حسن العيسى

«مالت على البامية…»

طوابير ممتدة على مد البصر من نساء ربات بيوت ورجال وأطفال حفرت الرثاثة لوحة البؤس على ملامحهم ينتظرون لساعات طويلة دورهم لدخول السوبر ماركت، وتنتقل الكاميرات داخل المتجر، لتبدو معظم الرفوف فارغة من الأغراض الأساسية، كالحليب والسمن والسكر، ولا يوجد إلا القليل من الجبن اليابس، لا يكاد يفي بحاجة المنتظرين.
المشهد السابق الذي نقلته وسائل الإعلام كان من فنزويلا، التي يستقر في جوف أرضها أعظم احتياطي نفطي في العالم، والتي كانت يوماً ما في سبعينيات القرن الماضي تحيا بحبوحة اقتصادية، امتدت لفترة من الزمن، ثم ليصل فيما بعد التضخم المالي فيها إلى أكثر من 700 في المئة، ثم أخذت الحكومة تطبع المزيد من البنكنوت، لتسكب الملح على الجرح… وانتهت الآن، بوصف الإيكونوميست، بمثل وضع زيمبابوي عام 2000 مع فارق الثقافة الكبير، الدولتان كانتا تحت حكم قائدين لهما شعبوية كبيرة، الراحل هوغو تشافيز بفنزويلا، ومغابي بالثانية، ودعا الاثنان للإصلاح والعدالة الاجتماعية أيضاً، فانتهت الأمور اليوم إلى مثل هذه الحال البائسة. متابعة قراءة «مالت على البامية…»

عبدالله النيباري

الدمار والقتل في حلب مسؤولية روسيا

الدمار والمآسي شاملة لمعظم أقطار الأمة العربية، لكن القتل والدمار المتوحش، الذي تواجهه سورية، وعلى الأخص ما يجري من قتل وتدمير في حلب، هو مسؤولية روسيا بوتين.
ما تواجهه حلب وأهلها جريمة ضد الإنسانية، آخر أخبار الـ “بي بي سي” (التلفزيون البريطاني) الساعة الرابعة من مساء يوم الأربعاء، تقول عشرات القتلى يتساقطون ووزير خارجية روسيا يتحدث في بيان يوم الثلاثاء عن محادثات إيقاف القتال مدة 48 ساعة في دمشق و72 ساعة في حلب، ولكن مع الإصرار على استمرار ضرب جماعات داعش والنصرة، وهي الادعاءات التي طرحتها روسيا بوتين عندما تدخلت مباشرة في سبتمبر الماضي. ومنذ ذلك الوقت والقصف الجوي الذي توضحه الخرائط مركز في مناطق الشمال والغرب، وهي مناطق المعارضة في إدلب واللاذقية وحمص وحماه.
بينما “داعش” سيطرته في الشرق في الرقة والحسكة. ما يؤكد أن ادعاءاته ليست أكثر من ذرائع. متابعة قراءة الدمار والقتل في حلب مسؤولية روسيا

محمد الوشيحي

الربيع العربي الملعون

يشتمون ثورة الشعب الليبي، ويشعلون الفتائل بين الفرقاء الليبيين، ويمدون هذا بالسلاح وذاك بالسلاح المضاد، ثم ينهرونك وأصابعهم تشير إلى ما يحدث في ليبيا: “انظر انظر، هل يعجبك الوضع اليوم؟ هل استمتعت الآن بعدما رأيت كل هذه الدماء؟”.
وقبل أن تجيب، يضعون خريطة سورية أمامك، وصور الشهداء والمدن المدمرة والصرخات المفجوعة، ويكررون السؤال بصيغة أخرى: “هل تريد أكثر من هذا؟ هل اكتفيت من المتعة أم ترغب بالمزيد؟”.
يوجهون أسئلتهم الداكنة هذه إليك وإلى كل من صفق للربيع العربي وهلل واستبشر. ويسمون الربيع العربي “الشيطان العربي”، على اعتبار أن العرب قبله كانوا يعيشون في عصر “الملاك العربي”، وأن خيمة القذافي كانت منارة العدل والسكينة والأمن، وأن أقبية بشار وسجونه ومخابراته كانت مراكز بحوث وحدائق عامة، مع أن ما يحدث فيها مجرد تقطيع بسيط لأيدي المعارضين وأرجلهم، وشوية فقء عيون، على شوية مداعبات خفيفة للأعضاء الحساسة بالحديد الحامي والأسياخ، على نتف شعر، وقلع أظافر، على بعض السخافات المشابهة، يعقبها موت المعارض جراء التعذيب، قبل أن يتم تعذيب أمه وأبيه وصاحبته وبنيه والمنطقة التي تؤويه، لا أكثر. فلماذا التهويل والعويل؟ متابعة قراءة الربيع العربي الملعون

إبراهيم المليفي

آسيا يا سمو الرئيس

الانفتاح على آسيا وتجاربها الناجحة في مختلف المجالات رؤية مستقبلية تحتاج إلى المزيد من التفعيل والاستمرار بدلا من الدوران في حلقة النماذج الأوروبية التي ثبت فشل استنساخها لاختلاف البيئة الثقافية واستحالة تحقيق الثورة الفكرية نفسها التي سبقت الثورة الصناعية في أوروبا.
آسيا هي الأقرب دوما إلينا، وهي وكما قلت عام 2011م في ندوة فكرية أقامتها مجلة العربي مائدة باذخة «فيها كل ما نحتاج وأكثر»، كل ما علينا عمله هو اختيار ما يناسبنا والانطلاق فورا، لدينا النموذج الصيني (مركزية السلطة وسياسة اقتصادية منفتحة)، النموذجان الياباني والكوري الجنوبي (الأصالة والإغراق في الموروث الشعبي مع سرعة ضوئية في التكنولوجيا والنمو الاقتصادي)، ما يهمني حقا من بين النماذج الآسيوية هو النموذج الفيتنامي ليس لأنه الأفضل ولكن لأن دولة الكويت قطعت شوطا باهرا وبعيداً عن الأضواء في مجال الاستثمار في تلك الدولة المطلية بالشيوعية من الخارج، وهي على الحقيقة ماكينة رأسمالية لا يستهان بها. متابعة قراءة آسيا يا سمو الرئيس

احمد الصراف

المعنوية

تواجه إنسان اليوم مشاكل عدة، تبعا لأين وكيف يعيش. ولا يمكن لأي عامل منفرد، مهما ارتفعت أهميته، كالدين أو الثراء المادي، أو المستوى التعليمي، حتى لو كان عاليا، أن يحل كل مشاكله. كما ليس باستطاعته الانعزال عن العالم، مهما كانت درجة تعصبه، هذا إن أراد الاحتفاظ بقواه العقلية. فقد رأينا كيف هرع غلاة المتطرفين وكارهو الغرب وحضارته ولاعنو منتجاته، والداعون للانعزال عنه، كيف هرعوا لتناول أنجع أدويته، ولو كانت مستخلصة من الخنازير، وتلقي أفضل علاجه، لكي يبقوا على قيد الحياة فقط! وبالتالي، قبلنا أم رفضنا، فإن مآلنا في نهاية الأمر يكمن في قبول الآخر، سواء كان مؤمنا أو كافرا أو ملحدا، طالما أن مصلحتنا في نهاية الأمر تتطلب الانسجام مع الإنسانية، والتعايش مع الآخر والقبول بشروط تلك المعيشة المتعلقة بحقوق الإنسان والمواثيق العالمية الأخرى، وبخلاف ذلك على الرافضين للغير، من شرق وغرب، الانزواء في الصحاري أو اللجوء لكهوف الجبال، فلا مكان في عالم اليوم، وإن بعد حين، للبداوة والتعصب والانعزال والانغلاق.
وفي محاولة للتقليل من مادية الحياة الغربية، يدعو المفكر الإيراني مصطفى ملكيان في كتابه «الدّين وأزمة المعنى في العالم الجديد»، والذي قام بترجمته باقتدار الزميل فاخر السلطان، بالتركز والتمسك بمفهوم المعنوية (spirituality)، أو ما يسمى بالقيم الروحية، التي يقول إنها لا تختلف بالضرورة مع الدين، بل هي جوهر الأديان، وبالتالي ليس في الأمر اي انتهاك لحرمة الدين، بل التمسك بها يعني الوصول للب وجوهر الدين. وعن طريق المعنوية يمكن أن نفك عقد كثير من المشاكل والمسائل التي تواجهنا بالمشاركة والمعايشة مع الإنسان الحديث، وهي المشاركة التي لا يمكن أن تتحقق عن طريق الدين التاريخي وحده، خصوصا وقد ثبت ان مشاكل العصر التي تواجهنا لا يمكن حلها عن طريقه، بل بالجمع بين العقلانية والمعنوية، من دون التضحية بإحداهما، ولا يعني ذلك رفض الدين او التدين. متابعة قراءة المعنوية