علي محمود خاجه

يا دين… يا دستور

قلناها مراراً ونكررها، نواب الإسلام السياسي لا يعترفون لا بالدستور ولا بالدين إن لم يوافق أهواءهم الشخصية، نضرب مثلاً قبل أن تختلط الحبال، في واقعة “ديوان الحربش” في ديسمبر الماضي كان هناك تياران لا ثالث لهما؛ الأول، يقول حرية التجمعات بانياً كلامه وطرحه على أساس دستوري بحت. والثاني، يقول إن طاعة ولي الأمر واجبة وإن لم يرغب ولي الأمر بالتجمع فعلينا ألا نتجمع انطلاقا من مدخل ديني.
المفارقة في ذلك الحين هي أن نواب الإسلام السياسي انتصروا للدستور ورفعوا شعاره متغاضين عمداً عن كل ما يقال أو يثار عن طاعة ولي الأمر، بل تجاهلوا الفتاوى الملزمة للطاعة وقاموا بالطعن في مصدريها أحياناً.
اليوم تطفو قضية أخرى وهي التعليم المشترك وضرورة إعادته على الأقل لمعالجة أزمة القبول في الجامعة والتي تسبب بها قانون فصل الاختلاط بشكل مباشر، ليظهر لنا النواب اليوم برأيين أيضاً: الأول، يقول إنه لا يجوز الاختلاط شرعاً. والآخر، يقول إن التعليم المشترك والمساواة بين الجنسين في التعليم وحرية اختيار نوع التعليم حق دستوري واضح وأصيل ولا يمكن تأويله.
وعلى الرغم من أن الحجة الشرعية التي يتذرع بها البعض أراها واهية وغير قويمة، فأصل الدين الاختلاط كما هو ثابت منذ الأزل حتى في بيت الله الحرام وفي مساجد صدر الإسلام، فإننا لو سلمنا جدلا بأن الحجة الشرعية سليمة، لكان من يتبناها من النواب اليوم هم أنفسهم ممن رفضوا الحجة الشرعية في طاعة ولي الأمر قبل سبعة أشهر؟!
وهو ما يثبت أن الدين لهم هو مجرد رداء يستخدم وقت الحاجة لمنع ما لا يرغبون بوجوده، ولا أستثني أحداً من نواب التيار الديني من ذلك فحتى محمد هايف الذي كنت أعتقد لفترة قريبة أنه ذو مبدأ على الرغم من الخلاف العميق مع معظم ما يطرحه، رمى الدين جانباً في ديسمبر ورفض طاعة ولي الأمر وجاء اليوم ليقول إن الاختلاط من المحرمات، ليصف أهل الكويت- كل أهل الكويت- بأنهم مارسوا الحرام طيلة حياتهم.
أكرر لو كان نواب كهايف ووليد والصواغ قبلوا بكل الأوامر الدينية حتى إن تعارضت مع رغباتهم، لكنت اختلفت معهم واحترمتهم على الاختلاف، أما اليوم وبعد أن تكشفت الصورة بمثال ساطع لا يمكن أن يُؤَّل بأن دينهم هو لتحقيق طموح ذاتي فقط ولا يستخدم إلا عند الرغبة فأنا لا أعتقد أنه من الممكن حتى أن يرتقوا إلى مستوى الاختلاف في الرأي، فهم- كما هو ثابت- متمصلحون من الدين والدستور ولا يرغبون إلا في أهوائهم.
إما دين وإما دستور فتسلموا بكل ما نُص فيهما، وإلا فستكونوا منافقين لا يحبكم الله ولا يفترض أن يحترمكم الناس.

خارج نطاق التغطية:

مشكلة سرّاق المال العام أنهم يضيقون ذرعاً من أي شخص في الكويت حصل على ثروته بطرق مشروعة وقانونية، ومشكلة الكويت أن سرّاقها هم إعلامها المسموع والمنتشر بين أوساط الشعب.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *