سامي النصف

الجذور التاريخية والسياسية لـ «القبيضة»!

لو دعاك شخص وطلب منك حماية منزله الكبير من الحريق وحضرت ووجدت سلكا كهربائيا مفسوخا ينذر بالخطر، فأمامك حلان الأول ان تغطي السلك بالشريط اللاصق وتكتفي بذلك وهو ما يسمى بـ «الحل الفردي» للمعضلة، ومشكلته ان ذلك الخطر قد يتكرر بعد مدة في سلك آخر وينتهي الأمر باحتراق المنزل، الحل الآخر هو ان تغطي السلك وتطلب من صاحب البيت ان يتعاقد مع مؤسسة سلامة تزور منزله كل شهر وتتكفل بتغطية اي سلك آخر بإمكانه ان يحرق البيت وهذا ما يسمى بـ «الحل المؤسسي» الكفيل بإنهاء الإشكال الى الأبد.

*****

بالمثل يمكن ان نتعامل مع مشكلة الايداعات النقدية الحالية بالاكتفاء بالحل «الفردي» لها عبر الاكتفاء بتحويل الجناة الى النيابة وترك الباب مفتوحا لـ «قبيضة المستقبل» ـ بل والحاضر حيث ان هناك قبيضة كبارا ضمن من يعلي الصوت هذه الأيام في الساحات وأمام الميكروفونات ضد القبيضة ـ او ان نقوم بالبحث في جذور الاشكال توازيا مع «الإحالة للنيابة» للوصول الى حلول «مؤسسية» تقضي على هذه الظاهرة الى الأبد.

*****

وأول الحلول الجادة والحادة من الفساد التشريعي والمجربة في «جميع» برلمانات العالم الأخرى، يكمن في تعديل بعض التشريعات لخلق «لجنة قيم» تحاسب وتردع وتزجر وتفصل المتجاوزين من النواب، لذا فمن يعلي الصوت ضد القبيضة الحاليين ويرفض في الوقت ذاته إنشاء مثل تلك اللجنة هو في الواقع قبيض كبير بالسن مهما ادعى من ثورية وطهارة وطنية ويكفي ان يتتبع احد السيرة المالية لبعض الثائرين ليكتشف هذه الحقيقة الجلية، فحال هؤلاء كحال معمر وصدام وغيرهما ممن ادعوا الطهارة ونظافة الذمة ليكتشف المغرر بهم بعد سقوطهم أنهم أكبر الذمم الآكلة للسحت.

*****

ثاني الحلول المؤسسية لظاهرة «القبيضة» ـ التي ابتدأت للعلم مع بدء الحياة البرلمانية الكويتية قبل 50 عاما ـ هو عبر الموضوعية في الطرح والبحث عن مصلحة الكويت بدلا من الموالاة او المعارضة المغرضة طوال الوقت وخلق الاستجوابات الكيدية التي تضطر الحكومات المتعاقبة ومنذ نصف قرن للبحث بأي ثمن عن الداعمين لمشاريعها ومنع اسقاطها في البرلمان في ظل وجود من يتعهد أمام ناخبيه إبان فترة الحملات الانتخابية بالمعارضة لأجل المعارضة والوقوف ضد حكومات لم تشكل بعد، وهل بعد هذا الفعل المدمر فعل؟!

*****

إن على الشعب الكويتي وشبابه ان يعي ان فشل اي حكومة في الماضي او الحاضر او المستقبل ليس فشلا خاصا برئيسها بل فشل للكويت جمعاء، حالنا حال الدول الأخرى، ففشل وإخفاق الحكومة القطرية او السعودية او المصرية.. الخ هو اخفاق بالقطع لقطر والسعودية ومصر، وتلك بديهية أخرى يخفيها بعض ساستنا لخلق الأزمات والاستجوابات التي هي الرافد الرئيسي للفساد التشريعي الذي لا تحله الخطب المدغدغة والكلمات النارية بل تزيده اشتعالا، وكم من ذمم خربة تختبئ تحت دشاديش بعض نوابنا ممن لم نسمع قط بتقديمهم «استقالاتهم» من كراسيهم الخضراء صانعة الأموال، ممن جاوز مكوث بعضهم عليها بقاء الديكتاتوريات العربية أمثال صدام ومعمر! وكيف يصدق احد مطالبتكم الآخرين بالتخلي عن الكراسي الخضراء وأنتم متمسكون بها حتى القبر؟! وأين التضحية لأجل المبادئ؟!

*****

آخر محطة: أثبت عزوف شبابنا الواعي عن حضور تجمعات المتثبتين بالكراسي الخضراء ان الكويت بخير، اما القلة التي حضرت فالبعض منها طيب القلب وحسن النية والبعض الآخر أترك لكم الحكم عليه بعد متابعة هذين المثالين اللذين شاهدتهما على احدى الفضائيات الكويتية:

1 ـ شاب يقول للواء محمود الدوسري واللواء بكامل لبسه الرسمي ورتبته العسكرية «أنا مواطن وانت مواطن فليش أطيع أوامرك؟».

2 ـ شاب آخر يلبس عقالا فوق القحفية (!) يقول للمذيع «وين رجال الأمن عن اللي داسوا علم الكويت؟»، معروف ان الذين قاموا بذلك الأمر هم من العراقيين القاطنين في بغداد التي لا يعلم على الأرجح انها ليست تابعة للكويت!

أخيرا: مظاهرات في بغداد لتجمعات بعثية نصرة للتجمعات الكويتية اي عودة لـ «ربيع 90» الذي انتهى بالغزو وهل يريد هؤلاء البعثيون الا الضرر بالكويت؟ فهل نتعظ؟!

مبارك الدويلة

فيصل.. ورصاصة الرحمة

بعد انضمام التحالف الوطني والمنبر الديموقراطي للحراك الشعبي، وبعد قبولهم بأن يجلس رموزهم بجانب رموز الحركة الدستورية والسلف، وبعد تراجعهم عن قرارهم الرافض للنزول للشارع ومشاركة القوى السياسية والشبابية الحراك الشعبي الرافض للأوضاع وما آلت اليه، أقول بعد هذه الخطوة ــ ولو جاءت متأخرة ــ أصبح التغيير أمراً مستحقاً، واجراء لا مفر منه!
في الفترة الماضية كان الناس منقسمين الى قسمين: مؤيد لتغيير الحكومة، ومن يرى اعطاء فرصة لها عل وعسى ان يساهم ذلك في الاستقرار، اليوم تأكد للجميع ان معظم مشاكلنا بسبب اداء الحكومة وقراراتها، ولم يعد الأمر يحتمل السكوت، وحان الوقت للنظام ان يدرك هذه الحقيقة، ان التغيير آت لا مفر منه، وأصبح حل الحكومة هو المخرج من عنق الزجاجة، أما حل البرلمان فأنا شخصياً أرفض ذلك، فقد جاء هذا المجلس ــ مهما اختلفنا مع ادائه ــ بارادة شعبية وانتخابات حرة، فليكمل مدته، ولو طالبنا بحل كل برلمان لا يعجبنا، لأصبحت ديموقراطيتنا ضحكاً على الذقون.
السؤال الذي يطرح نفسه: هل الحل والمخرج من الأزمة بحل الحكومة مع وجود مجلس فاسد؟ أقول: نعم فالحكومة مارست دور السمكة التي أفسدت بقية الأسماك، ولعل وجود حكومة جيدة وصالحة ينصلح معها حال مجلس الأمة بعد ان ادرك النواب ان الرقابة الشعبية أقوى من الاغلبية النيابية.
المهم ان الشعب ينتظر هذا المساء وما يأتي معه، فالليلة نتوقع حشداً غير مسبوق وطرحاً مميزاً نتمنى ان يكون بعيداً عن التجريح، حتى لا نقول ان عقلاء المجلس وصالحيه اردى من نواب الملايين! الليلة يجب ان تكون مميزة، ونرسل رسالة واحدة للنظام: الشعب بكل أطيافه يريد حكومة جديدة ونهجاً جديداً! وأتمنى من القيادة السياسية المعروفة بالحكمة والحرص على مصلحة البلد ان تأخذ هذا المطلب على محمل الجد، ولتعلم – وهي بلا شك تعلم – ان تلبية مطالب الشعب عزة ورفعة لها، وان نجاح المعارضة هو نجاح للنظام وليس هزيمة له، بل ان تحقيق مطالب المعارضة السياسية سيعزز مكانة النظام في النفوس وسيجعل الربيع الكويتي ربيعاً مختلفاً عن الربيع العربي، فالأخير ربيع للشعوب، بينما هنا سيكون ربيعاً للشعوب والنظام على حد سواء.
***
ملاحظة أخيرة:
تصريح فيصل الدويسان بتأييد النزول للشارع مؤشر على ان «رجال حول الرئيس» لم يعودوا حوله، بل تركوه بعد ان تبين لهم ان الاستمرار في دعمه له كلفة باهظة، لذلك اعتقد ان نزول فيصل وجماعته الى الشارع سيكون بمنزلة رصاصة الرحمة لهذه الحكومة.

احمد الصراف

عندما لا يستحي البعض ولا يخاف

يقول المثل المصري «ناس تخاف ما تختشيش»! ولكن في الكويت كثيرون لا يخافون ولا يستحون. فقد قامت لجنة «ازالة التعديات على أملاك الدولة» قبل أيام، بارسال مئات الانذارات للمتجاوزين على أملاك الدولة، فور اكتشاف فرقها وجود حوالي 9000 تعدٍّ جديد، نصفها تقريبا سبق للجنة أن أزالته، لكن المتجاوزين أعادوا الكرة مجددا خلال العطلة الصيفية! وذكر مصدر أن الازالات ستتم بمساندة قوى الأمن! وهنا الغرابة، فهؤلاء لم يستحوا من اقتراف المخالفة، بل أعادوا ارتكابها، وهم على استعداد حتى لتكرارها مرة ثالثة، وفوق ذلك مقاومة رجال الأمن والدخول معهم في عراك، ان منعوهم من ذلك. وعدم الحياء هذا لم يأت من فراغ، فهؤلاء، مع وجود دافع شبه فطري لديهم للمخالفة، لانسجامه مع نفسياتهم، يرون ويسمعون يوميا عن ذلك الحجم الكبير من السرقات والمخالفات في كل الأجهزة تقريبا، مع انتشار الفساد في كل مرفق، وهم بالتالي لا يفعلون شيئا غير السير مع التيار، فهل يلامون؟ طبعا يلامون، ولو أن جزءا كبيرا من الحق يقع على رخاوة الوضع في البلد ككل!!

***
سبق أن أثارنا الوزير الشمالي قليلا في حادثة سابقة، ولكن تصريحه الأخير أثار شفقتي، وأضحكني أيضا، فقد صرح، وهو في زيارة رسمية لسويسرا، أن الفرصة اتيحت له للتعرف على امكانات الاقتصاد السويسري وكيفية الاستفادة من الوضع المالي لسويسرا والتقنيات الموجودة هناك وكيفية نقلها الى الكويت He must be joking. وزاد على ذلك بالقول: ان التعرف على تجربة سويسرا في ترشيد الانفاق واعادة هيكلة بعض الجوانب في سياساتها المالية شيء مهم في اطار تعرفنا على تجارب وخبرات مختلف دول العالم، لا سيما في كيفية تعاطيها مع سياساتها المالية، خاصة بعد الازمة المالية العالمية، ومعرفة ما يناسبنا!!
والآن، هل يصدق أحد مثل هذا الكلام من أهم وزير في حكومة الكويت؟ وهل حقا، وهو المعتق في وزارة المالية، موظفا ومديرا ووكيلا، لم يكن يعلم بامكانات الاقتصاد السويسري، صاحب أقوى عملة في العالم؟ وهل يصدق عاقل أن الكويت ستستفيد، على يده أو يد ورجل حكومته، من الوضع المالي لسويسرا ومن امكاناتها التقنية، وفوق هذا نقل تلك التقنيات للكويت؟ يا رجل ارحم عقولنا، أو ما تبقى من فهم وعقل لدينا!!

***
ملاحظة: أخبرني مسؤول سابق أثق بكلامه أن وزير النفط محمد البصيري مصرّّ على أن زيادة رواتب العاملين في النفط لن تكلف الحكومة شيئا، وهذا صحيح في عرفه، لأنه ينوي السحب من احتياطي الأجيال القادمة لتغطية فرق هذه الزيادات، فكيف يجوز ذلك؟ ويا نواب أين أنتم؟

أحمد الصراف