نستكمل اليوم الرد على محاولتك إلصاق تهمة العنف بالإخوان المسلمين، مع أن هذا الملف لم يكن ضمن نقاط التحدي التي أثرتها في مقالتي، إلا أنك لم تجدي ما تبدعين فيه من خلط للأوراق الا هذا الموضوع، ومع هذا قبلت أنا ان اضيفه، لأن خصوم الاخوان لم يجدوا الا هذا الملف لتبرير استعمال سلطة الانقلاب في مصر للعنف والقتل ضد خصومهم!
* أعجب من حجم التجني الذي ساقته الأستاذة الفاضلة في مقالها عن تاريخ الإخوان في مصر، حينما ادعت أن من قتل أحمد ماهر باشا، رئيس وزراء مصر (اغتيل في 24 فبراير 1945)، هم الإخوان المسلمون، وكل الوقائع تثبت أن القاتل حسب الأوراق الرسمية كان ينتمي إلى الحزب الوطني، ويؤكد هذه المعلومات الأستاذ محسن محمد في كتابه «من قتل حسن البنا» (ص78)، الذي نقل عن عبدالعزيز علي ــ من قادة النضال السري في الحزب الوطني ــ ان محمود العيسوي من شباب الحزب الوطني، وتبين للنيابة أنه من شباب الحزب الوطني، ولقد قام بالدفاع عنه الأستاذ فتحي رضوان ــ زعيم الحزب الوطني الجديد ــ الذي اعترف بأن محمود العيسوي أحد أعضاء الحزب الوطني.
كما برأ وزير الخارجية الأسبق أحمد ماهر ــ حفيد أحمد ماهر باشا ــ جماعة الإخوان المسلمين من قتل جده، وقال في حوار لبرنامج القاهرة اليوم، رداً على مسلسل «الجماعة»: إن المسلسل نسب إلى الجماعة أعمالاً لم تكن لها يد فيها، موضحاً أن حادث اغتيال جده أحمد ماهر باشا نفّذه شاب من الحزب الوطني الجديد يدعى محمود العيسوي، لكن المسلسل قدم الشاب على أنه عضو بالجماعة. (جريدة اليوم السابع، الإثنين 27 سبتمبر 2010)، فهل عرفتِ سيدتي الفاضلة أين تكمن «عادة الكذب المتأصلة»؟!
* ثم تستشهد بحادثة اغتيال القاضي الخازندار، التي حدثت اثناء الاحتلال الانكليزي لمصر، الذي كان معظم شباب مصر يرون فيه سلطة باغية وظالمة للشعب المصري ومقدراته، وقد أثبت القاضي الخازندار تواطؤه مع المحتل الغاشم، حينما قال: «هؤلاء حلفاء موجودون هنا للدفاع عنا بموجب معاهدة الشرف والاستقلال»! مما أثار غضب بعض شباب الإخوان، الذين كانوا يرون في هذه المعاهدة ذلاً وخذلاناً! كما لهذا القاضي أحكام غريبة، فقد حكم على من اغتصب سبع فتيات وقتلهن بالسجن سبع سنوات، بينما حكم على من اعتدى على جنود الاحتلال الانكليزي بالسجن المؤبد! وقد أنكر الامام البنا فعلتهم، وقال كلمته المشهورة «ليس كل من حكم بما لا تشتهون تقتلونه»!
* وكما يفعل قادة الانقلاب اليوم في مصر بتحميل الإخوان كل خطايا استبدادهم وفسادهم، فلا عجب أن نجد من تأثروا بخطابهم من اتهام الإخوان باغتيال النقراشي باشا رئيس وزراء مصر في 28 ديسمبر 1948، وغيبوا عنا حقائق الأحداث التي صاحبت تلك الحقبة من خضوع النقراشي لأوامر الانكليز، التي أدت الى نكسة الجيش المصري في حربه ضد اليهود عام 1948، وطريقة تعامله مع كتائب الإخوان المتطوعين للقتال في فلسطين، الذين أبلوا بلاء حسناً بشهادة موشيه دايان، ثم كان جزاؤهم المعتقلات والتعذيب بدلاً من حسن الاستقبال والتكريم! ثم تم حل الجماعة في 8 ديسمبر، ومصادرة اموالها وسجن جميع قياداتها، مما أوجد فراغا لدى الشباب المشحون غضبا في ظل أوضاع الاحتلال الانكليزي، فتهور شاب رأى في فعل النقراشي خيانة للوطن فقتله، وعلق الامام البنا بقوله «كيف تتحمّل الجماعة وزر هذا الحادث، وهي غير موجودة بحكم القانون، ولا تستطيع محاسبة أفرادها»؟! وكانت النتيجة المتوقعة اغتيال الإمام الشهيد في وسط أكبر شوارع القاهرة في 12 فبراير 1949! وسؤالي للأخت الفاضلة: هل يجوز اعتبار جورج حبش ونايف حواتمة، اللذين مارسا الاغتيال السياسي والعسكري في نضالهما ضد اليهود أنهما من تيار متطرف؟! يقول الزميل عبداللطيف الدعيج، زميلك في تيار الطليعة، «فتهمة التفجيرات التي ثبتت بحقنا ولله الحمد هي إكليل غار وتاج على رؤوسنا حملناه، وسوف نظل نحمله ونباهي به القريب قبل البعيد، لأن زرع القنابل أو زرع القلاقل حق مشروع للقوى مسلوبة الإرادة والقوى المحرومة من حق التعبير والاختيار»، القبس 22 مارس 1993.
في الجزء الرابع والأخير سنكمل بإذن الله الرد على مغالطات الزميلة الفاضلة.