تعرف العلماء «المسلمون» على التراث العالمي من خلال ما قاموا بترجمته منه، وبالذات في اواخر الفترة الأموية وفي بداية العصر العباسي الأول، وبالذات في عهد هارون الرشيد.
شملت الترجمة الرياضيات والفلك والطب والفلسفة، وبلغت أوجها في عصر المأمون، ابن هارون الرشيد، مع نهاية القرن الثاني الهجري. وكان لتسامح الدولة وانفتاحها على أتباع الديانات الأخرى، سواء من غير المسلمين وغير العرب، الذين يعود لهم الفضل الأكبر في القيام بحركة الترجمة، ومن هؤلاء حنين بن اسحاق وثيوفيل بن توما الرهاوي، ويوحنا ماسوية، وجورجيس بن جبرائيل، وثابت بن قرة، وابن المقفع وغيرهم الكثير.
وتعرف العرب، من خلال حركة الترجمة، على كلمة الفلسفة ومعانيها، فاللفظ مشتق من كلمة فيلوسوفيا اليونانية، ومعناها «محبة الحكمة» أو طلب المعرفة أو البحث عن الحقيقة. والكلمة تتألف من مقطعين: فيلوس Philos وتعني صديق أو محب، وسوفيا Sophia وتعني حكمة. ولو أن المدلول الصحيح للكلمة أشمل من ذلك، فالبحث عن معنى الفلسفة هو سؤال فلسفي بحد ذاته، بسبب ميل من ينشغل بها للتساؤل والتدقيق في كل شيء والبحث عن ماهية مختلف الأمور وقوانين الكون والعلاقات البشرية، والعلوم والتخصصات، ولهذا لا تميل بعض المعتقدات الدينية للفلسفة، كما ترفضها أخرى رفضا باتا!
كما يصف البعض الفلسفة بأنها أحيانا «التفكير في التفكير»، أي التفكير في طبيعة التفكير والتأمل والتدبر. كما هي محاولة للإجابة عن الأسئلة الأساسية التي يطرحها الوجود من حولنا. ويعتبر العالم الإغريقي فيثاغورس، (572 – 497 ق.م،) أول من وصف نفسه بالفيلسوف، فقد كان باحثا عن الحقيقة من خلال تأمل الأمور والأشياء.
كما يعتبر أفلاطون، وابن سينا، وديكارت، وأرسطو، وابن ماجة، وديفيد هيوم، وابن خلدون، وهيغل، وأبو حامد الغزالي، ونيتشه، وابن طفيل، ومارتن هيدغر، وكارل ماركس، ومحي الدين بن عربي، وإيمانويل كانت، وجون رولس، وصدر الدين الشيرازي، وفيورباخ، وأبو العلاء المعري، وابن رشد، من كبار الفلاسفة.
لم ينسجم العرب والمسلمون عموما مع الفلسفة، بل عادوها بشدة، من منطلق «من تمنطق فقد تزندق»! وكان الفيلسوف الإسلامي أبو حامد الغزالي أول وأكثر من هاجمها، وكان له رأي في تغليب النقل على العقل، بعد أن رأى أن التفكير الفلسفي قد يؤدي إلى الشك، وكثرة السؤال، وهذا قد يفضي الى الكفر. ويعتقد برنارد لويس، الفيلسوف الأميركي المعاصر، مواليد 1916، أن التزام خلفاء المسلمين بتغليبهم النص على العقل، تأثرا بالغزالي، وما تبعها من محنة المعتزلة والقضاء عليهم، نقطة التحول السلبية الأساسية في التاريخ الإسلامي، وبداية انهيارهم، وما وصلوا اليه من التخلف الشديد. وليس بعيدا عن الحقيقة أنه كلما زاد تمسك المسلمين بالتفسيرات الحرفية ورفض تحكيم العقل في التأويل بطريقة عصرية، زاد تخلفهم، وزاد ميلهم الى العنف، وبعدهم بالتالي عن المجتمع الدولي.