لو قدر لنا أن نرصد التصريحات الصحافية الصادرة عن القيادة، وتوجيهاتها بشأن الحفاظ على الوحدة الوطنية والتصدي للممارسات الطائفية، لوجدناها تملأ الكثير من السجلات والملفات! ولو قدر لنا أن نجمع ونحفظ المقالات والأبحاث والدراسات والإصدارات التي تحذر من الخطر الطائفي، وتشدد تأكيد «التحصين» باعتباره مانعا قويا ضد أي انفجار يدمر المجتمع… لوجدناها أكثر من أن تحصى.
لكن لو قدر لنا أن نتحدث عن مفعول كل ذلك في نفوس البعض، لوجدناه لا يتجاوز الصفر!
في البحرين، هناك محركات للفتن الطائفية لا تستند إلى قيم دينية أو أخلاقية أو وطنية، وإنما تستند إلى متطلبات «أجندة» سرية هنا، وتخطيط سري هناك، والأخطر من ذلك، أن هناك من أصبح يعبث بفتيل الطائفية على مستوى الطائفتين الكريمتين في البلاد! لكن المشكلة الأكبر، والخطر الأكبر، والكارثة الكبرى هي استمرار الممارسات المغلفة بالدين!
القصص في المجتمع البحريني كثيرة، وهي ليست بعيدة عن المدارس! ولهذا، كان تأكيدنا أن البيئة المدرسية، بكل مضامينها ومجاميعها البشرية من هيئات إدارية وتعليمية وطلبة، يجب أن تكون في منأى عن هذا النوع من الممارسات، حتى لا يتأثر كل المجتمع. لايزال في المدارس معلمون ومعلمون يشعلون فتيل الفتنة من خلال إصرارهم على إعادة الخلافات التاريخية بين الطائفتين… لايزال هناك من الطلاب والطالبات من يؤدي دوره المدفوع من جانب بعض «المدسوسين» ليبث السموم في المدارس بين زملائه… لايزال من يستخدم المدارس ذاتها منابر للتحريض بمساريه: مسار التحريض ضد الدولة، ومسار التحريض ضد الطائفة!
وهناك من يعلم أن ما يقوم به من عمل يعرضه للمساءلة القانونية لكنه «يفعل» لأنه مطمئن تمام الاطمئنان من أن (لا أحد يستطيع إسكاته).
وعلى أية حال، مازلنا نسمع ونرى ونشاهد أفعال «محركات الفتنة» في المجتمع، لكن من وجهة نظري المتواضعة، فإنني أرى أن الوقت ملائم جدا لأن يكون للقانون دوره في ردع كل من بدأ وواصل مسيره في شحن المجتمع ضد بعضه بعضا، ونقصد بالقانون، تلك النصوص التي تنظم العلاقات بين الناس… والناس هم أهل المجتمع الذين يجب أن يستعينوا بالقانون لردع أصحاب الفتنة، فهؤلاء لا يصلح معهم التهادن أو الكلام اللين، ولا تصلح معهم لا مسيرات ولا يحزنون