سامي النصف

العراق على مفترق طرق!

إشكال العراق الحقيقي خلال السنوات العشر الأخيرة قائم على أن كل طرف يريد الانتصار المستحيل على الطرف الآخر، والخاسر والمنهزم في تلك المعادلة هو الوطن. إن الخارطة الزرقاء التي عمل بها العراق منذ سقوط صدام قائمة على معادلة «الخسارة – الخسارة»، والواجب تعديلها الى خارطة طريق جديدة يتفق عليها تقوم على مبدأ «الربح- الربح- الربح»، أي ربح كل الأطراف وربح العراق معهم.

***

وأول ما يجب عمله للعراق الجديد القادم هو معرفة أن الديموقراطية في صلبها هي تداول وتغيير متواصل للسلطة، وتبادل الأدوار بين الحكم والمعارضة، لذا لا يصح التمسك بالزعامات التي قسمت العراق ودمرته، ومن ذلك ضرورة إبعاد المالكي والنجيفي، وأن يستبدلا بوجوه جديدة تعزز الصلة بين السلطتين الثانية والثالثة، وإيقاف صراع الديكة القائم بينهما.

***

كما لا يجوز منطقا استبدال ظلم وتهميش وقمع الشيعة القائم إبان حكم ما قبل 2003 بظلم وتهميش وقمع السنّة في حقبة ما بعدها، فالظلم إن قبل من حكم ديكتاتوري قمعي فإنه لا يقبل قط من حكم ديموقراطي تعددي، إن الديموقراطية هي المحاسبة والإعفاء والإبعاد، ولو لم يكن هناك خطأ للسيد المالكي إلا الانهيار السريع للجيش العراقي في الشمال لكفى ذلك سببا لإبعاده، ودون ذلك الإبعاد سيكتشف الشعب العراقي أنه يُحكم بصدامية دون صدام، حيث حلول الكوارث الكبرى بالبلد وبقاء القيادات في مراكزها لا يهتز لها جفن.

***

والعراق في أمسّ الحاجة للتعلم من تجربتي رواندا وجنوب أفريقيا في كيفية مواجهة الماضي الأليم، وخلق مصالحة وطنية حقيقية بين أطياف الشعب، والعمل بمستلزمات تلك المصالحة عبر النظر في المناهج المدرسية والدينية، والتعامل بشدة مع وسائل الإعلام كالصحف والفضائيات التي تبث خطاب الكراهية المؤجج نحو الأطياف الأخرى.

***

آخر محطة: (1) العراق على مفترق طرق خطير، فإما الاستمرار في المسار الانتقامي السابق و الانتهاء بحروب أهلية تسيل فيها الدماء أنهارا لتصل بالعراق الى التقسيم والانشطار، أو العمل على بداية جديدة تحقن الدماء وترفع الغبن، وتبتعد عن مسار الغالب والمغلوب لتبدأ عجلة التنمية في التحرك، وليسعد العراق وشعبه بمستقبل مشرق طال انتظاره.

(2) بودنا لو تُرجم ودُرس في مدارس العراق كتاب «THE BOOK OF FORGIVING» أو «كتاب المغفرة» الذي كتبه الحائز على جائزة نوبل الأب ديزموند توتو وابنته موفو حول كيفية حلهم لإشكالات جنوب أفريقيا المليء تاريخها بإشكالات الدم والكراهية عبر خطوات عملية، منها اخبار ما حدث، وتحديد المؤلم فيما جرى، ومنح المغفرة والنسيان، وإعادة الصلات، ثم التقدم إلى الأمام.    

@salnesf

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *