"إشهار الأحزاب السياسية عبر قانون إقرار نظام انتخابي ديمقراطي قائم على التمثيل النسبي للقوائم الانتخابية المغلقة باعتبار أن الكويت دائرة انتخابية واحدة، مع تخفيض سن الناخبين إلى 18 عاماً، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، وخصوصاً حرية الاجتماع العام وحرية التعبير عن الرأي، والحقّ في تشكيل مؤسسات المجتمع المدني، وكذلك إلغاء القوانين التي تصادر حق الأفراد في التقاضي المباشر أمام المحكمة الدستورية، وأهم القوانين التي يجب إصدارها أو تعديل ما هو قائم منها قانون إنشاء الهيئات السياسية، وقانون تنظيم انتخاب أعضاء مجلس الأمة والدوائر الانتخابية، ذلك من أجل وضع نظام انتخابي يتماشى مع المبادئ الدستورية ويحقق العدالة والمساواة بين الناخبين". هذا بعض ما جاء في مسودة ما يسمى بائتلاف المعارضة كما نشر بالزميلة "الراي" بتاريخ 3 يناير 2014، وبالطبع فإن ما تضمنته تلك المسودة ليس بالأمر الجديد بل هو ما خلصت إليه معظم التيارات السياسية وإن اختلفت في بعض التفاصيل، ولا بد من الإشارة هنا إلى أن إشهار الأحزاب السياسية وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، وكذلك حق التقاضي المباشر للأفراد أمام المحكمة الدستورية هي مطالب مستحقة، ومدخل حقيقي للإصلاح السياسي بالكويت لما تحققه تلك المطالب نظرياً من التحول إلى البرامج بدلاً من العمل الفردي وضمان عدم جور أي فئة، وإن كانت تملك الأغلبية البرلمانية حقوق المواطن والمقيم وضمان الحريات الشخصية، وهو أمر ينم عن استيعاب ما يسمى بائتلاف المعارضة الجيد للوضع السياسي الكويتي والنقاط المؤدية إلى إصلاح سياسي فعلي. إلا أن أكثر ما لفت انتباهي في تلك المسودة التي تمثل كلاً من كتلة "العمل الشعبي" و"حدس" و"معك" و"التيار التقدمي" و"الحركة الديمقراطية المدنية"، نوعية المفردات المستخدمة والمكررة قبل كل مطلب من مطالب الإصلاح السياسي، وهي مفردة إقرار أو إصدار قانون أو إلغاء قانون، وتلك المفردات منوطة بالمشرع أي بمجلس الأمة وكل تلك الكتل الممثلة للائتلاف المعارض تتخذ موقفاً واحداً لا رجعة فيه وهو مقاطعة الانتخابات البرلمانية! إذن كيف ستتحقق كل تلك المطالبات الواردة في المسودة وطريق تحقيقها مسدود بالنسبة إلى ممثلي هذا الائتلاف؟ بناء على هذا الأمر لن يكون أمام ما يسمى بالائتلاف المعارض سوى أسلوب واحد للتعاطي مع هذه المسودة قبل إعلانها في الأسبوع القادم؛ فإما نسف كل ما جاء فيها لأنه يعتمد على مجلس الأمة المقاطع من قبلهم، وإما الإعلان عن المشاركة في أي انتخابات نيابية مقبلة، فهذان هما المخرجان الوحيدان. أعتقد أن مواجهة الذات وتهيئة الأرضية من الائتلاف للمشاركة في أي انتخابات نيابية مقبلة هو الأمر الذي يجب أن يطرح منهم قبل تقديم أي مسودة إصلاح سياسي وعدم مواجهة هذا الأمر سيجعل من جميع الإصلاحات السياسية المقدمة منهم والمرتبطة بإصدار قوانين أو إلغاء أخرى مجرد حبر على ورق، وأمر غير قابل للتطبيق من الائتلاف على الأقل. خارج نطاق التغطية: تنقل الشيخ محمد عبدالله المبارك من وزارة إلى أخرى مع كل تشكيل يثبت قطعاً أن وجوده هو مجرد ترضية وغير مبني لا على كفاءة أو أداء، وهو نموذج واضح على طريقة إدارة حكوماتنا المتعاقبة للدولة.
الشهر: يناير 2014
الاستجوابات تشكل الحكومات!
تشكيل الحكومات هو احد اهم الامور التي تحدث في مختلف بلدان العالم الاخرى، فالتشكيل المتأني والمدروس بدقة والمعد على نار هادئة يترجم لاحقا الى نجاح وانجاز باهر للبلد، يقابله التشكيل المستعجل المعد على نار حامية والقائم على فلسفة «القريب منك بعيد، والبعيد منك قريب»، و«من كل قطر اغنية»، يؤدي كما جربنا مرات عديدة في السابق الى الازمات والاشكالات والتعديلات والاخفاقات وتوقف حال البلد.
* لا يوجد سبب واحد يدعو للاستعجال بالتشكيل الوزاري الذي صدم الناس وزاد من حالة التشاؤم السائدة بمستقبل البلد، فنجاح الحكومة الجديدة كفريق متجانس هو نجاح للكويت وفشلها كفريق متنافر هو فشل للكويت بأسرها، ونرجو الا يتعذر احد بقصر الوقت او كثرة الاعتذارات، فقد كان في الوقت متسع ولم يحدد الدستور اي فترة زمنية للانتهاء من التشكيل، وان اعتذر عن التوزير عشرة او عشرون مرشحا فهناك مقابلهم الف والفان من الاكفاء الامناء لو اتسعت الرؤية ولم يقتصر الترشيح على حفنة من المتنفذين الذين يراعون مصالحهم الخاصة لا مصلحة الكويت العامة فيمن يرشحونه ويفرضونه.
* ومما يزيد الطين بلة هو سن بدعة جديدة لا اصل لها في الدستور، وهي ان الوزير الذي يتم التلويح باستجوابه يستبعد على الفور من التشكيل الوزاري مهما كانت كفاءته وامانته وقدرته على مواجهة الاستجواب الذي قد يكون قائما على رفض الوزير التجاوز على القوانين، يقابل ذلك ابقاء المتجاوزين والمتعدين على اموال الشعب الحرام بحجة ان احدا لم يقم باستجوابهم(!) وهو امر قد لا يستمر طويلا، وبذا اصبحت الحكومات تشكل وللمرة الاولى في التاريخ السياسي الكويتي من قبل الاستجوابات لا من قبل من انيط به دستوريا حق التشكيل!
آخر محطة:
1 ـ جرت العادة في العالم اجمع على ان تكون هناك فلسفة او برنامج عمل للحكومة ثم يتم اختيار القياديين القادرين على تنفيذ تلك الفلسفة او البرنامج، في الكويت حارت العقول في فهم فلسفة التشكيل الحكومي الاخير حتى وصل البعض يأسا للتحليل التالي:
تم توزير التجار والليبراليين لمحاربة الاخوان، وزر الاخوان لمحاربة السلف، وزر السلف لمحاربة الشيعة، وزر الشيعة لمحاربة القبائل، وزرت القبائل لمحاربة الشيعة، وزر الشيعة لمحاربة السلف، وزر السلف لمحاربة الاخوان، وزر الاخوان لمحاربة التجار والليبراليين طبقا لسياسة «خميس كمش خشم حبش» والعكس صحيح.
2 ـ نأسف على خروج الوزراء الذين يكنون بـ «أبو عبدالله»، ونعني سالم الاذينة ونايف الحجرف وشريدة المعوشرجي.
3 ـ الانجاز الاكبر لبعض الوزراء الخارجين منذ دخولهم الوزارة هو.. «ذلك الخروج المظفر»!
نبوءة الأستاذ جاد والمتنبي
هذا المقال يتعلق بما نسبت، في مقال سابق، من أبيات شعر للمتنبي، واكتشف الكثير من القراء خطأ ما ذكرت، وكتبوا واتصلوا، كتابيا وهاتفيا، يلفتون نظري الى ما ارتكبت من «خطيئة»! وقد أعادني الموضوع لواقعة طريفة حدثت قبل أكثر من نصف قرن، عندما كنت في المرحلة المتوسطة. كان مدرس العربية، الأستاذ جاد، دائم التجهم، وقد حذرني مرارا من أنني سأسقط في مادته إن بقيت مصرا على عدم حفظ بيت شعر واحد من المقرر، وأن الاكتفاء بعلاماتي الممتازة في الإملاء والإنشاء ليس كافيا. ومن منطلق محبته لي، لأنني كنت أحرر مجلة الحائط، وأساعده في عمله في المكتبة، فقد غششني وأخبرني بأن امتحان اليوم التالي في الشعر سيكون في قصيدة للشاعر امرئ القيس، التي يقول فيها واصفا فرسه: مكر مفر مقبل مدبر معا.. إلخ! سهرت الليل، وحفظت أبياتها القليلة، وفي صباح اليوم التالي وقفت لألقي القصيدة، ولكن صياح الطلبة ارتفع مطالبين المدرس بإعفائي من الإلقاء، لأنني لا أحفظ الشعر! كبرت في رأسي، وجلست مدعيا عدم الحفظ، لكي لا «أفشل» زملائي! وهنا نظر لي الأستاذ جاد بأسف، وقال: الله يخرب بيتك! أنت حتاكلها في يوم على دماغك من الشعر! وبعد 50 عاما تحققت نبوءة الأستاذ جاد، و«خربتها» بجدارة في مقال «المتنبي.. الحب والفخر»، الذي كان يجب أن يكون عنوانه «أجمل أشعار العرب»، وبدلا من ذلك نسبت الأبيات جميعها لأبي الطيب. وبالرغم من تبرع اصدقاء وقراء للفت نظري الى نسبة هذا البيت أو غيره لهذا الشاعر أو لغيره، فإن الأستاذ محمد المنيع كان الوحيد الذي بذل جهدا في البحث عن قائل كل بيته ورد في المقال، وكانت الحصيلة، على ذمته، كالتالي: أغرك مني ان حبك قاتلي، هي من معلقة لامرئ القيس. وما عجبي موت المحبين في الهوى، لعروة بن حزام. ولو كان قلبي معي ما اخترت غيركم، لعنترة بن شداد. فيا ليت هذا الحب يعشق مرة، لقيس بن الملوح. واني لأهوى النوم في غير حينه، لقيس لبنى. ونقل فؤادك حيث شئت من الهوى. لأبي تمام. واذا ما رأت عيني جمالك مقبلا، للشاب الظريف. وأحبك حبين حب الهوى، لرابعة العدوية. وقفي ودعينا قبل وشك التفرق، لصفي الدين الحلي. وضممتك حتى قلت ناري قد انطفت، لقيس بن الملوح. فقلت كما شاءت وشاء لها الهوى، لأبي فراس الحمداني. وان حكمت جارت عليّ بحكمها، لأحمد بن محمد بن عبدربه. وقتل الورد نفسه حسدا منك، لبشارة الخوري. وأخيرا: اعتيادي على غيابك صعب، وقد تسربت في مسامات جلدي، البيتان لنزار قباني.
الأمر الطريف الآخر أن الخطأ في ذلك المقال كلفني ساعة في كتابة هذا المقال، وساعة تقريبا للرد على عشرات رسائل الإنترنت والمكالمات الهاتفية، كلفتني في النهاية، وأنا خارج الكويت، أكثر من 25 ديناراً!
أحمد الصراف
لماذا ألغى تشرشل اتفاقية سايكس بيكو وفرض مشروعه التقسيمي؟
أعادت الصراعات المدمرة في الشرق الأوسط هذه الأيام إلى الأذهان اتفاقية سايكس بيكو، التي قسَّمت المنطقة بين بريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية، بعد انهيار الخلافة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، وهي معاهدة سرية كشف تفاصيلها النظام الشيوعي، الذي أطاح الحكم القيصري عام 1917، أي أثناء الحرب.
هذه المعاهدة السرية، حرص الشيوعيون على فضحها، كما يُقال، لتبرئة أنفسهم منها، وكذلك لحماية سمعة وطنهم، روسيا، في المنطقة. متابعة قراءة لماذا ألغى تشرشل اتفاقية سايكس بيكو وفرض مشروعه التقسيمي؟
بوفيصل .. تأخرت كثيرا!
نعم بوفيصل .. تأخرت كثيرا في قول كلمة الحق حتى أصبح لا قيمة لها حين تصدر منك شخصيا .. واليوم تحديدا، فما قلته في جلسة مجلس الأمة اليوم هي هموم المواطنين والمقيمين على حد سواء، على مدى عقود وليس أشهر أو حتى سنوات، فالجميع يعاني من حالة التردي والفساد .. بل أن الكويت كوطن وتراب عانت أكثر مما عاناه من يعيش فوق أرضها!
تأخرت بوفيصل .. لأن حين كانت هناك فئة من المجتمع الكويتي – ولن أقول أغلبيته – نزلت الشارع رفضا لحالات الفساد وتفشى الرشاوى السياسية بين الحكومات والنواب وقفت أنت سدا منيعا مدافعا عن هذه التصرفات .. وقفت؟ لا هي كلمة بسيطة لواقع ما قمت به في حينه .. لقد كنت عراب الدفاع عن الحكومات السابقة رغم أن الفساد بين .. والفشل ملموس .. وانهيار الدولة واقع. متابعة قراءة بوفيصل .. تأخرت كثيرا!
تتداعى عليكم الأمم
مع اننا لم نشارك في الانتخابات ولم نؤيد مجلس الصوت الواحد، وكنا ومازلنا نعتقد ان تغيير قانون الانتخابات جاء بطريقة أضرت بالعملية الانتخابية والمسيرة الديموقراطية، ومع ان التجارب أثبتت صحة ما كنا نقوله من ان نتائج الصوت الواحد ستكون سلبية على البلد، ومع اننا لم نبدِ رأياً في تشكيل الحكومات السابقة ولا الجديدة، الا اننا نتمنى نجاح جميع مؤسسات الدولة في أداء عملها على اكمل وجه، بما ينفع البلد ويحرك عجلة التنمية ويطور الخدمات ويحقق العدالة والمساواة بين الناس. وعليه نتمنى ان ينجح هذا التشكيل الجديد للحكومة في خدمة الوطن والمواطن، مع ما لدينا من ملاحظات عديدة، مثل تكريس وجود تيارات دعمت الصوت الواحد ودافعت عنه، وهذا امر غير مستغرب في مثل هذه الظروف، خاصة ان هذه التيارات هي التي ستتحمل نتائج أداء هذه الحكومة سلباً وايجاباً. متابعة قراءة تتداعى عليكم الأمم
الحمدللة
الحمد لله، أخيراً تشكلت العجينة الحكومية. الحمد لله سنستكمل بناء قمرنا الصناعي. الحمد لله سنفتتح محطة القطار الجديد. الحمد لله سنحتفل قريباً بالمدينة الرياضية. الحمد لله سنكحل أعيننا برؤية دار الأوبرا، والمسارح المحيطة بها. الحمد لله… أخيراً، فُرجت وكنت أظنها لا تفرجُ. متابعة قراءة الحمدللة
الجديد أنه لا جديد مع رواد الفضاء
هذه المرة وكالة "رويترز" تقرع أجراس الإنذار عن الوضع الاقتصادي للدولة، فقد ذكرت أن فائض الميزانية انخفض 15٪ في الستة أشهر الأولى من السنة الماضية مقابل ارتفاع النفقات أكثر من 50٪ في المدة ذاتها، وأن معظم أوجه الإنفاق صرفت على بند الرواتب والأجور لا على الاستثمار، وتضيف الوكالة الإخبارية أن زيادة الإنفاق لم يظهر تأثيرها على زيادة الطلب الداخلي كما يتوقع، كما ذكرت أن فائض الميزانية انخفض إلى 10.72 مليارات دينار من أبريل حتى سبتمبر من العام الماضي، بينما كان في الأصل 12.65 ملياراً للفترة ذاتها من السنة قبل الماضية.
وأعادت الوكالة تصريح رئيس الحكومة، قبل فترة، عن ضرورة خفض الإنفاق وترشيد الاستهلاك، وكان رئيس الحكومة بدوره يعيد تحذيرات صندوق النقد الدولي، التي تقول من بدايتها إلى نهايتها، إن أيامكم الحلوة يا أهل الكويت ستنتهي خلال الثلاث سنوات المقبلة… ولست متأكداً أن الكويت تحيا أيامها الحلوة إلا بالنسبة إلى القلة الذين يعرفون من أين تؤكل الكتف، فأيامهم الحلوة دائمة بصرف النظر عن انخفاض أسعار البترول وانخفاض فوائض الميزانية، فهم جبال من الفساد لا تهزهم رياح التغيير.
ليس هناك من جديد في تقرير "رويترز" الذي نبه إليه في تغريدة عابرة الباحث كريستوفر ديفدسون صاحب كتاب "ما بعد الشيوخ… اقتراب نهاية الحكم المشيخي لدول الخليج"، والجديد الحقيقي أنه لا جديد في منهج السلطة، فغير رفض الحكومة زيادة العلاوات والرواتب لم تقدم أمراً جديداً، وأجزم يقيناً أن تشكيلة رواد الفضاء الجديدة لن تقدم شيئاً بدورها مادامت وكالة "ناسا" الكويتية يديرها أبناء الشيوخ.
ماذا يمكن أن تفعل السلطة، في فترة "استهلاك الفائض" القادمة، وبداية الاقتطاع من اللحم الحي، فأسعار البترول تميل إلى الانخفاض بعد اكتشافات النفط الصخري في الولايات المتحدة، ويستحيل أن تتوقف الحكومة عن تعيين المواطنين في الوظيفة العامة، فليس لدينا قطاع خاص حقيقي يمكن أن يستوعب العمالة القادمة، فقطاعنا الخاص مجرد وكالات حصرية لمنتجين صناعيين في دول "السنع" المتقدمة، ولا يمكن بالثقافة الاجتماعية السائدة أن تفتح الدولة أبواب الاستثمار الأجنبي والسياحة مثلما فعلت إمارة دبي… كل الطرق مغلقة أمامنا، والمستقبل مظلم.
أبسط بداية لبعث الأمل يفترض أن تبدأ بحركة إصلاح سياسية حقيقية للسلطة، فلا يمكن أن تغير منهج الفكر السياسي مادام هذا الفكر المسؤول عن أزمات الماضي يخرج من الدماغ ذاته والأشخاص أنفسهم، ففاقد الشيء لا يعطيه، والكويتيون، في النهاية، حالهم من حال غيرهم، سيرضون بالتضحيات، سواء تمثلت في جمود الرواتب أو انتظار السكن إلى يوم غير معلوم، وسيرضون بأكثر من ذلك مثل زيادة أسعار الكهرباء والماء إلى مزيد من رداءة الخدمات العامة بشرط أن تقدم السلطة دليلاً واحداً على جديتها للإصلاح السياسي والاقتصادي، لتبدأ بتحقيق ديمقراطية جادة بنظام برلماني كامل وأحزاب، ولتشرع في العمل بشفافية وعدل في إدارة المرفق العام، لتقدم "حرامي واحد" من أهل الفساد إلى العدالة بدلاً من حشر المعارضين في أقفاص الاتهام، وحين تفعل ذلك سيصدقها الناس ويعملون معها بدلاً من العمل ضدها.
التوطين والعجز الدائم
تعتبر الكويت، مقارنة بلبنان، أكثر غنى «نقديا»، وأكثر قابلية للتطور، وأقل فساداً، أو هكذا يفترض، ولكن «مواطنين كويتيين» يبذلون جهوداً جبارة للحاق بلبنان، لنصبح أكثر فساداً! وبالرغم من ذلك فلبنان سبقنا بـ20 عاماً على الأقل في موضوع إلكتروني مهم وهو المتعلق بطريق سداد فواتير الهواتف النقالة والثابتة والكهرباء ورسوم البلدية وبقية الضرائب عن طريق المصارف! ولك أن تتخيل الوفر الذي حققته الحكومة والشعب اللبناني نتيجة هذه الطريقة العصرية، وما تتكلفه في المقابل الحكومة والمواطن في الكويت في دفع هذه الفواتير! وكان من الممكن ألا ينشغل وزير الكهرباء الحالي بتحصيل مئات ملايين الدنانير التي تراكمت للدولة بذمة مجموعة كبيرة من الشركات والافراد، لو كان لدينا ما يسمى بنظام «التوطين» اللبناني، والذي بمقتضاه يمكن تفويض البنك بدفع مستحقات الدولة. وكان من المفترض أن تتكفل بهذا الأمر ما عرف بـ «الحكومة الإلكترونية»، ولكن لأنها خائبة فقد فشلت في عملها، وربح منها من ربح، وانتهت إلى لا شيء، ولا يزال هناك من يحلم بجعل الكويت مركزاً مالياً عالمياً، أو قاعدة لطريق الحرير، ونحن لم ننجح في جعلها حتى قاعدة لصناعة أكياس الخيش! وللعلم، فإن فواتير الهواتف النقالة والثابتة والكهرباء وحدها تكلف المواطن والدولة، دون مبالغة، الملايين سنويا، لسدادها فقط، نتيجة ما يضيع من وقت وجهد المواطن وموظف الدولة في التنقل وفي الأعمال الإدارية، وعد النقود وتحصيل الشيكات وما يعنيه ذلك من استهلاك السيارة واستهلاك الطريق والوقود، والتورط في زحمة الشوارع، وتضييع وقت الآخرين، ويتكرر كل ذلك شهرا وراء آخر، ولا أحد في الحكومة الرشيدة يود فعل شيء لجعل الأمر إلكترونيا، لا شيء غير تعيين وزير جديد لينشغل بما انشغل به غيره، من تغيير الوكيل، وتدوير الوكلاء المساعدين، والاختلاف مع المديرين، وتبديل أثاث مكتبه وتعيين أقربائه فيه، والتدخل في ما لا يعنيه من أمور فنية، ثم استقالة الحكومة، لينتهي عهده بـ….. لا شيء! ليتكرر الأمر ذاته مع الوزير التالي!
ملاحظة.. سربت جهة حكومية مستقلة، قابلة للخصخصة، تقريراً طبياً يعود لعام 2002، قرر فيه المجلس الطبي العام أن حالة موظف في تلك الجهة «تندرج» تحت مفهوم العاجز «الدائم» عن الكسب بنسبة «تزيد» على %50، عند انتهاء خدمته! الشخص نفسه، عين بعدها بـ 11 عاما، مع زيادة عجزه، عين وزيرا على الجهة الحكومية نفسها التي أعفي منها، وصار اللي صار!
أحمد الصراف
نحن الإسلام.. هكذا يقول الإخوان
الحوار وسيلة تفاهم بين البشر، وكثير من الصراعات والحروب كان يمكن تجنبها لو توافر الحوار بين طرفي النزاع، فبغيابه يصبح التفاهم صعبا. ولكن يستحيل الحوار إن اعتقد طرف أنه أرقى أو أفضل من الطرف الآخر ماديا، أخلاقيا، عنصريا أو اجتماعيا. ولهذا فشلت جميع محاولات الحوار مع هتلر وصدام وغيره من الدكتاتوريين لاعتقادهم بأنهم أفضل من غيرهم، أو اكثر فهما منهم. كما فشل الحوار، في الغالب دائما، بين المتشددين عقائديا، دينيا وبين المخالفين لهم، لاعتقاد طرف أنه يمثل «الحق»، أو أن إله السماء يقف بجانبه!
نكتب هذه المقدمة تعليقا على مطالبات كثيرين للحكومة المصرية، أو الحكومات العربية الأخرى التي ستنضم اليها، التخلي عن إعلان جماعة الإخوان المسلمين تنظيما إرهابيا، والبدء بـ«حوار» معها، بغية «هدايتها»، ونزع فتيل الفتنة! وعلى الرغم مما تتضمنه الدعوة من حكمة إلا أن من المستحيل أن يقبل الإخوان بأي حوار قد ينتهي بفنائهم. فكيف يمكن أن يتخلوا عن «إيمانهم» بأنهم حاملو مشعل الحق، وممثلو الإيمان الصحيح، وأن كل من يعاديهم هو معاد للإسلام، ويحق بالتالي الاقتصاص منه بحد السيف. فهل يمكن أن يتخلى الإخوان يوما عن مثل هذه الاعتقادات، أم سيستمرون في طريقهم، لأن القتال كتب عليهم؟
في هذا الصدد يقول الزميل خليل حيدر إن تصريحات «الإخوان» وتصادمهم مع قوى الامن ومع عامة الناس في الشوارع والمحال والاحياء، عمقت الحفرة التي وجدوا أنفسهم فيها بعد 30 يونيو، وغاصوا أكثر في ازمتهم. وبدا من المستغرب أن يكون تحت امرة الإخوان هذا الجيش من القانونيين والدعاة والقادة ثم يمضون في هذه السياسة التي فقدت جدواها تماما وخبا بريق شعاراتها، بعد أن تغيرت الحسابات والموازنات السياسية والشعبية. لقد اساءت الجماعة التي كانت تخطط لحكم مصر 500 سنة، لنفسها، خلال الفترة التي امسك بها د. محمد مرسي بزمام حكم مصر، وغلب على ادائها الارتجال والتسرع وضيق الافق والانانية وحرق المراحل. ويضيف الباحث في شؤون الإخوان، الزميل ثروت الخرباوي، القيادي السابق فيها: إن الذي وضع الإخوان في لائحة الإرهاب، وصنفها ووصمها هو مؤسسها (حسن البنا)، وأكد على هذا القرار سيد قطب، وجعله قابلا للتنفيذ «بديع ومرسي والشاطر وفرقتهم». واضاف بأن الإخوان جماعة إرهابية، لأن مؤسسها بدأ خطواته الأولى في انشائها بوضع شعار المصحف والسيفين مع كلمة «وأعدوا»، شعارا، ولم يكن ذلك اعتباطا، أو مصادفة، بل جاء معبرا عن فكر ومشروع الجماعة! فحسن البنا كان يؤمن بأن الإسلام لا ينتشر الا بالسيف، ولا يواجه خصومه إلا بالسيف!
والآن هل من مجال للحوار مع مثل هؤلاء؟
أحمد الصراف