحق جزءا من مبالغ الزكاة التي تضيع في ردهات وزارة المالية، ولا يعرف عنها شيء، هذا غير اموال الثلث والخمس والزكاة الأخرى التي يمكن أن يوجهها اصحابها لمثل هذه المؤسسات الخيرية.