مع سخونة الأجواء السياسية لاقتراب الانتخابات البرلمانية، حسب توقعات شطار السياسة الكويتية، ستفتح الحكومة أبواب الخير على مصاريعها لعدد كبير من أعضاء هذا المجلس كي يجددوا البيعة لها، وبالتأكيد سيكون باب العلاج بالخارج من أفضل شبابيك الخير، ولن يمانع وزير الصحة، مثلاً، للقيام بالدور المطلوب منه كهمزة وصل خدماتية بين النواب الحاليين أو القادمين من حزب المحاسيب وأهل الحل والربط من الوزراء الشيوخ، بصرف النظر عن وعود وتعهدات الحكومة بغلق منهول مجاري العلاج بالخارج، مع تحديد استثناءات محددة تفصل فيها الحكومة الخدمة لجماعتها كما تشاء.
ذكر الزميل كامل حرمي، في قبس الثلاثاء، “… تزايد علاج مرضى العلاج السياحي. حسب إحصائية أغسطس الماضي من 2500 إلى أكثر من 6000 بالسنة الحالية. أي بمعدل 120 مريضاً لكل عضو في المجلس…”، والتكلفة تبلغ 70 مليون دينار شهرياً… دون الحديث الذي يثير الحنق والسخرية في آن واحد عن مفارقة التوفير للخزينة العامة، مثلاً برفع سعر البنزين أو تخفيض بدل السكن للمدرسين الوافدين.
ليس الرشا السياسي، على سبيل المثال، كما هو متحقق بالعلاج بالخارج هو الموضوع، وليست بقية العطايا وتسهيلات الفساد الأخرى هي جوهر القضية، فما أكثر ما كتب في الجرائد وتحدث الكثيرون – بصيغ عامة – عن الفساد والمحسوبيات وكيف تقننه السلطة أحياناً أو تتركه غير عابئة في أحايين أخرى، ما يهمنا الآن هو ما إذا كان هناك أي جدوى “لرغينا” على واقع إدارة البلد، بمعنى هل شاهدنا أي تغيير وجدية وعزم للإصلاح رغم “كارثة” تهاوي برميل النفط؟ هل لمسنا أي ردود فعل من الحكومة أو مجلسها لوقف هذا النزف من خزينة المال العام؟ غير الكلام المستهلك الشعبوي التافه “المأخوذة زبدته” من نواب اليوم عن معارضتهم المساس بجيب المواطن، والحرص على المال العام، لم تتقدم السلطة ولو بخطوة واحدة تظهر فيه عزمها وجديتها على ضبط حال الدولة المائلة.
فاقد الشيء لا يعطيه، وإدارة الدولة السياسية هي فاقد الشيء، وكل ما يكتب بدائرة “التدجين” الإعلامي أو يقوله دعاة الإصلاح من سياسيين كنواب سابقين لا طائل منه، ويبقى الموضوع آخر الأمر مجرد تنفيس محدود عن واقعنا القلق.
الواجب يفرض ألا تستغرقنا تفاصيل الانتخابات القادمة، ونتوه في مسائل من ضد أو مع من، ففي النهاية ستكون تلك الانتخابات مجرد أداة تسلية سياسية في دولة تضج بالخواء والملل السياسيين، طالما ظلت الإدارة السياسية على حالها ليس لديها أي تصورات للغد ولا تملك مشروعاً حقيقياً ينقذ الدولة من المجهول القادم.