سعيد محمد سعيد

«سعدون»… سلام الله عليه

 

لا أدري، هل أنا مخطئ فيما أشعره، أم يبادلني الإخوة القراء الكرام الشعور ذاته؟ ألا تجدون بأن هناك من ينفجر غيظاً وقهراً وحنقاً وعداوةً حين يرى أي صورة من صور المحبة بين المواطنين من مختلف الطوائف؟ وخصوصاً إذا كانوا من الطائفتين الكريمتين؟

ألا تلاحظون معي بأن هناك أنياباً مسنونةً متأهبة لأن تنهش كل فكرة جميلة بين أهل المبادرات الوطنية والاجتماعية والإنسانية التي تهدف إلى التصدي للأفكار الطائفية البغيضة؟ ثم ألا تلاحظون أن أولئك، كلما أصابهم الفشل، كلما عادوا من جديد؟ ترى، إلى ماذا ترمي خططهم وإلى متى سيستمرون؟.

مهما طال أمد تخطيط تلك الفئة فإنها إلى زوال وفشل لا محالة! مناسبة هذا الحديث، هو أن مواطنة بحرينية من طائفة، احترق منزلها حفظها الله وحفظ أسرتها وحفظ السامعين، فتنادى إليها نسوة من طائفة أخرى. أليس في هذا وضوح الصورة الأكمل للمعنى الإنساني والإسلامي للأخوة والتعاضد؟ لكن «أولاد إبليس» الذين يأكلون الجيف والعفن في الظلام، لا يحبون مثل تلك الصورة، فهب بعضهم كعادته، يكتب من جحره العفن في وسائل التواصل الاجتماعي يحذّر ويدعو للمقاطعة وأخذ الحيطة والرقابة الكاملة على مثل هذه الصورة الإنسانية الإسلامية لأنها وفق فهمه: «محاولة خداع فاشلة… لن ننسى خيانتهم… لن ننسى حقدهم»!

على أية حال، أقولها صريحةً، أولاد الحلال من أبناء الطائفتين الكريمتين، يعملون بصدق وإخلاص ومودة وتعاضد، وفي ذلك قمة الدور الوطني للحفاظ على النسيج والسلم الاجتماعي، لكن هناك من الأشرار من لا يزالون يمشون في دروب العداء والدخان الأسود يتصاعد من قلوبهم.

وسأعود إلى العام 2008، ويا لمحاسن الصدف، فقد كتبت ما نصه: «يبدو أن كل ما تبقى لدينا من علاقات طيبة ومحبة كمواطنين نعيش في كنف بلادنا الغالية سوى حكايات الأجداد، وقصص النسيج الإجتماعي المتماسك بين أهل البلد في زمان ولى ومضى! وشرفة نرى منها أياماً رائعة مضت حين نقرأ عن رحلات المقيظ بين السنة والشيعة للكاتب حمد النعيمي، وحين يطرب مسامعنا كبار السن في الطائفتين حين يروون لنا «كان يا ماكان» يحيي قلوبهم، وربما… ربما حين نشاهد «مسلسل سعدون»!.

أينما تذهب سترى الوجه الحقيقي أمامك: خطب جمعة، تصريحات نارية، مقالات طائفية، أوراق سرية وأخرى علنية… سوق يجد فيها تجار المصالح مساحات لا تنتهي لبيع بضائع من جميع الأصناف، لزبائن من جميع الفئات.

والأدهى من ذلك، أن الكل ضد الطائفية، والكل ضد العبث بمنجزات البلاد، والكل ضد تصنيف المواطنين وتلوين ولاءاتهم، والكل يتحدث عن الحقوق والواجبات، والكل، الكل بلا استثناء، يحملون هموم الوطن!

في لحظات، قد تسنح الفرصة للمواطن أن يفكّر في وضع الوطن، وأهل الوطن، وتراب الوطن، وينظر إلى حقيقة الأوضاع في هذا المجتمع الصغير الذي نفرح أن نطلق عليه اسم «البيت العود»، الذي يجمع السنة والشيعة، المسيح واليهود، العرب والعجم، العابر والمقيم. ولكن هناك «أكذوبة» ورثناها، وحقيقة أردنا لها أن تتوارى خلف المجهول، وهي شرارة، إن كبرت يوماً واشتد أوارها، قل علينا جميعاً السلام.

صراع خطير يمزق الأوصال، ليس في فمي ماء، ولكن في قصيدتي المتواضعة شجون:

يلوح من البعد جور الزمن

وبالقرب تبدو بقايا وطن

وشعب تهيأ كي ينتقم

من الأخ والجار وقت المحن

فبالأمس قالوا لنا بيتنا

كبير ولن يعتريه وهن

فإن كنت «شيعي».. فشيعتنا

وإن كنت «سني» ففيك السنن

ولكن سقطنا بلا عثرة

فنحن جميعاً نحب «الحسن»

ونجنح «للصلح» حين نرى

معاوية لا يستحق «اللعن»

ويسحقنا ظلم تاريخنا

ويجرفنا في الخلافة «فن»

وقالوا وقلنا كفانا أسى

ألا إننا جبل من ضغن

فنعشق تكسير أطرافنا

ونفرح حين نبيع العفن

وما أسعد الناس وقت الحريق

ووقت النعيق ووقت الفتن

وتؤلمنا شنشنات «الغريب»

يتاجر فينا بأغلى ثمن

كذبنا على بعضنا كذبة

بأنا جميعاً فداء الوطن

وهل يصدق القول وقت النفاق؟

عضيدي أمامي وخلفي طعن؟

كذبنا على بعضنا كذبة

فأين الحقيقة.. أين الوطن؟

***

سلام الله عليك يا «سعدون».

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *