تقريبا الساعة الخامسة والنصف صباحا خرجت لأخذ الجريدة من الصندوق لأرى أمام شارع بيتي سيارة وانيت لا يوجد عليها أي علامة تدل على أنها تتبع شركة فازت بعقد مليوني نزل منها تقريبا 5 أشخاص من جنسية عربية لابسين ملابس عادية جينز وقميص أو تي شيرت وهم بدورهم لا يعطونك انطباعا بأنهم عمال شركة فازت بعقد قيمته 15 مليون دينار.
ذهبت لأستفسر منهم «شعندكم هني»؟ لأن الوضع كله لا يوحي بأن شيئا احترافيا أو مهنيا سينتج عنهم.
رد علي كبيرهم وهو طاعن في السن: نحن جزء من مناقصة لتجديد البنية التحتية لمنطقة صباح الناصر.
الآن أنا أمام أمرين متناقضين تماما، 5 أشخاص ليس معهم سوى شبل واحد وسيارة مدنية متهالكة، وفورمان طاعن في السن ويريدون تجديد البنية التحتية لضاحية فيها ألف بيت. لم أجد ما أقوله لهم غير يعطيكم العافية. لكن قبل أن أتركهم بادرني كبيرهم بطلب (عاوزين شاي يا بيه).. قلت له إن شاء الله لما تخلصون تجديد البنية التحتية لصباح الناصر أجيب لكم شاي. لم يعجبه الرد، فقلت: امزح معك أبشر.
عندما عدت الى البيت وجدت فعلا تصريحا في الجريدة لأحد مسؤولي الأشغال بأنه جار تنفيذ مناقصة قيمتها 15 مليونا لتحديث وتجديد البنية التحتية لضاحيتي صباح الناصر وغرناطة. يعني وزارة الأشغال ستقوم بأعمال قيمتها 7 ملايين دينار على الأقل في صباح الناصر، لكن أين وكيف؟ هذا هو سر الأسرار وباب من أبواب الغموض. اعمل في المناقصات منذ اكثر من 17 سنة ومبلغ 7 ملايين يترتب عليه انك ترى آليات عملاقة ومهندسين يرتدون بدلات عمل مميزة وعمالة عددها بالعشرات إن لم تكن بالمئات تنقلها وتوزعها سيارات ضخمة مختوم على جانبها اسم الشركة ورقم المناقصة أو العقد.
مللنا وتعبنا من المناقصات المليونية التي تأتي وتذهب ولا يتغير شيء في مناطقنا، كمثال عقود النظافة والتخضير. لم أر بلدا في حياتي تتواجد في شوارعه عمالة نظافة وتخضير مثل الكويت لكن لا نرى نظافة ولا تخضيرا.. ما السبب؟
السبب في رأيي هو غياب الرقابة الشعبية على تنفيذ تلك المناقصات وقد يقول احدهم: الرقابة الشعبية (شكو) في المناقصات؟ وردي عليه: ليش انت كمواطن تسكت على سوء الخدمات أو اداء تنفيذ بعض المناقصات في منطقتك؟ لماذا لا تتواصل مع الوزارة المعنية وتطلب اسم المهندس المسؤول عن الإشراف على تلك المناقصة وتستفسر منه عن أسباب التقصير في ذلك المشروع الخدماتي؟
طبعا الرد جاهز ونوعا ما اعتقد معهم حق: منو اللي فاضي يدق ويسأل وأنت عارف الدوائر الحكومية إذا أرادوا أن يدوخوك فعلوها وهم يبتسمون؟!
طيب شنو الحل؟ الحل برأيي أن تقوم وزارات الخدمات بوضع ملف أو تطبيق قابل للتنزيل على مواقعها يشرح بالتفصيل الدقيق المناقصة وكذلك يضع أرقام وأسماء المهندسين المسؤولين عن الإشراف المباشر على تنفيذ تلك المناقصات. وأكثر من ذلك تلفون مكتب الوكيل المساعد للجوء له في حال عدم تجاوب المهندس.
نقطة أخيرة: بعد فشل رقابة بعض موظفي الجهات الحكومية على مشاريع الخدمات في البلد اقترح نظام رقابة شعبيا تسهله وتساعد فيه الحكومة. وزعوا المناقصات على المواطنين عن طريق مواقع الوزارة واطلبوا منهم الإبلاغ مباشرة عن أي تقصير في تنفيذ تلك المناقصات.. أدري حلم لكنه حلم قابل للتنفيذ.
آخر مقالات الكاتب:
- الإستجواب الغير مستحق
- أمنية من أهالي «عبدالله المبارك» لعناية وزير الأوقاف
- لا والله إلا شدو البدو يا حسين
- درس كبير في السياسة من صاحب السمو
- 2017 قررت أن أكون سعيداً
- بديت أشك في الوسادة
- توظف 8000 كويتي وتربح سنويا 200 مليون..لماذا تخصخصها وتفككها؟!
- مرحبا بملك السعودية التي هي سندنا يوم غيرنا مالقي له سند.
- إخضاع عمليات السمنة في «الخاص» لرقابة أقوى
- انتهت انتخاباتكم تعالوا نرجع وطناً