«فلوسنا.. باح»…!
هكذا عبّر، المغفور له باذن الله، حمد الجوعان عن اهدار وضياع الاموال العامة في قضية التجاوزات في الاستثمارات الخارجية. لقد كان رحمه الله حريصاً على متابعة قضايا الاموال العامة وتسليط الضوء عليها وتحصيلها والضرب على يد من تسول له نفسه التعدي عليها!
في عام 1985 اتصل بي النائب الدكتور عبدالله النفيسي لأحل محله في استجواب وزير العدل آنذاك ولأشارك صاحب فكرة الاستجواب النائب حمد الجوعان، وعند الاجتماع للتحضير للاستجواب عرفت فيه الخبرة المالية والسياسية مجتمعة في شخصه، فأدركت أن الاستجواب سينجح ما دام الذي يديره بمثل هذه العقلية!
لقد كان يرى ان هناك من استغل منصبه في الحكومة للانتفاع مادياً من القوانين التي تصدر، فأراد ان يضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه بمد يده الى المال العام.
لقد كان حريصاً على تحصين الاموال العامة والتطبيق العملي للنص الدستوري «للمال العام حرمة»، ولعل هذه القضية هي القشة التي قصمت ظهر البعير، فتحركت الايادي الآثمة في غفلة من الزمن وغياب الامن والاجهزة الرسمية بتصفية حسابها مع الرجل الذي تسبب في حرمانها من التلاعب بالاموال العامة ونهبها والانتفاع الشخصي منها، فأطلقت عليه ثلاث رصاصات آثمة تسببت في اصابته بشلل نصفي.
لكن ذلك لم يمنعه من الاستمرار بتحقيق حلمه وهو على الكرسي المتحرك، فترشح للانتخابات بعد عودته مباشرة من رحلة العلاج الطويلة ونجح في أول استحقاق انتخابي، لذلك كان أول قانون يصدره مجلس الامة عام 1993 من بنات أفكاره، وهو قانون حماية الاموال العامة الذي الى اليوم نرجع له الفضل في حفظ الاموال العامة.
رحمه الله وغفر له، كان لا يهمه التكسب الانتخابي ولا يفكر في كرسيه بعد أربع سنوات وكيف يرجع اليه، كان همه كيف يوقف الهدر والتلاعب بأموال الشعب، كان نائباً من نوع آخر، ومع اختلافنا معه في قضايا فكرية كثيرة، الا انه كان مؤدباً في خلافه مع الآخرين، فلم نكن نسمع منه سباً ولا تعديا ولا تقولاً عليهم، بخلاف الكثير من رموز الليبراليين اليوم الذين يقتاتون على نقل الاباطيل والاشاعات على خصومهم، أما ابو عبدالله فكان غير كل هؤلاء..
عليك رحمة الله وأسكنك فسيح جناته وغفر لنا ولك.