علي محمود خاجه

لا تشاركوهم

أقدم الرأي “كاش” ودونما مقدمات، أنا أعتقد أن الهدف مهما كان ساميا والحاجة ملحة لتصويب خطأ أو خلل ما في الكويت على الصعيد السياسي أو على أي صعيد آخر فإنه من غير المقبول أو المعقول أن أشارك أو أتعاون مع من لا يعترف بقانون الكويت، ولا دستورها في سبيل تقويم الخطأ، وإن علمت أن هذا التعاون قد يحقق المغزى المؤقت.
موضوع جرعة الرشوة الزائدة على حد تقبلنا مثلا، والمتمثلة بتضخم حسابات بعض النواب، هو موضوع خطير يهدد أساس الكيان الكويتي الذي يمنح السيادة للأمة من خلال التحكم غير المشروع بقرار الأمة، لا خلاف على ذلك أبدا، وأن تتحرك القوى الوطنية لرفض هذه الفعلة الآثمة أيضا أمر طبيعي وواجب وليس بمنّة على الإطلاق.
لكن أن تعمل جميع التيارات السياسية تحت مظلة واحدة لردع هذا التصرف، فهذا ما لا أفهمه ولا أستسيغه ولا أقبله بتاتا، خصوصا من التيارات المدنية المؤمنة بالدستور فعلا، فالغاية يجب ألا تبرر الوسيلة وليس من المقبول أن نشارك صاحب “الوسيلة” أيضا.
نحن نعلم جيدا أن معظم التيارات السياسية الموجودة حاليا غير مؤمنة بدستور الكويت أصلا، وفي أحسن الأحوال تكون مؤمنة ببعض مواده فقط التي تناسب ميولها وحاجاتها.
نستعرض مثلا “حدس” التي لا تؤمن لا بالحريات ولا بالمساواة ولا حرية الاعتقاد، وهي أمور يعلنونها صراحة ولا يخجلون منها، فـ”السلف” يريدون دولة حاربها الأجداد قبل مئة عام يتحكمون فيها بمصير الناس وتصرفاتهم وسلوكياتهم، ولديهم أن الديمقراطية غير شرعية أصلا ولكنهم يشاركون بها من أجل إلغائها.
“حشد” أو التكتل الشعبي أكثر من قال كلمة “دستور” في السنوات الخمس أو حتى العشر الأخيرة، وفي الوقت نفسه يدعمون أي إضراب يهدد الاقتصاد الوطني، ويشاركون في جرائم الانتخابات ويوافقون على أي هدر للأموال العامة، ويعرقلون أي قانون تنموي بحجة “الحيتان”، ناهيك عن بعض المستقلين ممن تحكمهم علاقاتهم بهذا الوزير أو الرئيس وغيرها من أمور يعلمها القاصي والداني.
التيار المدني هو التيار الوحيد في الكويت المؤمن بالدستور، وعلى الرغم من هفواته وعثراته فإنه يتميز عن جميع السابق ذكرهم بأنه لا يستطيع إلا التحرك في سبيل الدستور وتعزيز سبل تطبيقه، وإن كانت هذه السبل تؤدي إلى تراجعه في حسبة الأرقام.
أنا مؤمن بأن أي عمل مشترك مع من لا يؤمن بالدستور، ويعلن ذلك صراحة من خلال القول أو الفعل، فإن ضرره على الكويت أكبر من نفعه بمراحل، فهم لا يريدون سوى تغيير الكويت التي عهدناها وارتضيناها منذ القدم، وترحيبنا بمشاركتهم هو مساندتهم في معول هدم الكويت الذي بين أيديهم. ليرفضوا ما يشاؤون وليعملوا ما يشاؤون، وإن كان صالحا في بعض الأحيان، ولكن دعونا لا نشاركهم أعمالهم، فقد خسرنا الكثير من مصداقيتنا بسبب مثل هذه الأفعال التي لم تقدم للكويت سوى بعض المنافع الوقتية والأضرار الجسيمة الدائمة.

سامي النصف

الليبرالية هي الحل.. الوحيد!

 يوجد في الموروث الديني قصة رائعة تمتلئ بالحكمة والموعظة عن اختلاف امرأتين على أمومة طفل لدى سليمان الحكيم الذي أصدر حكمه بأن يتم اقتسامه بينهما كي يعرف أيهما الأم الحقيقية التي سترفض بالقطع ان يتم تقطيع جسد ابنها مفضلة ان تتنازل عنه للمرأة الأخرى.

بلدان الثورات العربية هي دول إسلامية تملك الأغلبية الشعبية فيها حركات إسلامية سنية تبخرت أقوالها السابقة حول الاقتداء بالمثل الإسلامي التركي العلماني المنفتح الذي كانت تروج له قبل نجاح الثورات في تونس ومصر وليبيا (سورية واليمن لاحقا) وظهرت الحقيقة جلية بعد خلاف الحركات الإسلامية المعلن مع الزعيم التركي رجب أردوغان الذي طالب الثورات العربية بتبني علمانية الدولة كوسيلة للرقي وللحفاظ على وحدة الأوطان.

كما رفضت تلك الحركات مشروع «المبادئ فوق الدستورية» التي هي الضمان الوحيد للأقليات الدينية والطائفية والعرقية والسياسية، والتي تنص على وجوب توافر الحريات بأشكالها المختلفة للمجتمعات ايا كانت نتائج الانتخابات والاستفتاءات، مصرة على ان تكون صناديق الاقتراع هي الحكم والفيصل، متناسية ان النازية والفاشية والشيوعية قد وصلت إلى الحكم عن طريق تلك الصناديق، وقد جاهرت بعض القيادات الإسلامية بتبنيها الخطر المتشدد حتى قبل وصولها إلى الحكم.

لقد تسبب الحكم الإسلامي في السودان في انفصال جنوبه الذي تبلغ مساحته 50 ضعف الدولة الفلسطينية المقترحة هذه الأيام (300 ألف كم2 مقابل 6 آلاف كم2 للضفة والقطاع) وقد باتت دول الثورات العربية مهددة بانفصال الأقليات الدينية والطائفية فيها حال وصول الإسلاميين السنة إلى الحكم عن طريق صناديق الاقتراع (الحال كذلك في العراق مع استمرار الحكم الإسلامي الشيعي ورغبة الشمال العلماني والغرب السني في الانفصال) ولن يقبل العالم المتمدن قيام الحكومات الإسلامية القادمة بإرسال الجيوش لقمع الأقليات وفرض بقائها ضمن الدولة القائمة وسيتدخل بقواه العسكرية والاقتصادية لمنع تلك التحركات.

ومعروف ان كثيرا من الحركات والتوجهات الإسلامية من سنية وشيعة لا تمانع حقا من انشطار دولها وخروج الأقليات منها مقابل انشاء إمارات إسلامية خالصة فيما يتبقى منها (السودان كمثال حي) لذا فإن الحل الوحيد لبقاء دولنا موحدة هو ان يتمثل الإسلاميون بحكمة سليمان الحكيم وان يضحوا بالحكم وتسليمه للتوجهات الليبرالية والعلمانية لأجل منع تمزيق وتقسيم الأوطان وهو للعلم الحال القائم في دول الغرب وتحديدا الولايات المتحدة التي تدعم حركاتها الدينية علمانية الدول كوسيلة لمنع تفتتها.

آخر محطة:

 (1) هناك من يرى ان حلم إعادة تقسيم الوطن العربي يمر عبر تشجيع وصول الحركات الإسلامية للحكم، وهذا تفسير قيام بعض القوى الدولية بتشجيع الثورات الشعبية بالمال والإعلام وحتى السلاح، وسيترحم كثيرون حال وقوع الفوضى والمجاعات والحروب الأهلية والانقسام والتجزئة، على حكم الطغاة وسيقولون كان هناك على الأقل أمن وصون للدماء وخبز وصحة وتعليم وفرص عمل..إلخ، والصوملة قادمة سريعا لا محالة مع وصول الحركات المؤدلجة إلى الحكم ما لم تتبع تلك الحركات حكمة الأنبياء والأخذ بمقولات.. الحكيم أردوغان!

(2) للعلم المقال إقرار للحقيقة المرة ولا يقصد منه الهجوم على الحركات الإسلامية، والله من وراء القصد!

احمد الصراف

من سرق ربيع الكويت؟

تقول «فيروز» في واحدة من أكثر أغانيها رقة «بكرا بيجي نيسان يسألنا… وبيرش وردو عا منازلنا… منخبرو شو صار منسمعو الأشعار… يللي كنت فيها تغازلنا… بكرا بيجي نيسان يغوينا… ويموج زهورو بروابينا… منحكيلو عاللي كان… منسمعو الألحان يللي كنت فيها تناجينا…. ناطرين تلوح يا حلو وتبوح… وتسمع شكاويك للوردات…. ناطرين نضيع عالدرب… وتشيع عن هوانا بهالدنيي حكايات… بكرا بيجي نيسان يسعدنا… وعاتلال أحلامو يبعدنا… منتيه شردانين… عا دروب مخضرين… وأرض الهوى والحب موعدنا!».
فمتى يعود ربيعنا يا وطني؟ متى يطل علينا نيساننا الذي خطف في ليلة ظالمة وظلماء؟ متى يعود الربيع لنخبره بما فعل الصيف بنا، ولنسمعه اشعار بورسلي وفهد العسكر وصوت الفضالة وشدو أماني الحجي؟ متى يعود لنروي له كيف اغتصب دعاة الجهل أحلامنا، وكيف سيطرت قوى الغباء على إبداعات ابنائنا، وكيف غطت جحافل التعصب وجوه أخواتنا وعيونهن، وكيف جففت الشفاه الشرهة ينابيع بساتيننا؟ وكيف توقف الحب عن ارتياد حينا، بعد ان غطت الوجوه العابسة حاراته وسكيكه الضيقة؟ يا ترى لماذا تأخرت يا نيسان كثيرا؟ فقد مرت سنوات لم نسمع فيها زقزقة عصافيرك، وحرمنا الغلاة من منظر زهورك ورياحينك، بعد أن داسوها بنعالهم التي خربت كل جميل ومفرح. متى تأتي يا نيسان لنخبرك بما فعل الأفاقون بنا وبوطننا وبذمم الكثيرين من قياديينا ومشرعينا؟ متى تأتي لتعيد الفرحة لنا فقد انقبضت قلوبنا بعد أن جفف هؤلاء عروقه من دفء دمائه، فما أكثر برودة شتائنا وما أثقل خريفنا! ارجع لنا يا ربيعنا، فالعمر يجري بنا ويكاد أن ينتهي، ونحن لا نزال ننتظر عودتك مقبلا علينا فقد اشتقنا الى نسيمك، ولأن نمرر بأيدينا على رؤوس نويرك الأصفر في صحرائنا الجميلة، ونذرف الدمع على من ظلمه القدر فغادرنا قبل أن يراك أخيرا، فمتى يتلاشى الغبار ويأخذ معه الهواء الحار، وتبدو لنا من الأفق البعيد يا نيسان؟ فقد كثر الباكون في الصفوف الاولى من صلوات «العياد»، متناسين من سرق أموالنا وأحلامنا وانتزع الفرح من أفئدة أبنائنا! فمتى يعود ربيع الكويت ليبقى، فقد تعبنا من طول الصيف ولهيبه الحارق والسارق، وقسوة الشتاء ورخاوة الخريف، فهل تعلم يا سيدي من سرق ربيع الكويت؟ وهل ستتوقف السرقة ويتوقف النهب والفساد، وتعيد البسمة لشفاه تيبست وهي تنتظر قطرة الندى التي لا تأتي إلا مع الربيع الجميل؟ هل ستعيده لنا يوما يا سيدي؟

أحمد الصراف