عندما كنا نقرأ لبعض جهّال العلمانية من عوام الناس أن وزارة التربية كانت مختطفة من التيار الديني، كنا نتجاهل جهلهم وافتراءهم؛ لأن العموم يعلم أن هذه الوزارة بالذات كانت تُدار من وزراء لا ينتمون إلى التيار الإسلامي منذ نشأتها إلى اليوم، وأن الحكومة كانت حريصة على استبعاد الإسلاميين من الوجود فيها. واليوم، يخرج علينا وزير التربية نفسه ليدلي بتصريح يكرر هذه المقولة بصيغة عنصرية يرفضها كل عاقل محب لوحدته الوطنية.
التصريح أو الخطاب الذي أدلى به وزير التربية بدر العيسى الى جريدة القبس يوم أمس الأول، لا يمكن أن نتجاوزه من دون أن نتوقف عنده؛ لندرك خطورة وجود هذا النوع من الوزراء في الحكومة. فإن كان المغرّد المجهول يحال إلى نيابة أمن الدولة بسبب تغريدة تسيء إلى العلاقة بين الكويت وإحدى الدول، فإن كل كلمة ذكرها الوزير في خطاب الفتنة – برأينا – كانت تقطر إساءة إلى الشعب الكويتي ومكوناته الاجتماعية. وحري بالحكومة أن تحاسبه؛ لأن الإساءة إلى الشعب الكويتي، وتعمّد إثارة النزعات العنصرية بين مكوناته لا يقلان خطورة عن الإساءة إلى دولة من الدول! اليوم يتجاوز وزير التربية كل الحدود، ويتطاول في خطاب الفتنة على القرآن والسنة النبوية، ويظهر ما كان يخفيه من اعتقاد تجاه الدين الإسلامي عندما ذكر أن في كتاب الله تعالى ما يدعو إلى التطرف! فكيف بوزير تربية معني بتوجيه الأجيال! فهل نستأمنه على أجيالنا ومستقبل أبنائنا وهو يحمل هذا المعتقد الخطير؟! ومما زاد من تخوفنا أنه أعلن نيته «تطهير مناهج التربية الإسلامية من التطرف الذي تدعو إليه بعض الآيات والأحاديث»! ووفقاً لمعتقد الوزير، فإن تغيير المناهج لا بد أن يكون انحرافاً عقائدياً خطيراً!
عندما بدأت حملة إقصاء الإسلاميين من المناصب في الدولة قلنا إن هذا ابتلاء تمر به الحركة الإسلامية بين حين وآخر، وإن هذه سنة الله ليمحص من يعمل لدينه ومن يعمل لدنياه، لكن أن يعلن الوزير اعتراضه وامتعاضه من وجود بعض أبناء القبائل في بعض مناصب بالتعليم التطبيقي ويسمي هذا بالاختطاف، فهذا أمر مثير للفتنة والعياذ بالله. ودليل على أن معاليه ينظر إلى هذه الطبقة نظرة دونية، وأنهم لا يستحقون أي منصب! فهل القبلي أو الملتزم دينياً غير كويتي مثلاً أو مشكوك في ولائه وكفاءته؟ ولماذا لم تتحدث عن طوائف أخرى مسيطرة على كلية الطب وكلية العلوم الطبية في جامعة الكويت؟ أم أن هؤلاء كويتيون أصليون والبقية لفو؟! هذا على افتراض أن كلام معاليه صحيح، فكيف إذا عرفنا أنه لا يوجد ولا واحد محسوب على التيار الإسلامي في منصب قيادي في التعليم التطبيقي؟! أما إن كان يقصد ما كانت تدعو إليه بعض القبائل في انتخابات اتحاد الطلبة، فالجواب عليه أنها انتخابات تعبر عن المجتمع الذي نعيش فيه بإيجابياته وسلبياته، وما يجري في الهيئة يجري مثله كل عام في جامعة الكويت ومجلس الأمة وغيرها، فلماذا ذكرت الهيئة تحديداً؟
الوزير يتذمر من الوضع السيئ في الوزارة، وأذكّره بأن هذا الوضع ليس بسبب مناهج التربية الإسلامية بقدر ما هو بسبب نوعية الوزراء الليبراليين الذين تعاقبوا على الوزارة منذ عقود طويلة، حاول أن تتذكر آخر خمسة وزراء قبلك حتى تعرف مكمن العلة في هذه الوزارة المنكوبة!
على العموم، تصريح وزير التربية كاف لإقالته فوراً إن كانت هناك حكومة ترفض مثل هذا الطرح العنصري والفئوي، خصوصاً أنه ورّطها عندما أعلن بشكل غير مباشر أن التيار الليبرالي هو تيار الحكومة! وقد يكون كلامه صحيحاً؛ لأن هذا هو التفسير الوحيد لما يجري اليوم في البلد من تحجيم للتيار الإسلامي وإضعاف التوجه الديني ودعم لا محدود للتيار الليبرالي!