في يوم غائم، أصدر مجلس الأمة سنة 2006 قانوناً يتعلق بإجبار الشركات المساهمة على دفع نسبة من أرباحها في صورة «زكاة»، وأن يكون لوزارتي المالية والأوقاف حق التصرف بهذه المبالغ!
شاب القانون عيب واضح، حيث نص على أن للشركات حق طلب توجيه المبالغ المسددة منها لإحدى الخدمات العامة، التي ورد ذكرها في اللائحة التنفيذية، وهي الأمن والعدالة، الدفاع والخدمات التعليمية والصحية والإعلامية والدينية، والتكافل الاجتماعي والإسكان والمرافق العامة والكهرباء والزراعة! ولكن لا وزارة المالية ولا الأوقاف تعاونتا مع الشركات المساهمة في ما يتعلق بتحقيق رغباتها، وبالتالي بقيت نسبة كبيرة من هذه المبالغ متراكمة لدى المالية، في ظل عدم حاجة وزارات الدفاع والصحة والكهرباء لمبالغ زكاة، مع كل الميزانيات المتخمة التي كانت متاحة لها، في حينه.
وسبق أن كتبنا أكثر من مرة نطالب «المستنيرين» في مجلس الأمة، على قلتهم، والذين لم يكونوا يوما من بين القبيضة، بالسعي لتعديل هذا القانون، بحيث تذهب مبالغ الزكاة المحصّلة لدعم الموازنة العامة للدولة، كما نص عليه قانون الزكاة رقم 46، في ظل العجز الشديد الذي تشكو منه. أو يكون من حق دافعي الزكاة، أي الشركة المساهمة، توجيه ما يدفعونه، أو نسبة كبيرة منه، لجهات محددة يمكن حصرها في التعليم والصحة فقط، وليس إدخال الدفاع وعلف الماشية والثروة السمكية والكهرباء والماء فيها. وبهذا نبعد شبهة تحكم أحزاب دينية سياسية بمثل هذه الأموال التي «لا صاحب» لها تقريبا.
إن قانون أحمد باقر هذا يجب ألا يبقى كما هو، فربما كانت النية حسنة وقت صدوره، ولكن التطبيق أثبت فشله. وكان أملنا كبيرا باقتراح قانون، سبق وأن قدمه النائب نبيل الفضل، ولكن القدر لم يمهله وغادر دنيانا، والذي تعلق بإضافة مواد عليه تقوّم اعوجاجه من خلال إعطاء الشركات المساهمة حق توجيه كل أو جزء من مبالغ الزكاة التي دفعتها لجهات محددة مذكورة ضمن كشوف تعدها وزارة الشؤون، في بداية كل سنة مالية، والتي ستتضمن، على سبيل المثال وليس الحصر، الأمانة العامة للوقف، الهلال الأحمر الكويتي، بيت عبدالله، بعض الجمعيات الخيرية، جمعية سلطان التعليمية، وجمعية المعاقين وغيرها. شريطة أن تكون جميعها مرخصة كجهات غير ربحية، وتسمح أنظمتها وقوانين تأسيسها بقبول التبرعات، وألا تكون لها أنشطة أو مساهمات في أي أعمال سياسية.
نعتقد بإخلاص أن هذا المقترح لا يزال صالحا، وبخلاف ذلك فإن المجلس مطالب بتحويل مبالغ «الزكاة» الخيالية التي تجمعت لدى المالية، لدعم ميزانية الدولة المتعبة، في ظل كل هذا الشح الذي تشكو منه، وفي ظل كل الفساد الذي عم بعض الجهات المنوط بها صرف ملايين مبالغ الزكاة، ومنها الأوقاف طبعا.