د. أحمد الخطيب

الكويت من الإمارة إلى الدولة (13)

مرض عبدالله السالم ووفاته

انقلاب عارف

عندما أطاح عبدالسلام عارف، بالتحالف مع البعث، حُكمَ عبدالكريم قاسم عام 1963 استبشرنا خيراً. وعندما أعلنت التشكيلة الوزارية كان فيها نحو ستة وزراء كانوا زملاء لي في جمعية العروة الوثقى في بيروت، فقررت الذهاب إلى بغداد لتهنئتهم، وأثناء حفلة عشاء أقيمت على شرفي من قبل هؤلاء الأصدقاء، أسرّ لي أحدهم بأن علي صالح السعدي موجود في المطعم وهو يرغب في التعرّف إليّ. أنا لا أعرفه شخصياً ولكنني أعلم أنه الشخصية الأولى في الحكم الجديد، فقلت: أهلاً به.
انضم إلينا على مائدة العشاء وصرنا نتحدث عن همومنا القومية وكان جالساً بقربي، فقلت له: لماذا لا تنهون مشكلتكم معنا وتعترفون بالكويت، فقال: أنتم لستم دولة مستقلة، فأنتم حسب وثيقة الاستقلال لا تزالون تحت الحماية البريطانية، ونحن مستعدون للاعتراف بالكويت حالما تلغون هذه الحماية، وليست هناك شروط أخرى. متابعة قراءة الكويت من الإمارة إلى الدولة (13)

سعيد محمد سعيد

التكفيري… ذات يوم!

 

«لنبحث عن علماء آخرين… ولنكفر البعض الآخر»…

سأعود معك عزيزي القارئ إلى يوم 27 ديسمبر/ كانون الأول 2007 حين كتبت عمودا عنوانه «التكفيري»، نقلت فيه قول محدثنا التكفيري (الصريح جدا)، أنه في ذات الله وفي سبيل الله ومن أجل كلمة الحق لا تأخذه في الله لومة لائم… هذا الرجل (التائب) كما يقول هو عن نفسه، لا يألو جهدا في مخاطبة الكتاب والصحافيين والإعلاميين والنشطاء حال قراءته موضوع يرى أنه يملك فيه رأيا.

واليوم، أجدني متعمدا أعيد الحديث في الموضوع نفسه.. لا لغاية في نفس يعقوب، وإنما بصراحة، لأن الشيخ عادل المعاودة، لا يمكن إلا أن يكون واحدا أساسيا من أفراد البيت البحريني… أيا كان المذهب.

آنذاك، في ديسمبر 2007، أشار محدثي التكفيري إلى أن «المنهج التكفيري» بحاجة إلى معالجة جذرية، فقد تحول هذا التيار إلى مرحلة جديدة وهي تكفير الدولة، وخصوصا منذ مطلع عقد التسعينات عند دخول القوات الأميركية إلى دول الخليج واتهام ولاة الأمر بالعمالة، بعد ذلك أصدرت لجنة عليا للإفتاء في إحدى دول الخليج فتوى تجيز دخول القوات الأميركية، لكن حصل أن نشط ذلك التيار في إسقاط العلماء، إذ كانت البداية بإسقاط اللجنة الدائمة لهيئة كبار العلماء، ونعني بالإسقاط هو «إسقاط المهابة» عنهم بحيث يقل احترامهم بين الناس، وبدأت الأوصاف السيئة تنهال على هيئة كبار العلماء بأنهم لا يفقهون الواقع وينبغي علينا (أن نبحث عن علماء آخرين غير هؤلاء العلماء)!

يرى محدثنا أنه للتصدي لهذا التيار يجب أن نركز على الشباب وصغار السن ونوعيهم بخطر هذه التيارات ومدى خطورة الإندفاع نحوها، ويجب أن نتابع متابعة دقيقة الكتب والأشرطة في الأسواق، كما يجب أن يتفق علماء المسلمين وخطباؤهم من كل الطوائف على السير في الطريق الصواب، لا النزاع والتفرق والتشرذم وتجزيء الأمة إلى طوائف!

وبودي أن أقول للمسئولين بوزارات الشئون الإسلامية في الخليج – والكلام لصاحبنا – احرصوا على انتقاء الدعاة المميزين، أصحاب المناهج السليمة، والتنسيق مع الأجهزة الإعلامية لاستضافة أولئك الدعاة والمشايخ، لتوضح المعتقدات الصحيحة المعتدلة من كل مذهب، من باب حرية ممارسة المعتقدات والشعائر.

حتى الآن، هو يرى أن علماء الأمة ومثقفيها لا يعملون بجد لتنوير المجتمع وللتصدي لمثل هذه الأفكار، لاسيما بعد أن تعرض عدد من الكتاب والمثقفين والمفكرين لمثل هذه الموجة من الإرهاب، وتعرض بعضهم للاغتيال في بعض الدول، ويبدو له أن هذا ما جعل علماء الأمة ومشايخها في سكوت غريب مريب… أليس بينهم عالم عامل شجاع؟!

سامي النصف

أحوال الدنيا

هناك حديث حاد من بعض قوى المعارضة العربية وقادة الاعلام والفكر فيها حول ما اسموه بظاهرة «الجمهوريات الملكية»، اي بقاء الحكام لمدد طويلة ثم توريثهم الحكم لابنائهم من بعدهم، ولا تتحدث قوى المعارضة عادة عن تفاصيل التغيير المطلوب وماهية القادم الجديد بحجة ان الوضع لا يمكن ان يصبح اسوأ، وقد يكون هذا هو خطأهم القاتل الكبير خاصة بعد ما حصل في عراق ما بعد صدام.

وسأستثني القيادة المصرية القائمة من الحديث عن تلك الظاهرة كونها اعظم القيادات المنجزة والبناءة في تاريخ مصر الحديث والقديم حيث استرجعت الارض ومنعت الحروب وفاق ما بني في عهدها بآلاف المرات ما بني منذ عهد الفراعنة حتى يومنا هذا.

بالنسبة لما يسمى بقيادات الجمهوريات الملكية نود ان نشير الى ان طول البقاء في الحكم قد يكون نعمة لا نقمة، فالانجاز الخليجي المميز قد تم على معطى بقاء القيادات الخليجية التاريخية لمدد طويلة، مما اتاح لها المجال لتحقيق احلامها وطموحات شعوبها.

وطول البقاء نلحظه كظاهرة في اوروبا واميركا (ريغان، تاتشر، ميتران، بلير، شيراك، كول.. الخ) بل ونشهد ظاهرة التوريث والقرابة مع «آل بوش، آل كلينتون، لي كوان الاب والابن في سنغافورة».

أخشى ما نخشاه ان يكون من نراهم من حكام جمهوريات الوراثة هم آخر حكام دولهم المستقرة والموحدة، وان ما سيحدث بعدهم أشرّ وأضر ببلدانهم وبالامة العربية جمعاء من عهودهم أيا كان لونها، لذا لنحافظ على طغاة الامة ولنحملهم مسؤولية بقاء اوطانهم موحدة حتى ينقضي امر كان مفعولا.

يعتقد البعض ان الطغاة ما اتوا للامة الا لتمزيقها ثم تركها ضمن ظروف غامضة تعفيهم من المساءلة والمحاسبة، في جريدة «الاساس» المصرية الصادرة في 4/1/1948، اي بعد سنوات قليلة من انتهاء الحرب الكونية الثانية، تنقل من وارسو في النرويج ان الطيار الخاص بهتلر المدعو بيتر جومجارت (33 عاما)، ذكر في المحكمة انه طار بهتلر قبل سقوط برلين من مطار هوهنزوليرن في 28/4/45 وهبط به على مسافة 44 ميلا من نهر اتيار في الدانمارك وان هتلر شكره وسلمه شيكا بعشرين الف مارك واختفى بعد ذلك، وكان جومجارت يحاكم بصفته احد اعضاء الصاعقة النازية المحيطة بالطاغية.. والله اعلم!

سامي النصف

مجتمع الملائكة

اول مبادئ الاصلاح الذي يطلبه الجميع هو الاقرار بوجود القصور ومن ثم العمل على اصلاحه، ولا يصح في هذا السياق ان يطلب احد الاصلاح من السلطات الاخرى وينسى نفسه او سلطته، ان السلطات الثلاث بل وحتى الرابعة مجازا (الصحافة) في حاجة ماسة لفضيلة الاقرار بالقصور ومعها البدء في نهج تصحيحه.

ان بامكاننا كطيارين او اعلاميين او محامين او رجال دين او مهندسين واطباء وتجار ونواب وقضاة ووزراء، وغير ذلك من مهن وشرائح المجتمع الكويتي الادعاء بأننا لا نزل ولا نخطئ ولا نتجاوز ومن ثم لا يأتينا الفساد من فوقنا او تحتنا او يميننا او شمالنا ومن ثم نصبح مجتمعا ملائكيا لا تجوز فيه محاسبة الذات الطاهرة النقية بل ينحصر ويقتصر الشر والتجاوز على الآخر.

ان واقع حالنا يظهر ان الخير هو الغالب، فأغلبية الناس والمسؤولين واصحاب المهن والحرف المختلفة هم في الاعم خيرون وجادون في اعمالهم، ولا نشك في نقاء ضمائرهم او حسن ما تضمره سرائرهم، الا ان علينا جميعا الاقرار بأن هناك دائما متجاوزين ممن يجب ان تخلق الادوات ـ دون حساسية ـ لمحاسبتهم وردع انفسهم الامارة بالسوء، ودون خلق تلك الآليات ضمن مختلف التخصصات وتفعيلها والاعلام عنها يمكن لنا الحديث عن الاصلاح حتى يوم الحشر دون ان يتحقق على ارض الواقع شيء.

في الشقيقة مصر تصدر صفحات جريدة «صوت الامة»، في عددها الاخير، خبر ومحاضر تحقيقات وجهت اصابع الاتهام فيها الى 10 من القضاة والمستشارين ومنهم رؤساء محاكم نقض ومعهم عدد من المحامين والقائمين على الاجهزة القضائية تناولت اتهامات بالفساد واستلام رشاوى من تجار المخدرات لاصدار احكام براءة، ولاشك ان خبرا كهذا يرفع من مكانة القضاء المصري الشامخ ويزيد من ثقة الناس فيه كونه قادرا على الارتقاء بالعمل والاعتراف بالخطأ ومن ثم تطهير ذاته بالخيّرين من قضاته.

والعكس من ذلك ان يتم السكوت على الاخطاء والتجاوزات حتى تستفحل ويتحول همس الناس الى صراخ ويعم الظلم وتتفشى السرقات وتجارة المخدرات مع تكرار اصدار احكام البراءة في قضايا واضحة المعالم والاركان مع محاسبات – ان تمت – لا يعلم بها الا القلة القليلة في وقت يفترض فيه الاعلان عنها طمأنة لقـلوب الخلق.

آخر محطة:
شاهدت على YOU TUBE شريطا مؤثرا للشاعر الاسير فائق عبدالجليل وابنته وهما يغنيان ابان الاحتلال البغيض للكويت ويقدحان بشجاعة بالغة في طاغية العراق.. ابو فارس شمس ساطعة في سماء الكويت.

د. أحمد الخطيب

الكويت من الإمارة إلى الدولة (11)

عقدت لجنة الدستور جلستها الأولى بتاريخ 1962/3/17 وبحضور الخبير القانوني للحكومة محسن حافظ، الذي طلب إليه أن يضع مسودة للدستور تتم مناقشاتها بعد أن يتم الاتفاق على طبيعة نظام الحكم هل هو رئاسي أو برلماني.
وفي الجلسة الثانية أبدى الخبير رأيه بأن يكون نظام الحكم برلمانياً لا رئاسياً، لأن طبيعة النظام ملكي وراثي وبالتالي لا يجوز أن يرأس الأمير الوزارة فيعرض نفسه للنقد والمحاسبة داخل المجلس وربما لنزع الثقة. ولاقى هذا الاقتراح معارضة شديدة من الشيخ سعد العبدالله، إلا أنه تراجع لاحقاً عن ذلك، وجرى جدل طويل ومرير حول الوزارة، ولما اقترح بأن يكون نصف الوزارة من مجلس الأمة أكد سعد العبدالله رفضه لذلك مكرراً قوله إن هذا الاقتراح يقصد منه منع أعضاء الأسرة الحاكمة من دخول الوزارة، وأيده في ذلك القانوني محسن حافظ وهدد الشيخ سعد العبدالله بالانسحاب من اللجنة إن أصرت على ذلك، وكان موقفاًًً غريباًً فالأمير هو الذي يعين رئيس الوزراء ورئيس الوزارة يعرض الوزارة على الأمير ونصف الأعضاء من خارج المجلس ويمكن أن يكونوا كلهم من الشيوخ، ومع ذلك يرى سعد العبدالله أن هذا الاقتراح هو ضد الصباح ويهدد بالانسحاب. والحقيقة أن ذلك نابع من المفهوم السائد قبل وضع الدستور عند أسرة الصباح بأنهم وحدهم فقط من يجب أن يكون في الحكم، فأول وزارة شكلت مع المجلس التأسيسي كان فيها 11 وزيراً من الصباح وثلاثة فقط من غير الأسرة، ولعله كان يبدي استياءه من وجود حتى ثلاثة من غير الصباح! ويريد أن يكون جميع الوزراء من الأسرة. متابعة قراءة الكويت من الإمارة إلى الدولة (11)

سامي النصف

استجواب وكتاب

ذكرنا في وقت مبكر، ابان استجواب السنعوسي وكررنا ذلك ابان استجواب العبدالله، بأن كل استجواب يقدم سيحظى على الارجح بطرح الثقة بالوزير بعيدا عن عدالة مادة الاستجواب من عدمها بسبب الاجواء العامة والثقافة السياسية السالبة السائدة المتوارثة في البلد، اضافة الى الصراعات الخفية بين الاقطاب والتوجهات السياسية المختلفة.

نجاح عمليات الاستجواب هذه الايام يبقى اقل ضررا وكلفة على الوطن من افشال الاستجوابات في السابق عبر رشوة بعض النواب والقفز بهم على القوانين المرعية في الدولة واهداء المناقصات المختلفة، للعلم ما نراه قائما من اظهار عداء وتخذيل ستكون له اثمان باهظة ستُدفع في الغد، وستندم كالعادة كتل ومجاميع سياسية على مساهمتها بأكل الثور الابيض المتكرر.

لو اننا نشهد ممارسة ديموقراطية راقية وهادئة لا تخندق او تعصب بها لما اعترضنا على دعوات ادخال العسكر والأبناء الطلبة لمعترك الانتخابات النيابية والحياة السياسية، اما واننا نرى بالعين المجردة العكس من ذلك تماما فإننا نرجو ترك الابناء يركزون على بناء مستقبلهم ومستقبل بلدهم ورجال الأمن يضعون نصب اعينهم امن البلد الداخلي والخارجي، بعيدا عن الانشغال بالعراك السياسي الدائم، وسنعيد النظر بهذا الموقف في زمن حالم بعيد عندما يرتقي الاداء السياسي وتنضج الممارسة الديموقراطية، وحينها فقط يصبح لكل حادث حديث.

العمل السياسي يرتبط نجاحه بالتوقيت الجيد والقرار الحاسم السريع، كتبنا في السابق عن الاعتذار المتأخر وكيف انه كان سيقلب الطاولة ويعطي حجة قوية لمعارضي الاستجواب لو تمت المبادرة به فور طرح القضية، هذه المرة نتكلم عن قضية اخرى نقرأها في الصحف ونسمعها في الدواوين وهي ان هناك رغبة بإعفاء احد الوزراء مع دخول الصيف، السؤال: اذا كان هناك قرار متخذ من قبل اصحاب القرار بالاعفاء فلماذا الانتظار حتى الصيف وبقاء الحالة متوترة بين الحكومة وبعض النواب على معطى ذلك الاعفاء الموعود؟

مما يُستغرب له بعض المواقف السياسية لاحدى اكثر الكتل النيابية خبرة وحنكة، ففي الوزارة السابقة وابان تسنم احد اقطابها لمنصب هام في الحكومة، قامت هذه الكتلة بدعم ان لم نقل بالتخطيط لاستجواب اودى بالحكومة وتسبب باستقالتها، عندما ابعد ذلك القطب تحولت من المعارضة الى الموالاة، واتحدى ان يفهم احد ما يجري على الساحة السياسية الكويتية من مواقف!

آخر محطة:
وصلنا من الشيخ مبارك فيصل سعود الصباح، وكيل ديوان سمو ولي العهد، اهداء لكتاب «الشيخ نواف الاحمد رجل دولة» الذي يعتبر اول كتاب توثيقي شامل يروي المسيرة التاريخية لسموه حفظه الله، الشكر المستحق لرجل المواقف الطيبة الشيخ مبارك الصباح.

د. أحمد الخطيب

الكويت من الإمارة إلى الدولة (10)

الاسـتـقـلال والإنجليز والمجلس التأسيسي

حصلت الكويت على استقلالها يوم 19 يونيو 1961، وقد كان ذلك إيذاناً بإطلاق يد الكويت في ترتيب شؤونها الخارجية وخلافه. أما بالنسبة إلينا فقد كانت هذه فرصة لإيجاد كيان سياسي قادر على أن يؤدي دوراً إيجابياً في الإصلاح السياسي وتقوية الأمة العربية، وأن يكون كياناً داعماً لحركات التحرر في العالم.
كان العالم يشهد منذ عام 1959 مرحلة تاريخية مهمة سادت فيها موجة التحرر من الاستعمار بقيادة دول عدم الانحياز ودعم المعسكر الاشتراكي، وكان المد القومي والناصري هو السائد في المنطقة العربية مما شكل تهديداً خطيراً للمصالح الاستعمارية فيها وخطراً حقيقياً للأنظمة المعادية لهذا التيار. وكان واضحاًً حرج الموقف في الكويت، فحتى قبيل الاستقلال بقليل وجدنا أن بعض أفراد العائلة ممن كانوا عقبه أمام التطور مثل فهد السالم وعبدالله المبارك، قد اختفوا من المنافسة على السلطة في ظروف مختلفة.

متابعة قراءة الكويت من الإمارة إلى الدولة (10)

سامي النصف

صباح الخير يا وطننا العربي الكبير

صوماليون يقتلون صوماليين وعراقيون يقتلون عراقيين وفلسطينيون يعدمون فلسطينيين ولبنانيون يفجرون لبنانيين وسودانيون يبيدون سودانيين والحبل على الجرار وصباح الخير يا وطننا العربي الكبير وسلاما يا خير أمة أخرجت للناس!

ما يحدث هذه الأيام في العراق مرشح للتكرار مستقبلا، الحافر بالحافر، في اكثر من بلد ثوري عربي واسلامي حيث سرقت المليارات طيلة العقود الماضية لاستخدامها في اثارة القلاقل والحروب الأهلية اللاحقة فور تغيير تلك الأنظمة القمعية مما سيجعل عهود الطغاة أقرب لعهود حكم الملائكة مقارنة بما سيحدث بعدهم لذا فلتتمسك الشعوب العربية بطغاتها حتى لا تضيعهم وتضيع معهم.

في العراق الجريح مازالت مخابرات صدام ورجالها المنتمون لجميع الطوائف يمارسون عملهم الاجرامي دون هوادة الهادف لإيصال العراق لحرب أهلية تجعل شعبه يترحم على الأيام التي كان يداس فيها بالجزم ويساق فيها من حرب عدمية الى اخرى، الصدامية مساوية للكفر لذا علينا ألا نستغرب ان يقوم السنة المنتمون اليها بتفجير مساجدهم او يقوم كذلك الشيعة المنتمون لها بتفجير مساجدهم والا كيف للسنة ان يصلوا لمساجد الشيعة وللشيعة ان يصلوا لمساجد السنة في هذه الأوقات الحرجة وضمن الاجراءات الأمنية المشددة؟ الاتهام السريع والمستعجل للآخر يتيح المجال لإبقاء الفاعلين طلقاء مما يمهد لتكرار جرائمهم الشنيعة.

من لندن خبر نشرته جريدة الشرق الأوسط في 2/6 مستقى من الوثائق السرية البريطانية المفرج عنها هذه الأيام يظهر ان عملية خطف الطائرة المليئة بالركاب الاسرائيليين قبل 30 عاما من اثينا الى مطار عنتيبه الأوغندي ثم تحريرهم بعمل بطولي اسرائيلي هز العالم وجعل هوليوود تخرج 4 أفلام سينمائية عنه هو في الحقيقة عمل استخباراتي متفق عليه بين اسرائيل والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (وديع حداد) التي كانت الاكثر ادعاء بالعداء لاسرائيل آنذاك.. هل هناك دروس فيما يحدث هذه الايام في قطاع غزة وغيرها؟ الله أعلم.

آخر محطة:
كالعادة الأخبار السارة تأتي دائما من دول الخليج، حيث توقع مصرف جولدمان ساكس الاميركي، كما اتى في جريدة «الاقتصادية» السعودية، ان الناتج الاجمالي لدول الخليج عام 2050 سيبلغ 5.5 تريليونات دولار كنتيجة لارتفاع اسعار النفط والغاز وهو دخل يفوق دخل دول صناعية مثل المانيا وبريطانيا وبمتوسط دخل للفرد الخليجي يفوق 65 الف دولار اي اكثر ثراء مما هو عليه الوضع الآن او في السبعينيات، وقد وضع محللو البنك محذورين هما عدم الاستقرار السياسي في الخليج وظهور مصادر بديلة للطاقة، نرجو الا يعتمد على ذلك التقرير للمطالبة بعدم دفع فواتير الكهرباء او تسديد القروض حتى حلول ذلك العام البعيد.

سعيد محمد سعيد

كتب ومطبوعات تكفيرية

 

لا يبدو أن العملية ستتوقف! فمنذ سنين، وتوزيع المطبوعات والكتب والتسجيلات التكفيرية والطائفية مستمر من أجل «الثواب والجزاء الكبير من رب العالمين»، ولابد من القول إن هناك مشكلة في البحرين تستدعي فتح موضوع الكتب الطائفية! فالمجتمع الذي ينادي بالديمقراطية ويطالب بحرية الرأي والتعبير، عليه أن يتقبل كل الممارسات القانونية المرتبطة بحق كل مواطن في التعبير عن رأيه، لكن أن يصل التمادي حد تكفير المسلمين أو تسفيههم أو إخراجهم من الملة واعتبار ذلك من ضمن محيط حرية التعبير، فهذا ما يوجب إثبات وجود الأجهزة الحكومية المعنية بدءا من وزارة العدل والشئون الإسلامية مرورا بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية انتهاء عند وزارة الإعلام.

أيضا، حري بنا أن نكون من الشجاعة بحيث نوجه الاتهام الى بعض الجمعيات واللجان الإسلامية التي أصدرت ولاتزال تصدر مثل تلك المطبوعات، فهي يجب أن تتعرض للمساءلة القانونية، أيا كان انتماؤها الطائفي، فالفعل السيئ الذي تقوم به بعض الجمعيات الإسلامية من نشر للمطبوعات التي تهيج الشارع وتؤلب المواقف ضد أهل البلد… أهل البيت الواحد… هو فعل لا يمكن أن يكون صادرا بحسن نية… إطلاقا.

وأعتقد أنه من الضرورة بمكان أن يتم التشهير بمثل تلك المطبوعات، لا إخفاؤها والإعلان عن اتخاذ إجراءات حيالها، لأن التعريف بها والتحذير منها يدخل ضمن التحرك القانوني لفضح هذه الممارسات المريضة التي ما إن تختفي حينا حتى تعود من جديد… وبلا سبب.

ويعلم الكثير من القراء، أن هناك كتبا من الطائفتين، لا يصلح لها أن تكون في السوق متوافرة! ففيها الكثير من الأمور السيئة من الجانبين، وفي المقابل هناك كتب طيبة ومضامينها قيمة مؤثرة، وهي ما يجب أن نركز عليه ونروج له.

هناك من يدعي أنه مفتش تابع لوزارة الإعلام، ويهجم على بعض المكتبات التي يعمل بها الآسيويون أو بسطاء المواطنين، ليصادر كل كتاب لا يتماشى مع مزاجه وطينته، ويثير المشكلات ويحرر المخالفات… بل يصل الأمر إلى حد مصادرة المجلات النسائية والفنية… ثم يختفي ذلك «الفارس المغوار» بعد أن قام بفعل عظيم يستحق عليه الثناء، وينتظر من رب العالمين خير الجزاء!

بلادنا صغيرة، وشوارعنا مزدحمة، والنفوس «بها ما بها»، والقلوب «يعلم الله ما تحمل»، فلسنا يا جماعة الخير نمتلك القدرة والصبر على رؤية كتيبات ومنشورات وأشرطة مجهولة المصدر، تصب على النار الوقود!