سامي النصف

زمن الهوان العربي

يسعد البعض بما يحدث في الوطن العربي من ثورات شعبية تستهدف الطغاة ويرون في ذلك امرا حسنا سيتلوه بدء مرحلة العنفوان العربي وانطلاق النهضة العربية الشاملة التي ستلحق العرب بركب الامم المتقدمة في مشارق الارض ومغاربها.

***

ونسعد معهم بسقوط الطغاة ولا نشاركهم على الاطلاق التفاؤل، بل نعتقد جازمين بأننا مقبلون على زمن الهوان والسبي والدمار العربي الشامل الذي باتت ملامحه واضحة جلية فيما نراه من فوضى سياسية وخراب اقتصادي واجتماعي وانعدام للأمن في مرحلة ما بعد الثورات «الإسلامية» الحالية وهو تكرار لما رأيناه من دمار سابق بعد حقبة الثورات «القومية واليسارية» الحالمة بالأمس التي تحولت الى كوابيس مرعبة مازلنا نعيش تداعياتها حتى اليوم.

***

لقد تسبب حكم الثوريات العسكرية العربية في خلق صورة نمطية مؤسفة عن العرب يؤمن بها الاصدقاء والحلفاء قبل الأعداء وهي اننا امة متوحشة من الغوغاء لا تنفع في سلم او حرب، او في تنمية اوطانها، وان اسلام شعوبنا بعكس اسلام الآخرين من اندونيسيين وافارقة وبنغاليين وغيرهم، لا ينتج عنه ود وحب وتسامح بل تطرف وارهاب تسفك من خلاله دماء الابرياء من الشعوب الأخرى ويستكمل تنظيم القاعدة العربي هذه الأيام ترسيخ تلك المفاهيم السيئة.

***

إن مرحلة الهوان والسبي العربي قد بدأت تحت شعارات براقة جميلة ـ كالعادة ـ فالعرب وعبر تاريخهم المديد يقيسون ويقيّمون الاحداث بعواطفهم لا عقولهم، لذا يسهل تكرار خداعهم والتغرير بهم ولا نبالغ إذا ما قلنا ان مرحلة خداعنا السابقة وإعادة رسم خرائطنا وتوزيعنا سرا كغنائم حرب بين الامبراطوريتين البريطانية والفرنسية على يد سايكس وبيكو بداية القرن الماضي، تتكرر بداية القرن الحالي عبر توزيع دولنا واراضينا بين الامبراطوريتين الصفوية والعثمانية الجديدتين، حيث سيكون العراق وغرب الخليج من نصيب الأولى وسورية ومصر وليبيا من نصيب الثانية، فالإسلامية العربية السائدة شعوبنا هذه الأيام من سنية وشيعية لا ترى غضاضة في ذلك الأمر ولا عزاء في النهاية للضعفاء أو.. الأغبياء.

***

آخر محطة: (1) أول الدروس التي على دولنا الخليجية تعلمها مما يحدث حولنا هو ان عهد وزمن تبني الدول والشعوب العربية لقضايا تخص دولا عربية اخرى كقضية فلسطين او اشكالات دول الخليج مع جيرانها، قد انتهى الى الابد، فالانشغال بالداخل هو الشغل الشاغل لها، لذا علينا البدء بخلق حلف عسكري خليجي فاعل يمنع توسع الآخرين على حساب اراضينا ودولنا، ومن يصدق مقولة بعض أحزاب الجيران المؤدلجة بأن عهد العدوان العسكري قد انتهى.. فلا عقل له.

(2) الأمين العام الجديد للجامعة العربية ينطبق عليه مثل الترحم على الحجاج عند ولده ولن يحل السيد العربي مشكلة عربية او خليجية قط، بل سيساهم بفكره المنغلق ونفوذ عديله فاحش الثراء الثوري محمد حسنين هيكل في تعقيدها حتى درجة الغليان ثم الانفجار.

 

احمد الصراف

انظر إلى الإبل

في الطريق إلى العبدلي تطالعك لافتات تبين مدى تحضرنا ورقينا، فقد قامت الدولة، من خلالها برسم خريطة حددت فيها مناطق رعي الماشية وتلك التي يمنع القانون تواجد الماشية فيها. ومن الطبيعي أن تكون مناطق المنع اكثر اخضرارا، ولهذا يتجه الرعاة لها في دولة اللاقانون، تاركين «الحلال»، الذي تحول لعكس ذلك بسبب سوء استخدامه في حلب الدولة، ليسرح فيها! وقد تطور الأمر، مع استمرار السكوت عن مخالفاتهم فأصبح للراعي البنغالي غرفة مكيفة يتنقل معها حيث الكلأ والماء، وهو يعلم أن عددا من نواب المجلس سيقف كالسد الشامخ لحمايته عند الضرورة. ويحدث كل ذلك أمام أعين الدوريات الأمنية وأجهزة رقابة المحميات وبقية الجهات الحكومية من دون ان يحرك احد إصبعا لوقف هذا التعدي الصارخ. وقد يقول قائل: يا أخي أنت تارك سرقات ورشى بالملايين، وقاعد تركز على بضعة رعاة تركوا إبلهم وخرافهم ترعى حشيش الله في أرضه! والحقيقة التي طالما آمن بها كل مصلحي التاريخ، ولست أحدهم، ان مجرم اليوم الكبير هو مجرم الأمس الصغير الذي تساهلت الدولة معه وغضت النظر عن مخالفاته، فهذا الذي ترك ابله تسرح في منطقة محظورة ولم يعاقب سيتجرأ على فعل مخالفة أكبر مستقبلا وهكذا، فنواب رشى ملايي الدنانير اليوم، كانوا هم الذين سكتت الدولة عنهم عندما سرقوا أنصاف الدنانير بالأمس، فهو يبدأ بمخالفات الرعي لينتهي نائبا على الكرسي الأخضر وفي حسابه ملايين الدنانير، مارا مرور غير الكرام بمخالفات الجواخير وبيع العلف المدعوم، وسرقة المعاقين وتزوير عقود الزواج للحصول على المنح وغير ذلك من «توافه الأمور»! وقد قمت شخصيا بسؤال صاحب جمال ترعى في العبدلي عما إذا كان يستفيد ماديا من ابله، فقال ان لا علاقة للأمر بالمال، فهو يقتنيها للتسلية، كما يقتني غيره كلبا أو قطة، وانه لولا الدعم الحكومي لتخلص من إبله! وهنا بدا واضحا، أن حكومتنا هي الوحيدة في العالم التي صرفت وتصرف مئات ملايين الدنانير، في صورة مساعدات ضخمة مخصصة كزرائب مجانية ودعم علف وعمالة، من دون عائد يذكر! وهنا يكمن جمال حضارتنا!.

• • •
• ملاحظة: ورد في النطق السامي الأخير بمناسبة العشر الأواخر: «.. ان الحكمة تقتضي منا ان نراقب ونستوعب ما يدور في عالمنا من متغيرات، ونستشعر مخاطر الأزمة الاقتصادية العالمية وانعكاساتها وآثارها السلبية في اقتصادنا الوطني، وأن نعمل جميعا يدا واحدة لإصلاح الخلل في وضعنا الاقتصادي..»! وبعد هذا النطق بـ 20 يوما فقط أقرت الحكومة حزمة زيادات رواتب ومكافآت سخية لبعض موظفي الدولة. عاشت التنمية، وعاشت الكويت حرة أبية!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

«إيدي على قلبي»

لم يحصل أن «حطيت إيدي على قلبي» خوفا على البلد من الضياع مثل هذه الأيام، وليس لذلك علاقة بتقرير السفيرة الأميركية عن زوال الكويت في عام 2020، بل لتسارع الأحداث في الفترة الأخيرة نحو الانزلاق بشكل سريع الى المجهول!
اليوم فعلا ضاعت الطاسة!
اليوم فعلا ما ندري.. ولا نفهم.. ولا نعي.. ما الذي يحدث؟!
أحيانا أشعر بأنني فهمت لماذا الناس «يتحلطمون» ويتذمرون! لكنني أجهل لماذا نترك الناس يستمرون في تحلطمهم وتذمرهم!
الشيخ موراضي عن الأوضاع.. والوزير يتحسر على اللي يصير.. والموظف مقهور من شعوره بالظلم.. والمواطن العادي (اللي ماله شغل) مسبل ومشتت الذهن.. وما هو عارف شاللي قاعد يصير!
أنا اعتقد ان العلة في الطريقة التي يدار فيها البلد فترك الحبل على الغارب لسمو رئيس مجلس الوزراء جعله يتخذ قراراته بشكل انفرادي من دون رؤية شاملة للأمور بل بشعور أنه مسنود ومدعوم. كذلك قرارات الحكومة تسبب الأزمات في كثير من الأحيان، خذ مثلا كادر المعلمين. عندما أصرت الحكومة على رفضه بحجة كلفته المالية، ثم جاءت بعد ذلك وأيدت كادر القطاع النفطي مع كلفته العالية! السبب الظاهر للناس ان العاملين في القطاع النفطي هددوا بالاضراب، بينما المعلمون لم يهددوا بالاضراب، والنتيجة سيقوم المعلمون باضرابهم وستتعطل المسيرة التربوية وستعاند الحكومة ويطغى عليها كبرياؤها، وستظهر هنا دعوات المحافظة على المال العام، والمحافظة على هيبة الحكم، وكلها دعوات صحيحة، لكن من المتسبب في هذا الوضع المزري؟ انه قرارات الحكومة نفسها!
مثال آخر يبرر لنا الخوف من القادم، بيان {ثوابت الشيعة} ودعوتهم لكل ابناء الطائفة الذين يشعرون بالظلم للكتابة لهم بمظلوميتهم على عنوانهم البريدي! ووصل بنا الأمر الى ان كل واحد يعيش في النظام الاداري الذي يناسبه وليس تحت مظلة حكومة دولة الكويت! من أوصلنا الى هذا الوضع؟! لو راجعنا سياسة سمو رئيس الوزراء مع نواب الدائرة الأولى لعرفنا انها سبب كل هذا التأزيم الطائفي، الذي جعل البعض يشعر بقوته أكثر من الواقع ويطالب بحقوق لها سقف عال، حتى وصل بهم الأمر الى احراجنا مع جيراننا من دون اعتبار للوضع الأمني الذي يعيشه البلد.
أليس لي الحق في ان «احط ايدي على قلبي وانا اشوف هذا الانحدار؟!}.. الساتر الله.