سامي النصف

مخيمات اللاجئين اللبنانيين!

بدأت تنتشر على الارض العربية ظاهرة مدمرة هي مخيمات اللاجئين العرب التي لا ينتج عنها، كما هو معروف، اي امور موجبة، حيث لا يصنع ولا يزرع ولا يتدرب رجالها ونساؤها ولا يذهب اطفالها وشبابها في الاغلب لمعاهد العلم، بل يعيش الجميع على ما تقدمه لهم منظمات الاعاشة الدولية من غذاء ودواء، لذا سهل عبر تاريخنا الحديث استخدام شباب المخيمات في عمليات الخطف والارهاب والترويع واشعال الحروب الاهلية في البلدان التي يعيشون بها كما حدث في الاردن ولبنان الذي قيل ذات مرة ان من احرق لبنان هم.. باعة العلكة.

***

ورغم تعرض لبنان لحرب اهلية لمدة 15 عاما، الا ان العالم لم يشهد مخيمات للاجئين اللبنانيين في الدول المجاورة، بل اعتمد اللبنانيون على انفسهم، فمنهم من بقي في مناطقهم رافضين تركها، ومنهم من هاجر وعمل وانتج ونجح وعاد لاحقا لتعمير بلده، مما يثبت ان الحروب لا تنتج بالضرورة.. مخيمات لاجئين!

***

وفي مصر، تسببت حرب الاستنزاف في تهجير رسمي لسكان مدن القناة، الا ان الامر لم ينتج عنه مخيمات لاجئين مصريين، كما لم يتسبب الغزو الصدامي للكويت في خلق مخيمات لاجئين كويتيين، واذكر انني وغيري كثير من الكويتيين واصلت ممارسة عملي التخصصي في الخارج وادخلنا ابناءنا المدارس ولم نتصور انفسنا نسكن في مخيمات تتكفل المنظمات الدولية بإطعامنا.

***

ان خلق مخيمات للاجئين الفلسطينيين بعد عام 1948 بحجة ضمان عدم ضياع قضيتهم كانت فكرة كوارثية وغير انسانية ساهم في خلقها لاسباب شريرة الامين على القضية الفلسطينية آنذاك المفتي امين الحسيني، بدلالة انه لم يعش بها بل امضى حياته في مدينة القاهرة، وكان يفترض عمل العكس اي التأكد من تحول الشعب الفلسطيني الى شعب مثقف منتج كما عملت الكويت مع نصف مليون فلسطيني استقبلتهم على ارضها ولم تجعلهم يعيشون في مخيمات بل منحتهم فرصة العمل والدراسة في اجل صورها، لذا لا عجب ان تكون اغلب القيادات الفلسطينية المبرزة بمختلف توجهاتها من خريجي الكويت.

***

آخر محطة: 1 ـ في منطقة الشرق الاوسط، شعوب اخرى تعرضت للقمع والقتل والابادة والتهجير من اراضيهم كحال الاكراد والارمن والشركس.. الخ، الا انهم لم يخلقوا مخيمات لاجئين يعيشون فيها بل اصبحوا جاليات منتجة تحظى بعيش كريم في القرية الكونية الصغيرة التي نعيش جميعا فيها.

2 ـ بعد الحرب المدمرة الحالية في غزة، نرجو البدء في تحويلها من مخيم لاجئين كبير يعيش على المساعدات الى هونغ كونغ او دبي او سنغافورة جديدة والتحول من حالة سياسية وامنية غير مستقرة وبيدق شطرنج يتم اللعب به الى شأن اقتصادي متميز منزوع السلاح حفاظا على كرامة وعيش اهله.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *