محمد الوشيحي

الكويتي… والليزر

الله يمسيه بالخير إن كان مايزال حياً يتنفس، ويرحمه إن مات، رئيس أحد الأحزاب السياسية في دولة عربية. أجرت معه صحيفة فرنسية لقاءً أثناء الانتخابات النيابية في الثمانينيات، تسأله عن حظوظ حزبه في هذه الانتخابات، فأجاب: “سأتشرف بلقاء قائد البلد غداً، ليمنحنا مكرمة بتمثيل نيابي أكبر من عدد نوابنا في الانتخابات الماضية”، وأضاف بجدية: “كان فخامته غاضباً من حزبنا أثناء الانتخابات الماضية، لكننا صححنا المسار”! وبالفعل لم يخب ظنه، وارتفع عدد النواب المنتمين إلى حزبه في البرلمان.
ضحك محرر الصحيفة الفرنسية، وضحك قراؤها الفرنسيون، وبكى الشعب العربي، ورثى ديمقراطيته.
عندنا في الكويت، والحمد لله، لم تُزوّر الانتخابات إلا مرات معدودة. ولم تُشوه الديمقراطية الكويتية لأنها ليست موجودة أساساً.
الديمقراطية الكويتية مثل شعاع الليزر الأحمر الذي يلعب به الأطفال، يصوبونه على مكان أو جسم فيظهر على شكل نقطة حمراء. والمعارضة الكويتية مثل ذلك القط عندما صوبوا نقطة الليزر على الحائط الذي أمامه، فقفز بسرعة ليمسكها، فصوبوها على المرآة، فقفز على المرآة وكسرها، فصوبوها على الأرض، فأخذ يضرب الأرض ليمسك بهذه النقطة، فحركوها بسرعة على شكل دوائر، والقط يدور خلفها، ويمسكها بيديه ورجليه، فتفلت منه، وأصحاب الليزر يتضاحكون، ووو، وأخيراً قبض القط على نقطة الليزر، وأطلق تنهيدة، وفكر في إشعال سيجارة الانتصار.
وما كاد يبلع قطنا الفاضل ريقه عقب التعب، حتى تحركت النقطة من بين يديه إلى السقف، فراح يقفز ويقفز ويقفز على وقع ضحكات “أصحاب الليزر”، ولا جدوى.
ومن هناك، من خلف البحور والقارات، يكتب “كتّاب الشنطة العرب” مقالاتهم عن الديمقراطية الكويتية، فيتهمون القط باللؤم والخسة، ويمتدحون جمال الليزر، ثم يعدّلون ربطات أعناقهم، ويتابعون أسعار صرف العملات، ويتعجبون قبل خروجهم من بهو فندق نيويوركي فاخر: “ماذا يريد الكويتيون أكثر من ذلك، فلينظروا إلى محيطهم”.
صحيح، ماذا يريد القط أكثر من لعبة الليزر الأحمر؟

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *