قضايا «داعش» ومن يمولها ويسلحها ومثلها الميليشيات الاخرى بالمنطقة وقضية الاتفاق النووي مع المجتمع الدولي والذي قد يكون افضل ما كتب عنه الجدول الذي وضعته صحيفة الـ«يو اس توداي» usa today الاميركية في عدد الخميس الماضي وكان عنوانه «الرابحون والخاسرون في الاتفاق»، حيث وضعت الجريدة جدول مقارنة بمطالب كل طرف قبل الاتفاق وما تم التوصل إليه في النهاية.
***
كل تلك الامور السابقة هي «ظلال» لمتغيرات جسام هي «الاصل» في كل ما يحدث في المنطقة والذي في حقيقته هو ان القوى المؤثرة في العالم وبعد سقوط الاتحاد السوفييتي وتفككه لم تعد بحاجة كما هو الحال في مرحلة ما بعد الحرب الكونية الثانية للدول العربية وجيوشها القوية لمواجهة التمدد السوفييتي المحتمل، لذا استبدلت تلك الاستراتيجية بأخرى ترى ان الدول العربية يجب ان يتم إضعافها وتفتيتها واقتسام أراضيها وخيراتها بين تحالفات دولية وإقليمية خفية ترفع شعارات مضللة مختلفة، الا انها تجتمع في شهيتها المفتوحة للابتلاع المباشر او عن طريق الوكلاء للدول العربية من محيطها الى خليجها على نهج ابتلاع الثيران البيضاء والسوداء والحمراء وبقية الألوان الواحدة تلو الاخرى.
***
مخططات كبرى كهذه لا يمكن ان تتم الا بتورط دول وقيادات بالمنطقة تخفي ما تبطن، وتعلن العداء نهارا لتنام ليلا مع من تدعي عداءهم، ويقوم مخطط ابتلاع الدول الذي بدأ تفعيله منذ 4 سنوات في جزئه الاول على تثوير الشارع العربي عبر قوى متآمرة، وفي جزئه الثاني على خلق ميليشيات مسلحة خارجة عن شرعية الدول كي تستولي على المدن والثروات والاراضي ومعها توازيا جماعات ارهابية تقوم بالتفجيرات والاغتيالات وتهاجم الجيوش الرسمية بأسلحة متطورة، وفي جزء ثالث قادم على الطريق بخلق انهيارات اقتصادية تقوم في دول على هدم المدن والمزارع والمصانع حتى لا يبقى فيها حجر على حجر، وفي دول اخرى على الضغط على اسعار النفط لتصل لأسعار شديدة الانخفاض لمدد طويلة، املا بأن تحدث الانهيارات الاقتصادية قلاقل سياسية وامنية، اما الجزء الرابع القادم فيتم عبر اشعال حروب معلنة بين دول المنطقة على معطى التباينات والاختلافات السياسية والايدلوجية والدينية والنفطية والاقتصادية، ولن يوقف المحاق الاكبر القادم الا وعي الشعوب وتوقفها عن الانخداع بمن يدغدغ مشاعرها وهو ينوي هلاكها.
***
آخر محطة: ما تدفعه الأمة العربية من شلالات دماء هو ثمن انخداعها سابقا بالأنظمة الثورية التي كان وصولها للحكم كارثة وتركها للحكم.. كارثة اكبر!