في إعلانات أدوية الصلع يظهر رأس الأصلع في الصورة الأولى من دون شعرة واحدة “بحاصة”، وفي الصورة الثانية تبدو بعض خصلات الشعر نابتة قليلاً، مثل شتلات الزرع الصغيرة تنمو بأرض قاحلة بعد استعمال فترة من الزمن، في الصورة الثالثة يظهر الشعر كثيفاً بعد مرور فترة طويلة كستة أشهر أو أكثر، في تلك المدة الزمنية لو صدق الصلعان الإعلان، واشتروا الدواء، فستحقق الشركة أرباحها من عمليات الشراء التي تتم في فترة الوهم، وبعدها لا يهم إن نما الشعر أو لم ينم، فقد حقق الإعلان أغراضه وتم تسويق الوهم.
حل مجالس الأمة المتعاقبة والدعوة لانتخابات جديدة لا يختلف عن أدوية الصلع الموهمة، يبدأ الإعلان بمرسوم الحل عن عدم التعاون بين المجلسين، رغم أنهما في العمق “مجلس واحد” يدار ويتحكم فيه بعقلية واحدة، لكن تبقى هنا أو هناك في هذا أو ذاك المجلس عقبات صغيرة أو كبيرة لا تتحملها السلطة الحاكمة، فيتم البحث عن أسباب للحل تصاغ كل مرة بجمل مختلفة، إلا أن معناها واحد، وهو أن بعض أعضاء مجلس الأمة الأصلع تجاوزوا المتفق عليه، وكان لابد من تذكيرهم بحالة الصلع الدستورية المصاحبة، فتستقيل الحكومة ويحل المجلس وتتم الدعوة لانتخابات جديدة حسب الشروط التي تمليها السلطة، ويعود المجلس وتعود الحكومة، أيضاً بأسماء مختلفة، إلا أن الجوهر يبقى واحداً بغياب الأحزاب وبعقدة الوزراء الذين يمثلون ثلث أعضاء المجلس، والذين يستقطبون بدورهم عبر خدمات المحسوبية كتلاً أخرى تابعة لهم، لكي يشكل الجميع الأكثرية المطلوبة للبصم التشريعي، فمثلاً زيد الحكومة يصبح اسمه عمر الحكومة، وعمر المجلس يصبح اسمه زيد المجلس.
لم يتغير أمر، من نهاية ستينيات القرن الماضي حتى الآن، وإذا ظهرت أحياناً وفي بعض المجالس حركات رفض جدية للانفراد بالسلطة من بعض الأعضاء فإنه سرعان ما يتم قمعها بمرسوم الحل والدعوة لانتخابات (في الاغلب) أو تعليق أحكام الدستور، كما حدث في 76 أو 86.
نظراً للظروف الدقيقة والتحديات الأمنية التي تمر بها المنطقة الرجاء اعتماد دواء الصلع هذا لستة أشهر أو سنة أو سنتين… وبعدها إعلان جديد لحالة مزمنة للصلع الدستوري.