من حق المواطن على دولته أن توفر له الوظائف، لا لغيره، ولكن معظم الوظائف الجديدة التي تولد نتيجة لتوسع الاقتصاد السعودي تذهب للأجانب، وهذا غير صحيح ولا صحي سياسياً واقتصادياً، النسبة المتداولة في وزارة العمل هي ان 85 في المئة من الوظائف يحتلها الآن أجانب، ولا يوجد سبب يطمئننا بأن هذا المقياس سيتغير بالنسبة للوظائف الجديدة المستحدثة.
الأجنبي ليس موظفاً يمكن استبداله، بل بات مالكاً للعمل، ضليعاً بأسراره، متحكماً بمفاصله من الكاشير إلى التوزيع والتخزين والتسويق والخدمات، باختصار استحوذ على أهم عناصر العمل، وهي الخبرة والمعرفة بالسوق المحلية، وظروفها وطبائع المستهلكين، والتي لا يجوز إلا أن تكون وطنية، إنه الشيء الطبيعي لمن هو في السوق، يكسب المال ويخسره، ولكنه يكسب معه الخبرة والمعرفة ومعهما الفرصة لاستعادة ما خسر وتصويب أخطائه.
كمواطن، أؤمن بأن لدي حقوقاً، لذلك أرفض مقولة البيروقراطي والمسؤول وصاحب رأس المال، إنني لا أبذل الجهد، ولا أصبر على الوظيفة ولا أعمل ساعات طويلة مثل الأجنبي، ذلك أنني مواطن ولا استطيع أن أتنافس مع من هو بالسوق قبلي وأضحى به خبيراً، لا تُلْقِ بي في سوق باتت أجنبية عليّ وهي في وطني، لن أنام خلف الثلاجة على أرض المتجر، فلدي بيت وزوجة، ولن آتي بابني ذي الأعوام العشرة يعمل معي 18 ساعة في اليوم، ذلك أن ابني يذهب للمدرسة، ولا تطلب مني أيها المسؤول أو صاحب رأس المال أن اعمل 18 ساعة في اليوم ذلك أنني مواطن لديه التزامات اجتماعية، ويعجبني أن أدعو أصدقائي ونتابع معاً فريقنا المفضل في الدوري السعودي، هكذا هو المواطن الفرنسي والنروجي والتركي، وأريد أن أكون مثله.
إن تحرير سوق التجزئة والخدمات، وتغيير نظام شركات التشغيل والصيانة لكي يعمل كل سعودي وسعودية، وأن يكون خفض البطالة إلى ما دون اثنين أو ثلاثة في المئة هو الشيء الطبيعي الذي يجب أن نسعى إليه، حكومة ومواطنين، فمجتمع واقتصاد أكثر من ثلثه وافدون و85 في المئة من نسبة القوى العاملة، خطأ كبير، ولا نحتاج خبيراً استراتيجياً لقول ذلك، بل لو عزمت الدولة أمرها، وحررت السوق، فستوفر على نفسها بليونات مما ترصده للضمان الاجتماعي، ففي قطاع البقالات التي تنتشر في كل ركن من أركان أحياء المدن السعودية، منجم ذهب، يستطيع مئات الآلاف من المواطنين ممن يعتمدون على مساعدات حكومية والمواطنات تشغيلها والتكسب منها والصرف على بيوتهم، بل والترقي فيها إلى دخل أوفر ومشاريع أكبر.
الحرب على التستر يجب أن تكون رغبة مشتركة بين المواطن والحكومة، فكليهما سيستفيد، هذا إذا كانت نظرتنا «دفترية» بحتة، أما إذا اتسعت النظرة لرؤية عمل المواطن كحق له فالوطن كله حينها سيستفيد ويتوازن اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.
هناك طبقة من المواطنين السعوديين يرفضون ذلك، وبشراسة، هم المتسترون، ولكنهم مجرد نسبة مئوية بسيطة وإن كانوا أعلى صوتاً من معظمنا نحن عامة المواطنين وذلك بحكم تنفذهم وثرائهم، ولكن تقديم مصلحة الوطن والمجموع مقدماً على مصلحة أقلية خاصة عندما تكون «مجرمة» بحكم النظام، إذ ننسى أحياناً أن التستر جريمة تذهب بصاحبها إلى السجن بحسب نظام ملزم صدر عن مجلس الوزراء.
آخر مقالات الكاتب:
- ثورة… كالسورية في جبال اليمن
- لا تخافوا ترامب… ولكن استعدوا له
- لو تغيّر عون وابتعد الحوثي عن إيران
- رؤية مواطن 2030.. أخيراً المشاركة في القرار المحلي
- ما يستفاد من حديث الوزراء في «الثامنة»
- رؤية مواطن 2030.. الحق في الحصول على المعلومة
- رؤية مواطن 2030.. «أشجار» مزيد من الأشجار
- رؤية مواطن 2030 .. الفصل بين السكني والتجاري
- رؤية مواطن 2030 .. حدائق عامة «نتنفس» فيها
- رؤية مواطن 2030.. الحرب على التستر والمتسترين