ورد في الصحف السعودية قبل فترة خبر يتعلق بإلقاء السلطات فيها القبض على مؤذن مسجد من الجنسية البنغالية متورط في ادارة شبكة دعارة.
الموضوع طبعاً لا يتعلق بكون الرجل بنغالياً، بالرغم من أن نسبة جرائم هؤلاء تزيد على غيرهم بمراحل، إن من ناحية غرابتها، أو لتفننهم في استنباط اكثر طرق النصب والاحتيال براعة، فقد سبق أن نالهم منا ومن غيرنا الكفاية، وحكومتنا، ولأسباب كثيرة، لا ترغب في منعهم من دخول البلاد، ويبدو بالتالي ان علينا العيش مع جرائمهم ومحاولة الحد منها ما امكن، بل يتعلق الأمر بمهنة المؤذن، التي فشلنا في الكويت مثلا وبعد 300 سنة من قيام الدولة بتكويتها، أو توطينها، وبعد أكثر من 75 سنة من تشريف الإخوان المسلمين لوطننا، بكل مساوئهم! فمن الغريب أن تكون لدينا كل هذه المؤسسات والمعاهد والجمعيات الدينية، ولا نزال «نستورد» المؤذنين من مصر وأفغانستان وباكستان وإيران، وكأن هذه الوظيفة المبتدعة تحتاج الى خبرات نادرة. فالمؤذن عادة لا يستغرق منه عمله أكثر من نصف ساعة في اليوم، لا يعرف بعدها ما يفعل بين الصلوات، وأين وكيف يقضي وقته. وبالتالي من الخطأ أن يكون هناك من يتفرغ لمهنة المؤذن، التي بإمكان الكثيرين التبرع بأدائها في مواقيتها، كما كان يحصل عندما لم نكن نعرف المؤذن «الخارجي»، فماذا حدث لنا بحيث يعجز شعب كامل عن توفير من بإمكانه أداء عمله في مختلف مساجد الكويت؟
لا شك ان المسألة تتطلب تدخلاً من السيد وزير الأوقاف، فمن المخجل ألا يجرؤ أحد على التصدي لهذه المشكلة، التي وصفناها بالمبتدعة، فلم يعرف الإسلام قط مهنة المؤذن الفريدة، فكيف أصبحت اليوم شيئاً لا بد منه، وبالذات من المدعين بأنهم الأكثر صلاحاً؟!
وفي هذا الصدد، ألقت سلطات الأمن في الكويت مؤخراً القبض على وافد كان يخطط للقيام بعمل ارهابي فيها. وقالت الداخلية ان الوافد يشتبه في انتمائه الى ما يسمى بتنظيم الدولة الاسلامية (داعش) الارهابي، وانه تورط في «حادث مروري» على طريق الدائري السابع، بين مركبته الكبيرة وآلية جيب تابعة للقوات الأميركية، وانه اصيب، وعند تفتيش مركبته عثر على كتاب مدون به مبايعته لأمير «داعش»، واستعداده لتنفيذ أي عملية. وأحيل إلى التحقيق، حيث تبين أنه يعمل إماماً في أحد مساجد الدولة، ومسجل بالوزارة، ويبلغ 28 عاماً من العمر!
لا نريد الدخول في تفاصيل القضية، فقد يظهر تالياً عدم صحة الخبر، وبراءة المتهم، ولكن ما يعنينا هنا هو سن المتهم. فكيف يمكن ان تقوم «الأوقاف» بتوظيف إمام مسجد، دع عنك شكله، بمثل هذا العمر؟ ولم كل هذا الاستخفاف بوظيفة الإمام، بحيث تعطى لكل من هب ودب، خصوصاً اننا نعرف جيداً دورهم الديني وتأثيرهم الدعوي الخطير في الناشئة، فغالبية من غرر بهم من الشباب «المجاهد» اعترفوا بأنهم تأثروا، بطريقة أو بأخرى، بإمام مسجدهم؟!
إن وزير الأوقاف المصلح مطالب بنفض الوزارة من كل ما علق بها من أدران الإخوان، وتحديث نظمها وجعلها أداة إصلاح، وليس أداة بيد «الإصلاح».