طفت أزمة الكويت على الساحة الدولية صيف ١٩٦١، كانت أزمة نادرة، نتج عنها تأسيس قواعد حاكمة في النظام الدولي تجاوزت الكويت وأزمتها.
في الحقبة ذاتها، وتحديداً في أكتوبر ١٩٦٢ طغت على المنظومة الدولية أزمة أكثر حدة، وهي أزمة الصواريخ “الكوبية” بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، كادت تقود إلى حرب عالمية ثالثة، إلا أنها ظلت محصورة بين القطبين الكبيرين، ولم يقحم مجلس الأمن فيها، بل تم حلها من خلال تسويات ثنائية.
بدأت معركة الأمم المتحدة بالدعوة إلى عقد مجلس الأمن في ٢ يوليو ١٩٦١ بموجب شكوى من الكويت بتهديد العراق لها. وحيث إن الكويت لم تصبح عضواً في الأمم المتحدة بعد، فقد تبنت بريطانيا تلك الشكوى.
وفي المقابل، تقدم العراق بشكوى مماثلة ضد بريطانيا، بحجة أنها تشكل تهديداً مسلحاً لأمن للعراق. ورفض مندوب العراق شكوى الكويت، لأنه – وفق رأيه – “لا يمكن أن ينشأ نزاع دولي بين العراق والكويت، لأن الأخيرة جزء لا يتجزأ من الجمهورية العراقية”. وبالتالي كانت الجولة الأولى عنيفة وقاسية بحق الكويت.
وللتعامل مع تلك “الحالة”، كما تم وصفها، تقدمت بريطانيا ومصر (لكونها عضواً غير دائم بمجلس الأمن)، كل على حدة بمشروعين، تضمن مشروع بريطانيا البنود التالية:
١- احترام استقلال الكويت وسلامة أراضيها.
٢- حث من يعنيهم الأمر على العمل من أجل السلام.
٣- وضع الحالة الراهنة تحت المراجعة.
أما مشروع مصر فتضمن التالي:
١- تأييد استقلال الكويت. ٢- انسحاب القوات البريطانية من الكويت فوراً.
٣-التأكد من عدم قيام العراق بأي يعمل قد يهدد أمن وسلامة المنطقة.
سقط المشروع البريطاني بسبب “فيتو” سوفياتي، رغم نيله تأييد أغلب أعضاء المجلس، واتخذ الاتحاد السوفياتي ذلك الموقف استجابة للضغط العراقي، كما أعلن أن الكويت دولة محتلة من القوات البريطانية، ولا يمكن اعتبارها دولة مستقلة. بينما سقط مشروع مصر لعدم نيله الحد الأدنى من الأصوات الإيجابية اللازمة وهو ٧ أصوات، وكان عدد أعضاء مجلس الأمن حينذاك ١١ عضواً لا ١٥ كما هي الحال الآن.
وصل رئيس الوفد الكويتي عبدالعزيز حسين، من جنيف، وشارك في الجلستين الأخيرتين وتعرضت مشاركته لانتقاد حاد من المندوبين العراقي والسوفياتي وموافقة من بقية الأعضاء.
عقد حسين مؤتمراً صحافياً في ٦ يوليو، وأعلن أن الكويت لن تطلب انسحاب القوات البريطانية إلا إذا حصلت على ضمان بقبولها عضواً في الأمم المتحدة، وسحب الحكومة العراقية تهديداتها بضم الكويت لها. وأعلن أنه سلم الأمين العام للأمم المتحدة، داغ همرشولد، رسمياً، طلب انضمام الكويت لعضوية الأمم المتحدة، وأنه يتوقع قبول الكويت عضواً في الجامعة العربية الأربعاء المقبل، بعد اعتراف الدول العربية كافة، ماعدا العراق، باستقلال الكويت، وأعرب عن أسفه لتقديم الكويت شكوى لمجلس الأمن ضد عدوان يهدد السلام، وأن هذا التهديد جاء من شعب شقيق يكن له كل ود وتقدير. لم يتخذ مجلس الأمن قراراً، بل ظل الأمر معلقاً، فكانت تلك الخسارة الأولى، ولكنها لم تكن الأخيرة، كما سنرى.