عادل عبدالله المطيري

ضرورة الإصلاح وخطورة التغير

لا يوجد بين مصطلحات السياسية مصطلح أكثر جدلية ومحلا للخلاف والاختلاف كمصطلح الإصلاح، ربما يعود السبب لكونه من المفاهيم المرتبطة بقيم الإنسان ومعتقداته وأيضا إلى مستوى تحضر المجتمع وتطوره.

فدلالات «المفاهيم السياسية» تختلف من إنسان إلى آخر بحسب توجهه السياسي وأفكاره ومعتقداته، فالليبرالي ربما يرى الإصلاح بكل جهد يكسر القيود ويقربنا إلى الحرية المطلقة، بينما يراه الاشتراكي بكل سياسية تهدف إلى إعادة توزيع الموارد بعدالة في المجتمع.

من الواضح أن الاختلاف يرجع إلى إيمان كل تيار فكري بأيديولوجيته والتي يعتقد بأنها هي الصواب الذي يجب أن يسعى الجميع لتحقيقه، وبأن أي طريق يوصلنا إليها يسمى «إصلاح» والعكس صحيح.

وكما أن هناك اكثر من معنى «قيمي» للإصلاح نفسه، فهناك أيضا عدة وسائل للوصول إليه، ولكن يجب أن نعلم بأن «إصلاح الشيء لا يعني بالضرورة تغييره»، فالإصلاح يختلف من حيث الوسائل عن التغير وان تشابت بالأهداف.

فالتغير يستهدف تحطيم الهياكل والبناء وإيجاد غيرها – بينما الإصلاح يستهدف تغير السلوك مع المحافظة على الهياكل والبناء.

ومما سبق ربما يتفق التغير والإصلاح في الأهداف ولكنهما يختلفان جذريا في الوسائل.

تاريخيا – فشل العرب وعلى اختلاف مشاربهم في تحقيق الإصلاح أو ما يعتقدون بأنه «إصلاح»، فعندما أرادوا الإصلاح في منتصف القرن الماضي قاموا بثوراتهم وسلكوا فيها طريق التغير، حيث حطموا الهياكل القديمة ولكنهم لم يبنوا مكانها هياكل إصلاحية جديدة كما بشروا عنها، بل اسقطوا الممالك وأنشأوا بدلا عنها الجمهوريات الديكتاتورية وها هم يعودون الآن وبعصر ثورات الربيع العربي إلى مثل هذا الخطأ التاريخي، حيث قاموا بتحطيم جمهورياتهم الديكتاتورية ليذهبوا إلى خيارين لا ثالث لهما – إما إلى الفوضى والاقتتال الداخلي أو إلى عودة الدكتاتورية ولكن بحله جديدة.

كنت أتمنى لو أن العرب سلكوا هذه المرة طريق الإصلاح وأعني «تغير سلوك النظام السياسي وتطويره» بدلا من تحطيمه، لربما استطاعوا تحقيق أهدافهم التغييرية ولكن بطريقة آمنة ولو كانت بطيئة – أفضل من أن يقفزوا إلى المجهول أو إلى الخطأ مرة أخرى.

ختاما – مازالت بعض الشعوب العربية تؤمن بضرورة الإصلاح السياسي ولكنها تعي جيدا خطورة التغير الجدري – لذلك هي تحاول جاهدة تحديث أنظمتها السياسية بشتى الطرق الممكنة بخلاف طريق التغير، والذي أثبت عربيا انه اقصر الطرق نحو الهاوية.

 

 

 

 

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

عادل عبدالله المطيري

twitter: @almutairiadel
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *