محمد الوشيحي

إلى المنقبات وأخواتهن

 

أكرمني الله بصديق يعيش مع زوجته حياة معكوسة، هو يكره السياسة والقنوات الإخبارية، ويمقت الرياضة وكرة القدم تحديداً، ويعشق الشعر والتسوق، وهي تكره التسوق، وتتابع مباريات كرة القدم بهوَس، المحلية منها قبل العالمية، ولا تفوتها فائتة من مباريات الدوري الأوروبي، وتعرف أسماء اللاعبين الاحتياطيين والأساسيين، وتتابع أخبار تنقلاتهم وصفقاتهم، وتحمل «كرت قناة الجزيرة الرياضية» في حقيبتها أينما حلت وارتحلت. وهي فوق ذا وتحت ذاك تتابع أخبار السياسة.
يقول: «منعتها من حضور المباريات المحلية في المدرجات، ووافقت على حضورها المباريات الأوروبية أثناء تواجدنا هناك، على أنني أقضي وقتي بتصفح المجلات طوال جلوسنا في المباريات».
هاتفني أمس متذمراً: «أم فلان صدّعت رأسي تريد أن تحضر تجمعاتكم، لا وفقكم الله ولا وفقها، ولا وفق الساعة التي تزوجتُ فيها جورج بوش»، هكذا يسميها! قلت: «ما المانع من حضورها؟»، قال، وكأنما يصرخ على المجتمع وعليّ أنا وعلى زوجته: «يا عزيزي أنا لا أمانع، لكننا بدو كما تعرف، وستتبرأ مني قبيلتي لو مرّت الكاميرا علينا أنا وهي في التجمع»، وأضاف: «أنت تعرف أن (ربعنا) سيضيفون بهاراتهم على القصة، فيقسم أحدهم أنها كانت ترتدي البكيني، ويقسم الآخر أنه شاهدها وهي تعانق الرجال، الواحد تلو الآخر، ويقسم الثالث أنها كانت تمسك كأس الويسكي في يدها وتترنح، وكادت تدهسها السيارات لولا تدخل الخيّرين ورجال المرور، ويقسم الرابع والخامس والسادس… ثم ما حكايتكم مع التجمعات؟ ماذا تريدون من الحكومة؟ ألم توفر لكم «المهيدب»* في الأسواق؟ ألا يحمل كل منكم بطاقة السحب الآلي في جيبه؟ فماذا تريدون أكثر، سحقاً لكم (هو قال الله يلعنكم لكنني أضفت على جملته الماء وخففتها)؟
قلت: «أنت تحمل درجة الماجستير وزوجتك تحمل البكالوريوس، وقضيتما جزءاً ليس بالقليل من حياتكما في أميركا، وتقول نحن بدو؟! أنا الذي أقسم الآن أن خالد الحربان يعرف أنواع الإبل أكثر منك، ومحمد كرم يعرف «الحمض» وأنواع العشب ويفرح بالمطر أكثر منك ومن زوجتك، فدع عنك هذا العذر الأجوف وهذه الأوهام التي سيطرت عليك، واحسب حسابك على (اليوم الكبير) يوم 21 سبتمبر الجاري، أي بعد أيام قلائل، حيث من المقرر أن تجتمع القوى السياسية بقواعدها وكبارها وشبانها في ساحة الإرادة. ومن هنا إلى (اليوم الكبير) عليك أن تتوقف عن متابعة قنوات الردح وعن تناول المهيدب، وانهض معنا لنتدارك ما تبقى من الكويت…».
واستمر الحديث، و«تعرمشت» أذنه ولم أطلق سراحها إلا بعد أن سألني: «هل ستكون هناك مساهمات مالية؟ وكيف يمكنني المساهمة؟».
وقبل أن ننهي المكالمة قال في ما يشبه الرجاء: «احرص على تشجيع المنقبات (المنتقبات) على الحضور كي تختفي زوجتي بينهن»، قلت: «سأفعل».
فيا ذوات النقاب ويا ذوات الحجاب وذوات التنورة القصيرة والجلباب وذوات الجينز والكاب، المثقفات منكن تحديداً… الديرة تراهن على حميّتكن وغيرتكن عليها أكثر من كثير من ذوي الأشناب.

* المهيدب: نوع من أنواع الرز، تعتبره الحكومة من المأكولات السيادية، يأكله الشعب فيتسطح ويؤيد الحكومة.

سامي النصف

من المسؤول الحقيقي عن الفساد التشريعي؟!

 لو وضعت مالك في خزينة وأغلقت باب منزلك عليها ثم أتى من تسور وكسر وسرق المال، فالجاني هنا وبالمطلق هو السارق، أما لو وضعت مالك وتركته على طاولة وسط سوق الجمعة ثم تمت سرقته فالجاني هنا انت لا السارق.

تلك البديهية تنطبق على فساد بعض النواب وتجاوزاتهم المالية الحالية، فلو كانت هناك «لجنة قيم» تحاسب وتزجر وتردع وتفصل النائب المتجاوز والمرتشي، ثم تجاوز نائب او مجموعة من النواب لكانوا هم المتعدين، اما في غياب مثل تلك اللجنة الموجودة في جميع برلمانات العالم فالمسؤول بداهة هو من حارب وبشدة انشاء مثل تلك اللجنة الواجبة ومن ثم أعطى النائب صفة «العصمة» فوق «الحصانة» وجعله بمكانة من لا يسأل قط عما يفعله حتى اننا لم نشهد محاسبة نائب واحد طوال نصف قرن من العمل النيابي.

في بداية التسعينيات قرأت كتابا بحثيا عن «لجنة القيم» في الكونغرس الأميركي وبعض الدول الأخرى وأخبرت النائب آنذاك الزميل علي البغلي بالأمر فتبناه على الفور وطرحه على المجلس وفيما بعد طرحه النائب السابق والوزير الحالي عبدالوهاب الهارون على المجلس كذلك، كما كتبت عنه مرارا وتكرارا في مقالاتي، وقد تصدى لذلك المقترح النائب المخضرم الطامع بكرسي الرئاسة وحصد تأييد النواب بأي ثمن وأسقطه بحجج لا يقبلها عقل طفل صغير، وقد فتح ذلك الإسقاط الباب واسعا للفساد التشريعي الذي أزكم الأنوف والذي يعتبر بعض منتقديه أول المسؤولين عنه.

ومن أبواب الفساد والرشوة والاثراء غير المشروع، بناء العمارات والمجمعات واستخدام النفوذ النيابي لتغيير استخداماتها من استثماري الى تجاري وتأجيرها بالملايين على الحكومة التي يفترض بالنائب المعني مراقبتها، وكيف لنائب ان يحاسب وزيرا قام بتأجير العقارات بالملايين منه؟! وهو ما يعتبر بنص القانون «رشوة» وتكسبا غير مشروع من المال العام، ولو وجدت «لجنة القيم» لأسقطت منذ يومها الأول من يقوم بتلك الأعمال الشائنة التي لا تتساقط بالأقدمية ولا يغطيها التقدم المخادع بقوانين «من أين لك هذا؟» او «الذمة المالية» دون عقوبات رادعة لمن يخفي الحقائق فيها.

آخر محطة:

 (1) نطالب بأن يصلب في ساحة الصفاة اي نائب من نواب الايداعات المالية متى ما ثبتت التهم عليه، على ان يصلب قربه او قبله من ينتقده ولا يقول لنا كيف تحول هو من موظف حكومي كبير يعيش على الراتب الى شخص فاحش الثراء يسكن في قصر منيف يقدر ثمنه بالملايين ويملك عشرات العقارات في الكويت وخارجها؟!

(2) للحقيقة وليس لتخفيف الجرم عنهم، نواب الايداعات المالية أفادوا أنفسهم ولم يضروا الكويت، أما بعض منتقديهم فقد باعوا ضمائرهم للشيطان وتسلموا الملايين لخلق الأزمات الطاحنة المتتالية التي تضر باستقرار البلد السياسي والاقتصادي وتضع مستقبله على كف عفريت، والفارق بين الاثنين كبير.

احمد الصراف

أنا وراباي بيت المقدس

أقرت بريطانيا مؤخرا قانونا لمحاربة الرشوة يعاقب الجهات التي تدفع أموالا أو تقدم هدايا لمسؤولي الدول الأجنبية، بغية الحصول على وضعية تنافسية أفضل، وكسب عقود التجارة والمقاولات والاسلحة وغيرها. وفرض القانون عقوبات مشددة تصل إلى عشر سنوات سجناً، وغرامات مالية لا حدود لها على من تتم ادانته، وشمل القانون جميع الجهات في بريطانيا! ولو تمعنا في الجانب المادي لهذا القانون لوجدنا انه بالفعل يقلل من قدرة الشركات البريطانية على منافسة غيرها، وبالذات الدول التي لا تجرم مثل هذه الجرائم، وما أكثرها، فلهذا القانون جانبه الأخلاقي الذي لا يمكن إغفاله، والذي يبرز عظمة المجتمعات الغربية، فقد سبقت بريطانيا في إقرار مثل هذا القانون دول اسكندنافية عدة والولايات المتحدة، فالهدف منه ليس فقط حماية الدول الأخرى، والمتخلفة بالذات، من الفساد الإداري، بل وحماية الدول المعنية بإصدار القانون من خطر تفشي الفساد فيها، وجعل دفع الرشوة، حتى في الخارج، جريمة خطرة. وعلى ضوء ما أصبحت الإدارة الكويتية تشتهر به من فساد مالي وسياسي، فإننا سنلاحظ في السنوات المقبلة تضاؤل حصة الشركات البريطانية، وشركات الدول التي لا تسمح حكوماتها بدفع رشى، من عقود الإنشاء والتوريد المدني والعسكري.
هذا ما نحتاج الى تعلمه من الغرب، وليس التركيز على «التافه» من الأمور وكأن ليس لدى هؤلاء ما يشكرون عليه! ولو كانت الإدارة الحكومية الكويتية جادة ونظيفة حقا لما قبلت بغير التعامل مع شركات الدول التي تتعامل حكوماتها بصرامة ووضوح مع قضايا الرشوة الخارجية! ولكني هنا ابدو وكأني ذلك الـ«راباي» الذي قابلته صحافية في القدس، وسألته عما تحقق من أدعيته وصلواته لأربعين عاما أمام حائط المبكى، فنظر لها باستغراب وقال: ألا ترين يا ابنتي أنني أكلم حائطا من الحجر!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

الحل بالأحزاب

يعتب علي البعض انني لم أكتب رأيا حول الأرصدة المتضخمة عند بعض النواب، والحقيقة انني لست عاجزا عن ذلك، فمن السهل تكرار ما كتب عن هذا الموضوع من انه مصيبة وجريمة لا تغتفر! لكن ما منعني أن كل ما ذكر بهذا الشأن لا يخرج عن «كلام جرايد»! وأخبار تتناولها الصحف، صحيح لا دخان من دون نار، لكن الانتظار قليلا حتى نتأكد من الخبر أفضل من الردح في ذمم الناس والطعن في مصداقيتهم، خصوصا لوجود من كنا وما زلنا نظن بأنهم أفاضل من بين الأسماء التي تناولتها وسائل الإعلام، كذلك لإنكار معظم هؤلاء ما ذكر عنهم، وكما قيل «يا خبر اليوم بفلوس بكره ببلاش» أما ان ثبتت فسأضم صوتي إلى صوت «شبان 16 سبتمبر» بضرورة حل المجلسين «الأمة والوزراء» لأن وجودهما في هذه الحال.. حرام!
وما دمنا تطرقنا الى الحديث عن «شباب 16 سبتمبر» فأنا أؤيد كل تحرك سلمي ما دام يحافظ على النظام ويحترم الرأي الآخر، ويبتعد في خطبه عن التجريح، لكن الدعوة الى حكومة شعبية فهذا مطلب مشروع ولا يحتاج الى تعديل دستوري، لكن أتمنى ألا يكون هذا المطلب هدفا نتوقف عنده، لأنه ليس بالضرورة كل ما هو شعبي يكون أفضل وكاملا ومصونا! فإذا كان منصب نائب شعبي، ووزير شعبي أثبت أنه معرض للافساد والفساد، فلا نستغرب ان يكون منصب رئيس وزراء شعبي أكثر تعرضا للفساد! هذا لا يعني أنني معارض لشعبية منصب رئيس الوزراء، بل العكس لا يمنع من تجربة هذا التغيير، لكن لا نجزم بأن هذا أفضل! صحيح أن غياب البديل الواضح والمناسب من أبناء الأسرة هو ما دعا الى طرح البديل الشعبي، لكن اعتقد ان الحل الناجع بوجود أحزاب سياسية تعمل بوضوح وشفافية، وببرامج حزبية معلنة وإدارة معلنة وتمويل معلن وتحت إشراف جهات رقابية، أما ما عدا ذلك فهو ترقيع وليس اصلاحا سياسيا.
كلمة أخيرة: تصريح النائب وليد طبطبائي عن الربيع العربي في الكويت جاء معبرا عن ضمير العديد من المواطنين الذين يتمنون إصلاح الأمور في هذا البلد، مع المحافظة على النظام الحاكم، لذلك جاءت دعوة أبو مساعد لتعبر عن ضمير كثير من الكويتيين الذين يريدون الإصلاح ويكرهون الفساد، مع المحافظة على أهم عناصر الاستقرار في البلد، وهي أسرة الصباح كحكام وفقا للدستور.

***
بدر مرشد
• بدر مرشد نابي الدويله.. ابن عمي الذي فقدته بالأمس القريب في عز شبابه، لم يمهله المرض، أخذه بإرادة الله بسرعة، بدر كان نموذجا للقلب الصافي النظيف الخالي من الأحقاد، يذكرني دائما بحديث الرسول (ص): «يدخل عليكم الآن رجل من أهل الجنة»، وكان رجل من الصحابة ميزته انه كان ينام وليس في قلبه حقد على أحد. هكذا كان أبو محمد، قلب صاف كصفاء السماء المشمسة. حزن عليه الجميع لانه فعلا «فقيده».
رحمك الله رحمة واسعة واسكنك فسيح جناته. «انا لله وانا اليه راجعون».