سامي النصف

سايكس بيكو البعثي والاستعمار العربي!

للتاريخ.. ثارت ابان الحكم الاستعماري الفرنسي والبريطاني في العشرينيات دير الزور السنية السورية، فتجاوب معها الفرات الأوسط الشيعي العراقي، وتم في بغداد تبادل الخطب بين المساجد السنية والشيعية، وتآخى الهلال مع الصليب في مصر، وتوحدت مشاعر وأطياف وأعراق أهل السودان ودول شمال افريقيا، فلم نسمع قط ما خدش وحدتهم الوطنية أو ولاءهم لأوطانهم ابان حربهم ضد الاستعمار أوائل الستينيات وما قبلها، حتى رفض الأمير الأمازيغي عبدالكريم الخطابي عرش المغرب المقدم له من الفرنسيين وفضَّل عليه أن يكون لاجئا في مصر العربية.

***

ومنح الفرنسيون في العشرينيات دولة للدروز وعينوا حاكمها سليم الأطرش، فأسقطها الدرزي الثائر سلطان الأطرش بالتعاون مع الدمشقي د.عبدالرحمن الشهبندر، كما منحوا العلويين دولة خاصة بهم في جبال العلويين، فأسقطها الثائر العلوي العربي صالح العلي بالتحالف مع الزعيم الكردي السني إبراهيم هنانو، كما عمل الإنجليز لاحقا على وحدة العرب عبر وعد «إيدن» الشبيه بوعد «بلفور» والذي ألقاه في مجلس العموم عام 1943 وفيما بعد دعم إنشاء الجامعة العربية وتشجيع اتحاد الإمارات وسلطنات اليمن الجنوبي، لذا فاتفاقية أو «شماعة» سايكس ـ بيكو الأجنبية والاستعمار الغربي لم يقسمنا، بل على العكس فقد أشعل الشعور القومي والوحدوي في قلب كل من سكن الأرض العربية وليس العرب وحدهم.

***

ما قسّم العرب وفتت أوطانهم بالأمس واليوم وحتى الغد، وقتل الشعور الوحدوي في عقولهم وأفئدتهم إلا اتفاقيات سايكس ـ بيكو السرية العربية التي تخفي عكس ما تظهر، والمتآمرة على أوطاننا وشعوبنا كحال حزب البعث «الوحدوي» الذي حكم بغداد ودمشق فتسبب في عداء تاريخي بينهم وتفتيت لاحق لشعوبهم عبر تحريض الطوائف على الطوائف والأعراق على الأعراق، مثلهم «الوحدويان»، القذافي والبشير، وقبل ذلك تسبب الوحدوي عبدالناصر في انفصال السودان وسورية وغزة واحتلال 3 دول عربية وخلافات حادة بين الدول العربية، ألا ليت الاستعمار يعود يوما لنخبره بما فعل الحكم الوطني ولايزال في بلداننا وشعوبنا!

***

آخر محطة: (1) جربنا في الكويت (وأغلب دول الخليج) الاستعمار البريطاني الذي أتانا ونحن فقراء فدافع عن كياناتنا أكثر من مرة أمام الطامعين ولم يسفك قطرة دم واحدة وتركنا ونحن أغنياء دون حرب أو ضرب، مما يسقط الأكذوبة التاريخية بأن الحكومات الثورية التي ادعت الوطنية هي التي أخرجت الاستعمار ـ الراحل أصلا من أراضينا العربية.

(2) وجربنا في المقابل الاستعمار العربي ممثلا في جيش صدام العروبي والوحدوي الذي سفك دم الأبرياء واغتصب النساء، وأحرق الثروات وقتل وقمع ودمر ولم يخرج إلا بحرب شنتها عليه جيوش الاستعمار القديم.. وما أرحمها من جيوش!

(3) تشعر أغلب الشعوب العربية التي خرج منها الاستعمار الغربي وحل محله الاستعمار العربي، ممثلا بحكومات ثورية تدعي الوطنية بالحسرة الشديدة، وتتساءل ما ضر شعوب اليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية وتايوان ودول أوروبا الغربية وجميعها دول لها حضارة وكرامة لا تقل عن كرامتنا وحضارتنا من وجود الجيوش الأميركية والغربية على أراضيها، فقد أمنتهم تلك الجيوش في أوطانهم ومنعت حروبهم الأهلية والخارجية وأنعشت اقتصادهم وأثرت شعوبهم وجعلتهم الأكثر تقدما.

@salnesf

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *