محمد الوشيحي

عجّل علينا

كان الله في عون بعض المسؤولين الكويتيين بعد انهمار سيل «ويكيليكس»، من أين خرج هذا الويكيليكس الله يلعن نصه والنص الثاني بعد أسبوع، على رأي ذلك اليمني الغاضب؟
وأجزم أن ما نشر من وثائق إلى الآن لا يعادل ربع جناح بعوضة مما سينشر لاحقاً، وما سينشر لاحقاً لا يعادل ربع جناح بعوضة من كمية الفساد المعروضة في السوق.
على أن أكثر ملف يهمني ويدفعني إلى تفتيش الأوراق ورفع السجاد وسحب الكنب بحثاً عنه هو «ملف الإعلام»، وآه يا ملف الإعلام، كم من إعلامي يشار إليه بالسبابة وبعد نشر الوثائق سيشار إليه بغيرها، وكم من إعلامي يشعر اليوم بالإسهال الشديد، وكم من منظّر سيضيع في الكازوزة، وكم من صحافي سيكنسه التاريخ بمكنسته إلى حيث «الدرامات الصفر»، وكم من صحيفة ترتدي قبعة «غيفارا» فإذا بويكيليكس يُسقط القبعة لنكتشف أنها من «شبيحة الفساد»، وكم من قناة تلفزيونية تدعي الشرف وبينها وبينه «بيدٌ دونها بيدُ» على رأي المتنبي.
وكنت قد كتبت قبل أكثر من سنتين عن الإعلاميين الذين يحظون برعاية بعض مؤسسات الدولة، ومنها مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية، إما من أجل مدحها أو على الأقل «كفّ الأذى عنها»، وكنت قد تلقيت اتصالاً (لم أقل من الخطوط الكويتية) من تلك الاتصالات التي تبدأ بجملة «شدعوه بو سلمان ما تمر علينا تشرب فنجان قهوة»، وما أكثر هذه الاتصالات، لكنني من عشاق الكابتشينو مع الأسف الأسيف.
وياااه كم من فنجان قهوة شربه الإعلاميون بالهناء والشفاء، وغالبية الإعلاميين من عشاق القهوة! والقهوة، تلك الفاتنة الشقراء، تستحق العشق، واسمعوا السعودي شاعر الحرب خلف بن هذال وهو يبدأ ملحمته منشداً: «سووا لي الكيف وارهوا لي من الدلة .. البن الأشقر يداوي الراس فنجاله / كيفٍ لنا نحرقه بالنار ونزلّه .. واليا انقطع لو ورى صنعا عنينا له»، فلا تلوموا عشاق الفاتنة يا أولي الألباب.
ودائماً وأبداً يكون مصدر القهوة المؤسسات الحكومية، إما لأن أسعارها «مدعومة» أو لأن غالبية قيادييها تم تعيينهم استناداً إلى مبدأ «هات وخذ» السائد هذه السنوات في الكويت، فتكون النتيجة مسؤولاً يشع هبلاً وغباءً، والهبل قسمة ونصيب.
وعجّل علينا يا ويكيليكس الله يلعن نصك…
قرأت أسماء المحامين المتطوعين للدفاع عن الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، فلم أجد من بينهم من تبنى قضية تعنى بالحريات في الكويت، ولا رأيت لهم أثراً على أرض الديمقراطية الكويتية ومكتسبات الشعب، ثم استمعت لتصريح رئيسهم فمددت رجليّ ودعوت بالرحمة على أبي حنيفة.
ولو كنت أنا مكان ذوي شهداء الثورة المصرية لحرصت على أن يتولى هؤلاء الدفاع عن مبارك، ويميناً بالله ليحذفنهم (مبارك) بكل ما تقع يده عليه وهو يصرخ في ابنيه: «حوشوا عني الدلوخ دول».

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *