حل مجلس الأمة هو الحل الحادي عشر، وليس التاسع كما تردّد في الإعلام بشكل واسع. كما أنه من الخطأ القول بأن ما جرى في سنتي ١٩٧٦ و١٩٨٦ كان حلاً للمجلس فقط، حيث كان تجميداً للدستور لأكثر من ٤ سنوات، وفرض رقابة على الصحافة، على عكس ما جرى منذ ١٩٩٩ حتى اليوم. لدينا حتى الآن ثلاثة أنواع من “الحل”: النوع الأول خارج الدستور بالقوة، والنوع الثاني عبر المادة ١٠٧ من الدستور، وهي انتخابات مبكرة، أما النوع الثالث فحل يتم بحكم محكمة. واللافت أن لدينا مجلساً تم حله مرتين. وهكذا، صار حل المجالس من عاداتنا وتقاليدنا، بواقع حل كل
٣ سنوات ونصف، وبنسبة ٢٥ في المئة من عمر الدستور في البلاد. فلا استغراب في الحل!
مراسيم “الحلول” متشابهة تقريباً، مع بضعة تغييرات إنشائية هنا أو هناك. أما مرسوم الحل الأخير والذي استند إلى الظروف الإقليمية كسبب للحل، فمن الصعب فهم ما هي تلك الظروف الإقليمية التي يؤدي استمرار المجلس الى إرباكها، فهو مجلس غير مزعج إطلاقا للحكومة، دع عنك أن يكون مزعجاً أو مقلقاً للظروف الإقليمية.
هل نحاول تفسير سبب الحل؟ لم لا، فلنحاول.
فكرة حل المجلس تم تداولها منذ شهور طويلة، كان السبب المعلن هو وقوع موعد الانتخابات بعد عيد الفطر وفي عز الصيف، وموسم السفر، والعلاج السياحي. وبعد تداول المسألة اتضح أن المخرج الوحيد هو حل المجلس عبر المادة ١٠٧ والدعوة لانتخابات مبكرة. بالطبع كان من غير الملائم أن يذكر أن سبب الحل هو “سفر الناخبين، والعلاج السياحي…”. ولذا كان السيناريو يقتضي تقديم استجوابات لعدد من الوزراء، ثم ترفع الحكومة خطاب عدم تعاون، فيصدر مرسوم الحل. يتبقى هنا التوقيت، فكان الأنسب هو ما بين يناير أو فبراير ٢٠١٧، ومن ثم وُضع الموضوع على الرف، لحين قدوم التاريخ. علماً بأنها ليست المرة الأولى التي تجرى الانتخابات فيها في الصيف.
جاءت قضية رفع سعر البنزين، وحالة الضعف السياسي، والفشل الذريع للإدارة العامة حكومة ومجلساً، ما أدى إلى خروج الممثلين عن النص، وكلٌّ له أسبابه، فأصبحنا أمام حالة عجز عام وفشل عمومي، وحالة تزيد الإحباط إحباطاً.
سؤال بريء لابد أن نطلقه هنا: ماذا لو تعقدت الأمور مع المجلس في شهر أبريل المقبل مثلاً، وتم حل المجلس؟! سنعود لنفس الموعد، فهل سيصدق الناس من يقول إنه لا يوجد حل بالأفق؟
بالطبع نحن بحاجة إلى مجلس جديد وحكومة جديدة لتحريك المياه الراكدة وقيادة البلاد وانتشالها من حالتها البائسة وإعادة ثقة الناس المفقودة بالمؤسسة السياسية.
ولكن، ماذا إذا عاد نفس المجلس ونفس الحكومة، فماذا سنقول حينها؟
“تيتي تيتي مثل مارحتي جيتي”، أو كما قال سعد زغلول: “غطيني يا صفية… مفيش فايدة”.