يقول رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه».
معنى جليل يرشدنا إليه متمم أخلاق الأمم، وهو من وصفه رب العزة «وإنك لعلى خلق عظيم». ألا وهو ترك الجدال الذي يستهلك العقل والجهد والمكانة، ويفقد الإنسان اتزانه واحترامه، وترك الجدل لأجل الجدل أو لإظهار قدرة أو التعالي على الآخرين سلوك مذموم، ولذا فإن تركه خلق راق حتى لو كنت محقا.
وعلى الرغم من وجود هذا المبدأ العظيم في ديننا الحنيف، فإن غالبيتنا، وبكل أسف، مغرق بالجدل، بل نتفنن فيه ونزيد من جرعات تعاطيه، لأننا لا نملك حجة، بل سلوك آخر سيئ، وهو العناد المبني دائما على تخطيء الآخرين، والاعتقاد أن أحدنا يملك الحقيقة المطلقة، رغم أن معظم الجدل ينطلق من خواء.
والجدل طريق تبديد الطاقات وهدر الإمكانات وتفويت البناء والتقدم وتمكين النزاع وتوريث الهدم، ولذا فإنه إن شاع الجدل في أمة قل فيها العمل، لأن الجدل يقتل التفكير ويئد الإبداع ويحرض على الصراع ويكرس سلوك الأنا والاستخفاف بالآخرين، ولذا فالجدل سلوك مقيت.
وللجدل الذي يتلازم مع العناد آثار ونتائج سيئة:
– فالناس يتجنبون المجادل، ولا تسعد برفقته وينفر منه الأقربون والأصدقاء.
– والجدل يقفل الحوار ولا يشجع على الاستماع والاستئناس بحديث المجادل.
– والجدل يبث التوتر في العلاقات الإنسانية كافة بين الأب وأبنائه، أو الأم وأبنائها بين الزوجين بين الأخوة بين الأصدقاء،، وغيرهم.
-الجدل يؤدي الى إرهاق الفكر وتعب نفسي وصداع مستمر، ولا يرجى منه غير الإيذاء، ويولد شعورا ببث طاقة سلبية تبدد التفاؤل.
وإذا جادلت فجادل بالتي هي أحسن، وﻻ ﺗﺠﺎدل ﻣﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﻮﻋﺐ،وﻣﻦ ﻫﻮ اﺳﻴﺮ اﻟﻌﺼﺒﻴﺔ واﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ والعنصرية والحزبية، ولا تجادل الجاهل ولا المنفعل ولا مدعي العلم، ﻷﻧﻚ ﻟﻦ ﺗﺨﺮج ﺑﻨﺘﻴﺠﺔ، واعلم أن بصمة لسانك تميزك في قلوب البشر فاجعلها بصمة مميزة لا يشبهها أحد، ارتقِ بكلماتك.. ولا تجرح أحداً.. ولا ترفع صوتك.. فالأمطار هي التي تُـنبتُ الأرض، وليس صوت الرعد.