واخيرا، وبعد انتظار دام عشرات السنين، تحركت جرافات النظام، لتزيل واحداً من اكثر التعديات شيوعا، واصعبها على الازالة، وهو الديوانيات المخالفة. وفي اليوم نفسه، تحركت فرق الازالة التابعة لهيئة الزراعة لتزيل عددا كبيرا آخر من تجاوزات الزرائب والمزارع في كبد والصليبية وغيرهما.
وسبق ان ورد في الصحف ان هيئة الزراعة احالت الى النيابة العامة 4 موظفين يعملون لديها اثر اكتشاف حالات تزوير في شهادات تحصين الاغنام! لو ورد مثل هذا الخبر في اية وسيلة اعلام غير كويتية لاعتقد القارئ ان الاحالة الى النيابة جاءت على خلفية الاهتمام بصحة مواطني الدولة وضيوفها وزائريها، الا ان الخبر في الكويت يعني شيئا آخر تماما!
فهؤلاء الموظفون قاموا باستخراج شهادات رسمية تثبت تطعيم عدد من الاغنام تطعيماً وقائياً ضد امراض وبائية تصيب الحيوان، وقد تنتقل امراضه للانسان، وحيث ان شهادات التطعيم المزورة تتعلق باغنام غير موجودة، فلم الاحالة إلى النيابة اذاً؟
القصة ببساطة تتعلق بعملية اثراء غير مشروع برع فيها الكثيرون وساعدتهم الحكومة علنا وجهرا في ذلك وتحت سمع وبصر جميع اعضاء مجلس الامة منذ منتصف الثمانينات وحتى الامس القريب من دون ان يحاول احد منهم وقف هذه السرقات العلنية، لا بل استمروا جميعا اثناءها في اداء كل واجباتهم الدينية من دون تردد او تأنيب ضمير، وكأن المال العام مال خاص بكافر!
شهادات التحصين هذه سمحت لفئة من المواطنين «الشرفاء» تجديد عقود استئجار، او حقيقةً تملك، زرائبهم من الدولة، وبالتالي اصبح في امكانهم الحصول على كميات كبيرة من الاعلاف المدعومة وبيعها بربح جزيل في السوق السوداء. كما ان الشهادات «التافهة القيمة» هذه ساعدتهم على تأجير زرائبهم للغير بمبالغ تزيد على 12 الف دينار سنويا للالف متر، مقابل دفع مائة دينار للحكومة، علما بأن مساحة غالبية الزرائب لا تقل عن 5 آلاف متر!!
كما سهلت شهادات التطعيم هذه لحامليها جلب ما لا يقل عن عشرة «بنغلادشيين» ورميهم في الشارع من دون عمل، ليعيثوا في الكويت فسادا، مقابل مبالغ تتراوح بين 600 والف دينار للرأس الواحد!! هذا غيض من فيض مما يمكن لمثل هذه الشهادات المزورة دره على اصحابها، فهل ستنتهي هذه القصة على خير؟ اشك في ذلك!
ملاحظة(1): وبمناسبة الحديث عن الخراف، وعلى ذمة الزميلة ليلى العثمان، انها استمعت إلى فتوى رجل دين حرم فيها لحم خروف شاهده صاحبه يأكل جريدة تحمل كلمات دينية!!
ونقول ان الشرهة (الحق) ليس على المفتي ولا طالب الفتوى ولا حتى على الخروف المسكين، بل على نظامنا التعليمي.
• ملاحظة(2): سنتغيب عن الرطوبة السياسية والغبار النفسي عشرة أيام خارج الكويت، بعد ان قمنا بتزويد الزاوية بما يكفي من مؤونة.
أحمد الصراف
[email protected]