جميع التوجهات الليبرالية في الدول العربية تسعى جاهدة لمحاربة الظواهر الدينية، وطمس تواجدها في المجتمعات الاسلامية، رغبة في ايجاد فكر ديني مائع وسريع الذوبان في المجتمعات المعاصرة، ولولا الخجل وحساسية الموقف لطالبوا بإلغاء الدين من حياة الناس وسلوكهم وعاداتهم وتقاليدهم!
تقدمت الحكومة في تسعينات القرن الماضي بقانون يحظر الاختلاط في جامعة الكويت، وهيئة التعليم التطبيقي، ويدعو الى الفصل بين الطلاب والطالبات في الفصول ومرافق الجامعة، ووافق مجلس الأمة على المقترح الحكومي في مداولتيه، وأصدره سمو الأمير آنذاك – طيب الله ثراه – بمرسوم بقانون ونشر بالجريدة الرسمية، ومع الاسف ظل القانون حبرا على ورق الى اليوم، لكن الجماعة اياهم تورطوا عندما قامت منشآت الجامعة الجديدة، والتي تم تصميمها وفقاً للقانون الجديد، فشعروا بأن الفصل الجاد بين الطلاب والطالبات أمر لابد منه، ومن يخالفه سيكون متهما يجرجر في أروقة المحاكم كل يوم، وان كان مدير الجامعة أو عميد الكلية! لذلك لم يكن أمامهم بد من البدء بالصراخ والولولة من الآن والطعن في دستوريته تارة، واخرى بالطعن في كلفته! أما دستوريا فالقانون الجديد للمحكمة الدستورية يسمح لكل فرد كويتي أن يذهب إلى المحكمة ويطعن في دستوريته لالغائه! وهذا الاجراء يكفي لاسكات «التحلطم» الذي نسمعه كثيرا هذه الايام بانتظار حكم المحكمة الدستورية! أما ما ذكره وزير التربية من الكلفة العالية للقانون، وكرره بعض الطارئين على الساحة السياسية مؤخرا، فهذه حجة غريبة عجيبة، حيث كان أولى بالوزير ان يشيل هم التجاوزات الكثيرة في مؤسسات الدولة والنهب الصريح للمال العام، والذي يتكشف كل يوم، بدلاً من التباكي على الكلفة العالية المزعومة لتطبيق القانون! ثم يأتي أحدهم ليقول إن الاختلاط يزيد من التنافس بين الطالب والطالبة! بينما كل الدراسات العلمية أكدت ان التحصيل العلمي بين الطلبة يكون أفضل في الجامعات غير المختلطة!
بالأمس سمعنا دعوة في القاهرة لحضور مليونية لخلع الحجاب (!) وهذا من مظاهر سعي الليبراليين لمسح كل مظاهر الدين من المجتمع، واعلانهم الحرب على ثوابته، لكنهم خابوا وخاب مسعاهم في جمعتهم التي أفلسوا من بركتها ولم يخرج معهم أحد! انها مساعي المفلسين من العلمانيين والليبراليين لقتل الظاهرة الدينية، فبالأمس قتلوا المصلين، وقننوا للدعارة، وحرقوا الكتب الاسلامية، وطالبوا بخلع الحجاب، واليوم يأتي أشباههم في الخليج ليطالبوا بالغاء قانون منع الاختلاط، وتحريف الثوابت الشرعية بحجة وجود تطرف في المناهج الدينية!
ولم الاستغراب ووزيرهم أكد ان التطرف موجود!
انها الحرب على الاسلام، يشعلها – مع الاسف – بعض أبناء المسلمين لتحقيق رغباتهم وشهواتهم، يدفعهم حقدٌ دفين على الدين، لكن الله لهم بالمرصاد، «ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين»!
***
معرض الكتاب الاسلامي الاربعون انطلق يوم الاربعاء الماضي في ارض المعارض بمشرف، ظاهرة تؤكد ان هذا الدين عظيم في عطائه، وأنه «لا تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله»! وقد يأتي اليوم الذي يطالب فيه بني علمان بإلغاء هذا المعرض، بحجة معلبة عنوانها «الدعوة الى التطرف»!
***
اللهم اغفر لسعود الورع وارحمه برحمتك، وتجاوز عنه وبدل سيئاته حسنات، وأسكنه فسيح جناتك.