ارتبطت ولادة الكويت المستقلة بالمنظمات الإقليمية والدولية، ومن الضرورة فهم العلاقة بتلك المنظمات على أنها علاقة مصلحة متبادلة، متعادلة، غالباً تستفيد منها الكويت أكثر مما تفيد، والشواهد على ذلك كثيرة.
بالطبع هناك حالات استثنائية حدث فيها العكس، وعلى الأخص ما حدث في السنوات الأخيرة في العلاقة بالمنظمات الدولية الرياضية، والتي تسببت في الإضرار بمصالح الدولة، كما حصل أخيراً في الأولمبياد أو مع “فيفا”، وفي الغالب يعود ذلك إلى علة باطنية، وتطور المنظمات الدولية غير الحكومية في الساحة العالمية، وهو موضوع سنعود إليه لاحقاً، بشكل منفصل.
المتابع الحصيف لحيثيات معركتي قبول عضوية الكويت في الجامعة العربية والأمم المتحدة، يدرك جيداً أن الكثير من معالم ومكونات النظام السياسي الكويتي كانت استجابة للمعركتين المذكورتين.
ومع أن معركة عضوية الجامعة العربية كان لها أثرها البالغ على معطيات السياسة الداخلية والخارجية الكويتية، إلا أن معركة الأمم المتحدة كانت أكثر تعقيداً وأشد وطأة وأكثر شراسة، خسرت الكويت فيها جولات عدة حتى تحقق لها ما تريد.
امتدت معركة مجلس الأمن لعضوية الكويت من ٢ يوليو ١٩٦١ إلى ٧ مايو ١٩٦٣، أي قرابة السنتين، حين قبلت عضويتها في الهيئة الدولية.
كانت معركة الأمم المتحدة متعددة المشارب والمناحي. ففي ١ يوليو تقدمت الكويت بشكوى تهديد العراق لها، وبدعم من بريطانيا، تمت الدعوة إلى عقد اجتماع لمجلس الأمن لبحث تلك التهديدات، حيث تم عقد الاجتماع فعلاً يوم الأحد ٢ يوليو. وفي المقابل، ولقطع الطريق، تقدم العراق بشكوى ضد بريطانيا متهماً إياها بتهديد العراق، طالباً بحث تلك التهديدات بحكم وجود قوات بريطانية في الكويت.
ترأس وفد الكويت عبدالعزيز حسين، الذي كان عند تحديد موعد الجلسة موجوداً في جنيف للمشاركة في اجتماعات مكتب التعليم الدولي. وعندما وصلت إليه برقية من الشيخ عبدالله السالم للتوجه إلى نيويورك، كانت السفارة الأميركية مغلقة بسبب إجازة العيد الوطني في ٤ يوليو، وبعد اتصالات من خلال السفارة المصرية، تم فتح القنصلية الأميركية وإصدار التأشيرات. وقد أدى ذلك إلى وصول الوفد متأخراً عن بداية الاجتماعات التي سيتضح أنها أكثر شراسة مما كان متوقعاً. كانت معركة الأمم المتحدة حبلى بالدروس، كما سنرى.