أشكرك ابتداءً من كل قلبي، لقبولك التحدي، حيث تبين لي أنك الوحيدة التي تجرّأت ونزلت الميدان، ومع أن عذرك «حتى لا يزور التاريخ» إلا أنني – ومع الاحترام – رأيت في ما تناولتِه تشويهاً للتاريخ وقلباً للحقائق، وهو ما أضعف حجتك وسلاحك، اللذين نزلت بهما إلى هذا الميدان.
كان موضوع التحدي الذي أعلنته في مقالي، المؤرخ 9 فبراير الماضي، ينحصر في خمس نقاط، وقد لاحظت – وسيلاحظ القراء الكرام – أنك تجنّبت الحديث عن ثلاث منها، وولجت إلى موضوعين فقط، وهما اتهام الشيخ سعود الناصر – رحمه الله – لبعض رموزنا، وموضوع سيطرة تيار الحركة الدستورية الإسلامية على مراكز القرار في وزارة التربية، ولذلك سأثبت اليوم للقارئ ضعف وبطلان ما استندت إليه، وكم المغالطات التي أثرتِها في موضوع آخر لم أطرحه في مقالي السابق، ولم يكن مجالاً للتحدي، وهو تاريخ تيار جماعة الإخوان المسلمين مع العنف.
كم كنت أتمنى لو أنك – أختي الفاضلة – حافظت على المبادئ التي يعلنها تيار «جماعة الطليعة» في كل شاردة وواردة، وهي حرية الرأي وتقبّل الرأي المخالف، واحترام إرادة الشعوب واختيارها! لكن انزعاجك من سيطرة التيار الإسلامي على جمعية المعلمين واتحاد الطلبة لسنوات عدة وتسمية وصولهم إلى هذه المؤسسات بــ «هيمنتهم على الوعي والعقل» ورفضك نتائج انتخابات حرة وشفافة تعد تراجعا عن مبادئ احترام الآخر واحترام اختيار الشعب الكويتي، وهي دليل على سقوط جديد لهذا الفكر العلماني والتوجه الليبرالي الذي تحمله جماعة الطليعة منذ عقود، وكم كنت أتمنى لو أنك حافظتي على أمانة النقل وذكر حقائق التاريخ من خلال ما أسميته «الأرقام الرسمية» لوجود 23 قيادياً ينشطون لــ «أخونة» وزارة التجارة (؟؟!!)، ووجود 8 وزراء «إخوان» تقلدوا وزارة الأوقاف بذكر اسمائهم تحديداً إن كان ما ذكرتِه هو الواقع والصحيح. فالأرقام الرسمية التي يعرفها كل الناس تقول إن وزارة التجارة لا يوجد فيها لا «أخونة» ولا «إخوان»، أما وزارة الأوقاف فلم يتسلمها من الملتزمين بالحركة – مع احترامنا للجميع – غير شخصية واحدة: الشيخ الدكتور جمعان العازمي، من أصل 23 وزيراً تعاقبوا عليها منذ نشأتها!
إنني أتعجب، أختي الفاضلة، من قدرتك على الهروب السريع من مواجهة موضوع التحدي في وزارة التربية، حيث إني قلت في مقالي ما نصه «أتحداهم أن يعطوني اسماً واحداً من المسؤولين، سواء كان وزيراً أو وكيلاً أو وكيلاً مساعداً أو مدير منطقة محسوباً على «الإخوان» ومن خلاله يُسيطَر على الوزارة»، فإذا بك تلجأين إلى ذكر الوجود في جمعية المعلمين واتحاد الطلبة والجمعيات التعاونية، وهي – كما تعلمين – مؤسسات شعبية منتخبة، ناهيك عن إغفالك ذكر أن معظم من تولى وزارة التربية وزراء، هم من التيار الليبرالي، وهم المتولون لشؤون التربية والتعليم والمناهج، وهم بشكل عام ربما سبب تراجع التربية والتعليم في الكويت، وهذا مربط الفرس، إنها أزمة فكر ومنهج لا يرى إلا نفسه ويُقصي ما عداه، ولا يحترم خيارات الناس إذا اختاروا غيره.
في حلقة الغد، سنتناول موضوع التحدي الثاني: كلام الشيخ سعود الناصر – رحمه الله – ومقابلاته مع بعض رموز التيار الإسلامي أثناء الغزو.