علي محمود خاجه

«فنيلة صدام»

كل من شهد تجربة الغزو العراقي للكويت عام 1990 لا بد أنه قد سمع الكثير من ادعاءات إعلام الدول المتحالفة لتحرير الكويت، لعل أكثرها انتشاراً هو قدرة الأقمار الصناعية على تحديد مكان البائد صدام حسين بل إمكانية تحديد رقم "فنيلته" أيضاً، ومع بدء الحرب الجوية لتحرير الكويت في يناير 1991 ثبت أن ادعاء إعلام التحالف باطل، خصوصاً بعد تفجير ملجأ العامرية الذي راح ضحيته مئات المدنيين من العراقيين، وهو ما أثبت عدم تمكن الأقمار الصناعية على فعل ما تدعيه. وبعد أكثر من 10 سنوات على تلك الحادثة فشلت مجدداً التكنولوجيا المزعومة في العثور على أسامة بن لادن رغم تجنيد كل الطاقات للبحث عنه، ولم يتوصلوا إلى مكان بن لادن إلا في عام 2011 عبر الوسائل التقليدية كالتحقيقات والاعتقالات، وهو الأمر نفسه الذي حدث مع صدام حسين الذي لم تتمكن تكنولوجيا العالم من القبض عليه بعد سقوط بغداد، ولم يستدل عليه إلا بوشاية أحد المقربين منه، والأمر نفسه يسقط على عزت الدوري الذي لا يزال حراً طليقاً رغم مرور عشر سنوات على حرب العراق، بل يظهر في تسجيلات مصورة بين الحين والآخر. وقد تجدد فشل التكنولوجيا مجدداً بعد اختفاء الطائرة الماليزية في 8 مارس الماضي دون تمكن وسائل التعقب من تحديد مكان طائرة بطول 63 متراً وارتفاع 18 متراً تقل 239 راكبا، بل إن التكنولوجيا المزعومة استسلمت للأمر الواقع، وأعلنت يوم أمس الأول أن الطائرة قد سقطت في أعماق المحيط الهندي، وأن ركابها باتوا في عداد الموتى! هكذا وببساطة يتكرر الفشل مرة تلو الأخرى لعل أقساها هو الفشل في العثور على الطائرة الماليزية، وهو ما يجعلني أعتقد جازماً أن ما يدعيه العالم من تقدم التكنولوجيا يفوق بمراحل ما هو فعلي وحقيقي، وهو ما يجعلني أشك في كل معلومة عن تقدم التكنولوجيا ما لم يكن هناك دليل ملموس على حدوثها. بعد كل تلك الشواهد وغيرها مما لا أعرفه أو لم أسرده لا بد من أن نعيد تقييم رؤيتنا لما نتلقاه إعلامياً من تطور التقنيات، فقد باءت كل الاختبارات الفعلية للتكنولوجيا بالفشل الذريع. ضمن نطاق التغطية: لا أعلم أمانة لماذا لم تتمكن التكنولوجيا في حادثة الطائرة الماليزية تحديداً من تحديد أماكن الهواتف الذكية للركاب على الأقل، على الرغم من أن الطائرة تحوي 100 هاتف ذكي على أقل تقدير. خارج نطاق التغطية: لا بد من تصنيف جميع مناطق جنوب السرة كمناطق منكوبة مع كل مؤتمر دولي يعقد في الكويت، فأن يصل سوء التخطيط إلى مستوى يجبر سكان تلك المناطق على طريق واحد مفتوح في فترة المؤتمرات هو أمر يعكس سوء الحال التي وصلنا إليها، علماً أن مناطق جنوب السرة تعد من أحدث المناطق السكنية في الكويت.

سامي النصف

الجمهوريات الملكية

إحدى البدع المدمرة التي شهدها القرن العشرون هي قيام الطغاة بتحويل دولهم الى جمهوريات ملكية عبر توريث الحكم للأبناء والاخوان، كما حدث بشكل رسمي في كوريا الشمالية وسورية وكوبا، وغير رسمي في العراق واليمن وليبيا ومصر وتونس وغيرها من دول حالت ثورات الربيع العربي دون استكمال مشاريع التوريث فيها.

***

ولا يخفى على احد ان الانجاز الحقيقي في التنمية والرفاه والتقدم القائم في المنطقة هو ما تم في دول الانظمة الملكية الممتدة من المغرب غربا الى دول الخليج شرقا مرورا بالاردن، كما ان عصر الانظمة الملكية في مصر والعراق وليبيا هو عهد الانجازات الحقيقية لتلك الدول، اما ماجاء بعدها فهو خراب شامل وتدمير كامل حتى لو تمت تغطيته بادعاء انتصارات وهمية خير منها.. الهزائم!

***

والمؤسف ان الانظمة الثورية العربية التي اصبحت القدوة السيئة في كيفية ادارة البلدان للعالم اجمع، قامت في منطقة هي الاقدم في خلق كيانات دول متقدمة منذ عهد الفراعنة في مصر والفينيقيين في الشام والبابليين في العراق، لذا على امتنا العربية ان تبتكر وتصدر للعالم انظمة متطورة للحكم يمكن ان يعمل بها بعد عام او ألف عام من الآن.

***

آخر محطة: (1) الديموقراطية هي كالدواء يأخذه المريض المتضرر بالجرعة المناسبة لحالته، فكما ان عدم اعطاء الدواء يضر فكذلك الحال مع الجرعة الزائدة من الدواء.

(2) وكما لا يصح ان تستخدم جرعة دواء واحدة لكل المرضى فلكل مريض جرعة تختلف عن الآخر والحال كذلك مع جرعة الديموقراطية فما قتل العراق الشقيق وقبله لبنان الا الجرعة الزائدة من الديموقراطية التي لم تمنح قبل ذلك للألمان واهل اليابان بعد الحرب الكونية الثانية بل تم التدرج حتى وصلوا الى ما وصلوا اليه الآن من تقدم وتطور وسلام اجتماعي.

– @salnesf

احمد الصراف

مؤامرة أبو رغيف

“>يقول الكاتب العراقي «مالوم أبو رغيف»: السياسة مشتقة من ساس يسوس اي يروض الخيل بأساليب وطرق تهدف الى اخضاعها وتغليب خنوعها على احتمالات هيجانها. أما سياسة أو politics بالإنكليزية فهي مشتقة من polis وتعني مدينة في اليونانية القديمة، وحاليا تعني فن إدارة المجتمعات المدنية، ثم اكتسبت مضامين اعمق وأصحبت تعني فن ادارة الشؤون العامة، ولكن المعنى العربي الإسلامي احتفظ بمدلوله ومعناه غير البعيد عن معنى ترويض الدواب، اذ ان قصد وهدف غالبية السياسيين هو التخلص من هيجان وجموح الشعوب وضمان خنوعها. واذا نظرنا للمشهد العربي بشكل عام، فلن نرى للسياسة وجها آخر غير ذلك الذي يربط السائس بالدواب.
ومناسبة هذا الحديث هو ما يكثر التطرق اليه من وجود مؤامرات تحاك ضدنا! فغزو صدام لإيران مؤامرة وغزوه للكويت مؤامرة، فإن كان ذلك الأهبل لم يتعلم من أول مؤامرة، فما هو ذنب من ضحك عليه، ولماذا تورط في المؤامرة الثانية؟ ولو نجح فرد في الضحك على شخص آخر المرة تلو الأخرى هل نقول ان في الأمر مؤامرة أم غباء؟ إذاً المسألة تتعلق بتواضع إمكانات بعض القيادات، وقلة حيلتنا ونقص معرفتنا، وسوء تدبيرنا لثرواتنا، وهذا عامل مشجع للآخرين للتخطيط الى الاستيلاء عليها، والدليل أن ايا من الدول «التآمرية» لم تفكر يوما في الاقتراب من النرويج مثلا، وهي دولة نفطية وصغيرة ومنعزلة ومتخمة باحتياطيات مالية هي الأكبر في العالم، والسبب هو علم ساستها وديموقراطية أنظمتها السياسية، واشتغال سياسييهم بفن إدارة المجتمعات، وليس بتسييس الدواب، والسيطرة على هيجانها! ولو افترضنا أن الربيع العربي كان برمته مؤامرة، والإطاحة بمبارك مؤامرة، وما أكده السفير الفرنسي السابق دوما من تآمر بريطانيا على تخريب سوريا قبل حربها الأهلية بعدة اشهر، لوجب علينا الافتراض أن ما صرح به أيضا يصب في مجرى المؤامرة. ولو قلنا ان كل الربيع العربي هدف لحماية إسرائيل، فما بالها، وكل حلفائها غير قادرين على تحقيق السلام بينها وبين الفلسطينيين؟ ولو آمنا بأن وصول الإخوان الى حكم مصر مؤامرة والانقلاب عليهم خلال سنة واحدة مؤامرة، نكون قد سخرنا من النظرية وبهدلناها. ولو قلنا ان وصول السيسي لرئاسة جمهورية مصر مؤامرة والانقلاب على رئيس وزراء ليبيا مؤامرة، وصياغة الدستور التونسي الجديد، الأفضل في البلاد العربية، هو مؤامرة فإن كتابة هذا المقال هو مؤامرة!
أنا لست هنا بصدد إلغاء النظرية أو إنكار وجود مخططات غربية تتعلق بالاستفادة من عجزنا، ولكن الأمر يتعلق قبلها بضعفنا أكثر من تعلقه بقوة أعدائنا.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com