محمد الوشيحي

الهواء ضدنا والحَكَم ضدنا

الله يذكره بالخير، المعلق الرياضي السعودي في إحدى دورات الخليج لكرة القدم في ثمانينيات القرن الماضي، عندما كان منتخب الكويت قنبلة نووية تعصف بكل ما في طريقها من منتخبات.
وكانت المباراة بين منتخبي الكويت والسعودية، وكان أن انفجرت القنبلة النووية الكويتية في وجه المنتخب السعودي، وانتهت المباراة بفوز الكويت… لكن اللافت للنظر، والممتع والطريف، هو ما قاله المعلق السعودي وقتذاك، عندما اشتكى من كل شيء في هذا الكون، بدءاً من اتجاه الريح، وليس انتهاء بتحيز الحكم: “الهواء ضدنا، وأرضية الملعب ضدنا، والجمهور ضدنا، والحَكَم ضدنا، والحظ ضدنا”… قالها بلهجته الرائعة، وطريقته المميزة. متابعة قراءة الهواء ضدنا والحَكَم ضدنا

حسن العيسى

هل وصلنا للقاع؟

لم يكن، في يوم من الأيام، احترام الدولة الكويتية وثقلها في المجتمع الدولي راجعاً لثرائها ولا لحجم إنتاجها النفطي أو غير ذلك من الأسباب، فلم تكن هناك أي ميزة لهذه الدولة عن غيرها من دول الجوار بالمنطقة، سوى دستورها وما يقرره هذا الدستور من مبادئ الحريات وما يفرضه من الحدود الدنيا لديمقراطية مقيدة بسلطات أسرة الحكم، ديمقراطية تخلو من معيار تداول السلطة وتحرم الأحزاب وتفوض السلطة التنفيذية التي كانت دائماً تحت هيمنة الأسرة الحاكمة بسلطات "واقع" ممارس بعيد عن نصوص الدستور.
أياً كان الوضع السياسي بالكويت في سالف الأيام، من محدودية  هذا الواقع الديمقراطي إلا أنه تصدق عليه مقولة "مفتّح بين عميان".
هذا الاستثناء الكويتي لم يعد قائماً اليوم، وأصبحت الدولة "عمياء بين عميان" ليست من أفضل من شقيقاتها الخليجيات، ولا تتميز عنها بأمر ما، وإن تميزت عنها في مضمار التنمية الاقتصادية  ونوعية الخدمات التي تقدمها تلك الدول لمواطنيها، أصاب الدولة هذا "العمى" منذ لحظة حل مجلس 2012 الأول، وما أعقبه من فوضى انفراد أسرة الحكم بتسيير مقادير الدولة دون رقيب. بطبيعة الحال، لا يعني ما سبق الحل الأول لمجلس 2012 أن الدولة، كانت تحيا "يوتوبيا" الديمقراطية، وكانت واحة للحريات، فقد كان الوضع العام، وبالتحديد، مع عمر ذلك المجلس القصير، صورة من "شعبوية" الأكثرية، وجهدت تلك الأكثرية لفرض رؤيتها المتزمتة من خلال بعض مشاريع القوانين التي تناقض الحد الأدنى لحرية التعبير، إلا أنه يحسب لذلك المجلس بعمره القصير، وقوفه بصلابة لقضايا الفساد المالي وجرائم استغلال النفوذ في الدولة، ومحاولاته للحد منها، ويدفع، في هذا الوقت، رموز ذلك المجلس المنحل ثمناً غالياً لتك المواقف الصادقة.
الآن، تحيا الدولة بعتمة قاتمة لحريات الضمير، فقد أصبح أمراً عادياً أن نطالع خبراً، بين يوم وآخر، عن حبس مغرد حبساً احتياطياً وحجز حريته، وتمديد فترات الحبس دون حكم القانون،  حين "يتناسى" أصحاب السلطة الضبطية إحضار المتهم بجرائم الرأي في الوقت المحدد أمام المحكمة للنظر في أمر حبسه الاحتياطي.  
وتحت ذرائع واهية مثل "الأمن الوطني، المصلحة العليا للدولة،  النظام العام، المساس بالثوابت الدينية"، وغيرها من عبارات "الغموض الاستبدادي" التي تحفل بها قوانين الدولة، وهي قوانين "دراكونية" لا أكثر، خلقتها السلطة بداية، وتعذرت بها لمصادرة الحريات السياسية للمعارضين، أضحينا في هذا الزمن الكئيب في جحيم الشك واللايقين من كل كلمة تسطر على شاشة تلفون أو آيباد أو كمبيوتر، وما يترتب عليها من احتمال ترويع أصحابها وفق مزاج أهل السلطان.
قضية اليوم لا توجز في احتجاز كاتب ساخر من مرارة الوضع بالدولة، كأن يكون مغرداً له "كاريزما" (تعبير محطة بي بي سي عنه) قوية في عالم "تويتر"، مثل محمد العجمي (بوعسم)، بعد أن وجدت السلطة ضالتها في اتهامه بازدراء الدين، حين أصبحت هي أكبر مشايخ السلفية والمدافع الأعظم عن الأحاديث  النبوية، أيا كانت قوة إسنادها أو تعارضها مع مقاصد الشرع، فالكثيرون يدركون أن جريمة "بوعسم" هي نقده لفقهاء السلطان لا أكثر، لكن ليس بيت القصيد "بوعسم" ولا غيره من الشباب القابعين في السجون، لمجرد أنهم عبّروا عن فكرهم بجمل بسيطة محدودة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وليست القضية الآن محدودة بسحب جناسي مواطنين معارضين، تحت بند النصوص الاستبدادية الغامضة، محور الألم اليوم والقضية هي البحث عن إجابات عن أسئلة من شاكلة ما إذا كنا قد وصلنا للقاع في قضايا حقوق وحريات الإنسان، أو مازالت ممرات الغرق أسفلنا عميقة! وماذا بقي من رصيد الكويت وسمعتها في المجتمع الدولي!
 وهل نحيا اليوم في دنيا رواية أورويل 1984 بشعارها المخيف "الأخ الأكبر يراقبك"، بعد أن أضحت دولتنا "ليست استثناء للحال العربي والخليجي"، بل تجسيداً لهذه الحال المزرية، يا خسارة..

احمد الصراف

أوهام السلام

يقول أحد الدعاة، والذي لا يستحق حتى ذكر اسمه، بعد كل ما أحدثه وأمثاله من خراب في عقول الشباب ودفعهم الى الموت في معارك عبثية، يقول إن تعلق النفس بالجهاد ورغبتها في سفك الدم وسحق الجماجم وتقطيع الأجزاء هو جهاد في سبيل الله وشرف للمؤمن. ويكرر الكلام ذاته دعاة آخرون، في الكويت وغيرها، مؤكدين – بقوة – على قضية إزهاق روح الآخر المختلف، ضرباً بالسيف، وتقطيع أوصاله، خصوصاً إن كان يهوديا. وعليه، فإن أي تصور بإمكانية تحقيق صلح أو سلام يوما ما بين العرب (المسلمين بالذات)، وبين الإسرائيليين (اليهود الصهاينة بالذات)، هو أمر أكثر من خيالي في ظل المعطيات أعلاه. هذا من جانب، ومن جانب آخر يبين الواقع العسكري والميداني والتقني، أن بإمكان إسرائيل القضاء على كامل الشعب الفلسطيني، في غزة على الأقل، خلال ايام قليلة. ولا يمنعها من ذلك غير خوفها من إثارة المجتمع الدولي وفقد احترامه، وخسارة أصدقائها. وبالتالي فدوافعها وراء أي عمل عسكري تقوم به هو أمني بحت، فليس هناك نص تلمودي أو توراتي يطالب بــ «ضرورة» القضاء على المسلمين وإفنائهم. ولكن في الجانب الآخر هناك عجز عسكري وتقني ومعيشي وتعليمي تام لدى الجانب الفلسطيني، وفي غزة بالذات، في إحداث أي تغيير في عقلية أو موقف القيادة الإسرائيلية من السلام أو القضاء على إسرائيل، وهذه الصواريخ التي تطلقها «حماس» تعتبر مزعجة جدا لإسرائيل، ولكن ليس بإمكانها، حتى الآن، إحداث التغيير المطلوب، وضرر ما ترد به إسرائيل على إطلاقها اكبر بكثير مما تحدثه من أذى، وكأننا نشبعها يوميا شتائم مقذعة فتشبعنا ضربا مبرحا وتزيد من الأيتام بيننا! المهم من كل ذلك أن معضلة السلام بين الشعبين غير قابلة للتحقيق، فهناك عقلية ترسّخت على مدى قرون، وبحكم التاريخ والجغرافيا، فكرة القضاء على، ليس فقط الكيان الصهيوني، بل ربما الجنس اليهودي برمته. وبالتالي كيف يمكن توقع سلام بين طرف يعرف جيدا أنه الأقوى ولديه القدرة والإرادة لأن يبقى قويا، في الوقت الذي يعتقد فيه ذلك الطرف، أي نحن، بأن من واجبنا القضاء على الآخر وإنهاء وجوده، فهل هناك سلام متوقع، في ظل مثل هذه المفاهيم؟ لا أعتقد ذلك، ولن أراه في أحلامي، ولا في ما تبقى لي من عمر، وانتو كيفكم! أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com